المغرب ينتظر مكاسب منطقة التجارة الأفريقية الحرة

تتوقع الحكومة المغربية قفزة كبيرة في التبادل التجاري مع دخول منطقة التجارة الحرة الأفريقية حيز التنفيذ. ويقول محللون إن المغرب سيكون من أكبر المستفيدين بسبب استثماراته الكبيرة مع دول أفريقيا ودوره المحوري كبوابة لدخول الاستثمارات الأجنبية إليها.

قال المركز المغربي للظرفية الاقتصادية إنه يتوقع أن يقفز التبادل التجاري مع الدول الأفريقية خلال عام واحد إلى 16 بالمئة من إجمالي التبادل التجاري للبلاد من نحو 5.4 بالمئة حاليا مع بدء تطبيق اتفاقية التبادل الحر القارية المعروفة اختصارا بـ”زليكا”.

وذكر المركز في تقرير جديد أن إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية، الشهر الماضي، هو بمثابة تتويج لمفاوضات طويلة تعكس الرغبة في العمل من أجل تكامل المنطقة الاقتصادية للقارة.

وأشار إلى أن المغرب من خلال العديد من المبادرات الموجهة للدول المجاورة في جنوب الصحراء الكبرى، سار مبكرا في هذا الاتجاه الذي يغذي الأمل في ظهور أقطاب جديدة للنمو والازدهار مربحة للجميع.

وأكد وزير الاقتصاد والمالية محمد بنشعبون، أن المغرب واثق من إمكانية زيادة حجم المبادلات التجارية في القارة الأفريقية، وكذلك في التنمية المشتركة لمختلف القطاعات.

وسجلت المبادلات التجارية بين المغرب وأفريقيا خلال الفترة الممتدة بين 2007 و2017 ارتفاعا سنويا بلغ في المتوسط 5 بالمئة، لتصل في عام 2017 إلى نحو 3.86 مليار دولار، وفقا للتقرير الاقتصادي والمالي المرافق لمشروع قانون المالية لسنة 2019.

وقال تقرير المركز المغربي للظرفية الاقتصادية، إن إنشاء منطقة التجارة الحرة الأفريقية سيُساهم في تقوية التحفيزات التنافسية، مع إمكانية اختراق الأسواق الأفريقية بأسعار تنافسية نتيجة لإزالة الحواجز الجمركية وانخفاض تكلفة توريد المواد الأولية.

60 بالمئة من استثمارات المغرب الخارجية ذهبت إلى أفريقيا في السنوات الماضية

وتعد أفريقيا وجهة للاستثمارات المغربية المباشرة، حيث بلغت حصتها نحو 60 بالمئة من إجمالي استثمارات المغرب الخارجية بين 2003 و2017، وبلغ مجموعها أكثر من 3.8 مليار دولار خلال تلك الفترة، وتركزت في بلدان غرب أفريقيا.

وتسعى اتفاقية المنطقة الحرة إلى تنظيم حركة تبادل السلع بين الدول الأعضاء وتعزيز التجارة البينية وإزالة الحواجز الجمركية بين دولها، وتسهيل عملية انتقال السلع والبضائع والاستثمارات بهدف الوصول إلى السوق الأفريقية المشتركة.

وقال بنشعبون إن الاتفاقية ستفسح لنا المجال لتسريع ما تم القيام به من قبل كل بلد على حدة، وسوف تعزز المبادلات داخل القارة الأفريقية على جميع الأصعدة، مما يتيح زيادة معدلات النمو لدى الدول المعنية”.

ولم تتجاوز التجارة البينية بين الدول الأفريقية في عام 2017 نحو 17 بالمئة فقط مقابل 59 بالمئة بين الدول الآسيوية و69 بالمئة في أوروبا، وهو يعني أن هناك آفاقا واسعة لنمو التجارة البينية الأفريقية.

ومن المقرر أن تلغي منطقة التجارة الحرة الأفريقية التعريفة الجمركية تدريجيا على التجارة بين بلدان القارة، ويأمل مسؤولون أفارقة أن ينجحوا في تخفيض الجمارك بنسبة 15 – 25 بالمئة على المدى المتوسط، بما يساهم في زيادة التجارة البينية بين دول القارة الأفريقية.

تتركز الصادرات المغربية نحو أفريقيا أساسا في الأسمدة الفوسفاتية والمنتجات الغذائية بنسبة 24 بالمئة، ومواد الاستهلاك النهائية 14 بالمئة، والمواد النهائية للتجهيز الصناعي بنحو 11 بالمئة.

أما الواردات المغربية من القارة الأفريقية فهي تتكون أساسا من الوقود والطاقة بنسبة 37 بالمئة والمواد الأولية 20 بالمئة، والمنتجات الغذائية والمشروبات والتبغ بنحو 18 بالمئة.

وتأتي إثيوبيا في صدارة المستوردين الأفارقة من المغرب حيث تستأثر بنسبة 11 بالمئة من صادرات المغرب إلى القارة، تليها الجزائر في المرتبة الثانية بنحو 9 بالمئة، والسنغال ثالثة بنسبة 8 بالمئة ثم نيجيريا وساحل العاج بنحو 7 بالمئة لكل منهما.

محمد بنشعبون: الاتفاقية ستعزز المبادلات داخل القارة الأفريقية على جميع الأصعدة
محمد بنشعبون: الاتفاقية ستعزز المبادلات داخل القارة الأفريقية على جميع الأصعدة

وينتشر نشاط الشركات المغربية بشكل متسارع في الأسواق الأفريقية من خلال القطاع المصرفي والأشغال العمومية والسياحة والاتصالات والزراعة والأسمدة. ويساهم ذلك في تعزيز حجم المبادلات مع دول غرب أفريقيا، إلى جانب الاتفاقيات المبرمة مع عدد من الدول منها نيجيريا وزامبيا وإثيوبيا.

ويعكس تنامي المبادلات التجارية بين المغرب ودول أفريقيا، توجه الدولة المغربية الاستراتيجي نحو تقوية الاستثمار في كافة القطاعات وخاصة القطاع المصرفي والاتصالات والزراعة إلى جانب تنويع التبادلات التجارية.

ويتوقع اقتصاديون أن الاستمرار في هذا المنحى التصاعدي يمكن أن يتسع بشكل كبير من خلال تطوير خطوط الربط الجوي والبحري بين المغرب وأفريقيا.

وتقول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (سيدياو) إن الاتفاق على إنشاء خط أنبوب الغاز الذي يمتد من نيجيريا إلى المغرب مرورا بمعظم دول غرب أفريقيا سيساهم في بلوغ أهداف الاندماج وتسريع التنمية الاقتصادية، التي تتابعها المجموعة من خلال تعزيز المقومات الاقتصادية.

وأكد الرئيس التنفيذي لمؤسسة النفط الوطنية النيجيرية ميلي كياري، الأهمية الاستراتيجية تجاريا واقتصاديا لخط أنبوب الغاز، الذي سيعزز التنمية الاقتصادية في نيجيريا والمغرب وجميع بلدان غرب أفريقيا.

وشدد اجتماع لجنة قيادة خط أنبوب الغاز نيجيريا/المغرب الأسبوع الماضي، على أن هذا المشروع الاستراتيجي يسعى لتعزيز الاندماج الإقليمي لغرب أفريقيا، وتوصيل الغاز للسكان والوحدات الصناعية وسيمكن من تسريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية لسكان تلك الدول.

ويقول محللون إن انفتاح الأسواق الأفريقية بلا حواجز أمام الصادرات المغربية سيعزز وتيرة النمو المتسارع في قطاعات صناعية كثيرة في المغرب مثل صناعة السيارات والطيران والإلكترونيات.

كما سيعزز الانفتاح جذب الاستثمارات الأجنبية في المغرب التي تسعى من خلاله إلى دخول أسواق الدول الأفريقية، بفضل تقدم التشريعات والمناخ الاقتصادي في المغرب مقارنة بمعظم الدول الأفريقية.

ومن المتوقع أن يساهم حضور المصارف المغربية الكثيف في البلدان الأفريقية من تسهيل إبرام وتمويل الصفقات التجارية والاستثمارية بين المغرب وبقية الدول الأفريقية.

ويقول محللون إن المغرب أصبح شريكا أساسيا لا غنى عنه لجميع القوى الاقتصادية للاستثمار في الفرص الواحدة في قارة أفريقيا.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: