نجل بوضياف يزج بملف اغتيال والده في أزمة رموز الجيش الجزائري
كشف نجل رئيس الدولة الجزائري الراحل، ناصر بوضياف، عن إيداع شكوى قضائية أمام العدالة الجزائرية مطلع شهر سبتمبر القادم، ضد كل من الجنرالات الأربعة؛ خالد نزار، محمد مدين، العربي بلخير وعبد المالك قنايزية، فضلا عن الرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتران، بتهمة الضلوع في قضية اغتيال والده.
واعتبرت الخطوة التي تتزامن مع تصاعد الخلافات بين رموز العسكر في الجزائر على أنها زج بقضية والده في تلك الأزمة التي احتدمت مؤخرا بعد دعوة الجنرال نزار للمؤسسة العسكرية إلى التمرد على رئيس الأركان الجنرال أحمد قايد صالح. وجاءت دعوة نزار بعد أن أصدر القضاء مذكرة إيقاف في حقه بتهمة ارتكاب جرائم فساد.
وهاجم نزار بقوة القيادة العسكرية الحالية، متهما إياها بتوظيف الرصيد التاريخي من أجل الهيمنة على المؤسسة العسكرية، واللعب على أوتار الوطنية وثورة التحرير لمخادعة الشارع الجزائري، بدل التوجه إلى إرساء قواعد الاحترافية والتشبيب وتسليم المشعل للأجيال الجديدة.
ويتواجد من بين الجنرالات الأربعة الذين اتهمهم بوضياف الابن، اثنان على قيد الحياة وهما وزير الدفاع السابق الفار في إسبانيا خالد نزار، والمدير السابق لجهاز الاستخبارات المتواجد في سجن البليدة محمد مدين (توفيق) ، بينما توفي مدير ديوان الرئاسة السابق العربي بلخير، ونائب وزير الدفاع عبدالمالك قنايزية.
واتهم ناصر بوضياف، الذي سبق أن عبر عن نيته في الترشح للانتخابات الرئاسية الملغاة، الشخصيات المذكورة بالضلوع في التخطيط وتنفيذ عملية اغتياله في وضح النهار.
وأوضح في منشور على حسابه الرسمي في الفيسبوك، بأن “قضية والده ستعود إلى الواجهة مجددا ضد رؤوس كبيرة بالجزائر في شهر سبتمبر المقبل، وأن السبب الذي جعله يتأخر في إيداع الشكوى هو تحضير ملف الاغتيال كاملا”.
وأضاف “المتهمان الرئيسيان في القضية هما وزير الدفاع الأسبق خالد نزار، وقائد المخابرات السابق محمد مدين، المدعو (توفيق)، وأوجه تهمة الاغتيال لخالد نزار، لأنه كان وزير الدفاع في ذلك الوقت وعضو المجلس الأعلى للدولة، وهو من عمل على إقناع بوضياف بالعودة من منفاه في المغرب وتولي شؤون رئاسة الدولة”.
وتابع “وأضع الجنرال توفيق في درجة الاتهام ذاتها، فقد كان الرجل يقود جهاز المخابرات آنذاك، ويوجد هو الآخر في السجن العسكري اليوم بتهمة التآمر على الجيش والمساس بالنظام العام، كما أعتقد بضلوع أربعة من الضباط الكبار في اغتيال والدي، وتوفي منهم الجنرال العربي بلخير رئيس ديوان الرئاسة، والجنرال عبدالمالك قنايزية الذي شغل لسنوات منصب نائب وزير الدفاع، في حين لا يزال نزار وتوفيق على قيد الحياة”.
ولا يزال الغموض يكتنف ظروف وملابسات مقتل رئيس الدولة الجزائري السابق محمد بوضياف، لأن نتائج التحقيق التي أفضت إلى إلصاق التهمة في الملازم بومعرافي لمبارك، لا تزال الشكوك تلفها، خاصة في ما يتعلق بفرضية ضلوع أو تقصير الأجهزة الأمنية في حماية الرجل.
ويذكر عن الملازم المحكوم عليه بالسجن المؤبد أنه “نفذ العملية انتقاما من الرجل بسبب زجه بآلاف الإسلاميين في معتقلات الصحراء”، في إطار ما عرف آنذاك بحملة توقيف أنصار ومناضلي جبهة الإنقاذ الإسلامية في معتقلات بجنوب البلاد.
وأمام التسويف الممنهج من طرف القضاء خلال السنوات الماضية في التعاطي مع شكاوى عائلة بوضياف، شدد نجل بوضياف في منشوره على أن “العدالة ليس من حقها اليوم أن تماطل في إعادة فتح الملف، وإلا سأعتبرها متواطئة في هذه الجريمة الكبيرة التي أطفأت واحدا من رجالات الصف الأول في الثورة التحريرية ضد المستعمر الفرنسي، كما أنني مقتنع بأن الجريمة نفذها هؤلاء المسؤولون العسكريون، بمباركة من الرئيس الفرنسي الأسبق فرنسوا ميتران الذي أعطى الضوء الأخضر لذلك”.
ولا يزال الرجل يعتبر مقتل والده “جريمة سياسية بامتياز، وذلك بسبب مشروعه الذي أراد من خلاله وضع حزب جبهة التحرير الوطني، في المتحف لكونه الوحيد الذي كان يملك شرعية، ذلك باعتباره من مؤسسيه، وكذلك عمله على إعادة الجيش إلى الثكنات وإبعاده عن السياسة وهو ما لم يرق لمن كانوا في الحكم في ذلك الوقت، وأن فرضية الفعل المعزول التي يتحدث عنها المسؤولون الجزائريون هي مجرد كذبة”.
ويعتبر رئيس الدولة الراحل محمد بوضياف، واحدا من النواة الأساسية التي فجرت ثورة التحرير الجزائرية (1954 – 1962)، قبل أن يدخل في خلافات مع سلطة الاستقلال، ويضطر إلى مغادرة بلاده نحو المغرب الذي أقام فيه سنوات طويلة، قبل أن يقرر العودة إلى رئاسة الدولة، إثر دخول الجزائر في أزمة سياسية وأمنية في أعقاب تدخل الجيش لإلغاء المسار الانتخابي الذي استحوذ عليه الإسلاميون في مطلع تسعينات القرن الماضي.
ويستند ناصر بوضياف في قناعته على تصريحات سياسية لكل من الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني، ووزير الشؤون الدينية والأوقاف الأسبق بوعبدالله غلام الله، حيث اتهم الأول مدير الاستخبارات السابق توفيق بالضلوع في اغتيال الرجل أو التقصير في حمايته، أما الثاني فقد نقل عنه قوله “من أتوا ببوضياف هم من نكبوه”.