انتفاضة الماء والكهرباء تفاقم الغضب الاجتماعي في الجزائر
تحولت إجازة عيد الأضحى في الجزائر إلى وبال حقيقي على الحكومة، نتيجة موجة الاحتجاجات الاجتماعية التي اشتعلت في مدن ومحافظات عديدة، بسبب تردي خدمات التزود بالكهرباء والماء، لتزيد بذلك من حالة الاحتقان السائد في البلاد، وتثير المزيد من الاستفهامات التي طرحت بقوة حول خلفيات تردي الخدمات الحكومية وعلاقتها بالوضع السياسي القائم.
وأقدم سكان بلدية عين الخضراء في محافظة المسيلة (200 كلم جنوبي العاصمة)، على شل الحركة في مدينتهم احتجاجا على تردي الخدمات الصحية، وتجاهل السلطات الوصية لمطالبهم المرفوعة باستمرار، وقام هؤلاء بغلق كل المقار الحكومية المحلية وحتى الأنشطة التجارية والطرقات الوطنية المؤدية إلى محافظات أخرى كسطيف وباتنة، من أجل الضغط على المسؤولين للاستجابة لانشغالاتهم.
وجاءت احتجاجات نهار أمس الخميس، في سياق موجة غضب اجتماعي تجتاح الكثير من مدن ومحافظات البلاد، بالموازاة مع إجازة عيد الأضحى، كنتيجة على تردي الخدمات العمومية في مجالات التزود بالماء والكهرباء والصحة، وكإسقاط مباشر للهشاشة التي تعرفها مؤسسات الدولة في هرم السلطة على المؤسسات المحلية، حيث تعيش البلاد حالة من الشلل والتفكك.
وفيما عاد الهدوء الحذر لبعض المدن والبلدات التي اشتعلت منذ اليوم الأول للعيد، انتقلت عدوى الاحتجاجات الاجتماعية كالنار في الهشيم خلال الساعات الأخيرة، فبعد انتفاضة سكان مدينة أدرار بجنوب البلاد ضد تردي خدمة التزود بالكهرباء، انتقلت الخميس إلى محافظة المسيلة، ولا يستبعد اشتعال الفتيل في مناطق أخرى، لتشابه الوضع الاجتماعي والخدماتي في عموم ربوع البلاد.
ونقل شهود عيان ، في مدينة الأخضرية بمحافظة البويرة (120 كلم شرقي العاصمة)، أن العشرات من المحتجين قاموا بشلّ الحركة في الطريق السيار الرابط بين شرق وغرب البلاد، في ثالث أيام العيد، تنديدا بقطع خدمة المياه وعدم اهتمام المسؤولين المحليين بانشغالات وشكاوى المواطنين، وهو ما أدى إلى حالة اكتظاظ غير مسبوقة في الطريق المذكور، وإلى تسجيل معاناة حقيقية في صفوف المسافرين.
وتصاعدت وتيرة الاحتجاجات الاجتماعية خلال الأسابيع الأخيرة، بشكل يثير الاستفهامات حول الأسباب والخلفيات الحقيقية للمحرك الحقيقي لها، فبعد موجة الحرائق المثيرة التي التهمت أكثر من 30 ألف هكتار في ظرف قياسي في مناطق معينة، جاءت احتجاجات الماء والكهرباء، مما يطرح فرضية الفاعل الذي يستهدف أجندة معينة.
ويرى متابعون لوتيرة الحراك الاجتماعي في الجزائر، بأن تفاقم الاحتجاجات خلال الأسابيع الأخيرة، لا تستبعد منه فرضية دفع الوضع الداخلي إلى الفوضى والانزلاقات التي تبرر قرارات سياسية وأمنية، في ظل فشل مخططات سلطة الأمر الواقع في احتواء الحراك الشعبي والحد من تصعيد المطالب السياسية، وأن الذهاب إلى حالة أمنية استثنائية للتحكم في الاحتجاجات سيكون الهدف من تقويض ثورة الشارع.
وفي المقابل ذهبت قراءات أخرى، إلى أن سلطة الأمر الواقع بقيادة المؤسسة العسكرية، معرضة لثورة مضادة من طرف فلول نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، وأن الخلايا الموالية لرموز السلطة المسجونين في البليدة والحراش، قد بدأت تتحرك في بعض المواقع لتأليب الشارع ضد السلطة القائمة.