برامج التنمية في الصحراء المغربية تستفز البوليساريو
لم تستسغ جبهة البوليساريو الانفصالية إنشاء المغرب مركز مراقبة متقدما قرب المنطقة العازلة منزوعة السلاح بالكركارات، وذلك لمراقبة تحركات مافيات تهريب السلاح والمخدرات وتأمين التنقل السلس للأشخاص والبضائع، فأرسلت رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي تدعو من خلالها المنتظم الدولي إلى تحمل مسؤوليته، وحثت بعثة المينورسو على مراقبة الوضع عن كثب.
ويأتي تصعيد الجبهة الانفصالية ضمن سياق التوترات والاحتجاجات المشتعلة داخل مخيمات تندوف بالجزائر، إلى جانب إطلاق المغرب مخططا تنمويا لتأهيل معبر الكركارات الحدودي في سياق الزخم التنموي الكبير الذي تعيشه الأقاليم الجنوبية.
وخصصت الحكومة المغربية، في إطار دعم التنمية بالمنطقة، مبلغ 90 مليون درهم ضمن تمويلات مرصودة لمجلس جهة الداخلة – وادي الذهب ضمن برنامج التنمية الجهوية، من أجل إحداث مشروع سكني يضم 500 مسكن اجتماعي مساحته 80 مترا مربعا بمقر جماعة بئر كندوز التابعة لإقليم أوسرد.
ويعد موقع المشروع استراتيجيا إذ يقع بين مدينة الداخلة والنقطة الحدودية الكركارات. وكان الجزء الأول من أشغال إنشاء هذه الوحدات السكنية قد بدأ مطلع العام الحالي.
وتعول السلطات على إحداث مراكز صاعدة، ومنها مركز بئر كندوز، وذلك لتهيئة كل المنطقة القريبة من الكركارات، التابعة إداريا لإقليم أوسرد بجهة الداخلة – وادي الذهب، لدعم الطريق التجارية مع العمق الأفريقي.
وقد اتهم زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، إبراهيم غالي، المغرب بخرق بنود اتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة بين الجانبين في العام 1991.
واعتبر غالي أن الجبهة الانفصالية، تحتفظ بحقها المشروع في الرد على “الأعمال الاستفزازية”. وقال إنه “إذا لم يتم كبح جماح المغرب المتمثل في محاولته الجديدة لتغيير الوضع في المنطقة العازلة، الكركارات، فإن ذلك سيهدد الأمن والسلام في الإقليم، ويقوض عملية الأمم المتحدة الهشة للسلام في الصحراء”.
وتم تسجيل تحركات لعناصر مسلحة من جبهة البوليساريو، في يناير الماضي، بالقرب من معبر الكركارات الحدودي، تزامنا مع مرور رالي موناكو- داكار، في حين أن مجلس الأمن الدولي كان صريحا وواضحا في قراراته بهذا الشأن والتي تعتبر أن أي سلوك من هذا النوع هو بمثابة استفزاز وتهديد للاستقرار في المنطقة بصفة عامة.
وقال مراقبون إن البوليساريو دأبت على استفزازاتها المتتالية للمغرب بتجاوزات غير مشروعة في منطقة الكركارات وهو ما يعتبر خرقا لاتفاق 1991، إلى جانب تهديدات قيادة الجبهة الانفصالية بالعودة إلى السلاح ما يستوجب من المنتظم الدولي التحقيق في مدى جدية البوليساريو ومن يدعمها في الانخراط في العملية السياسية.
ويؤكد سمير بنيس، المحلل السياسي، أن المغرب يقدم حسن نواياه تجاه الأمم المتحدة الطرف الوحيد المخول له لعب دور الوساطة في هذا النزاع المفتعل. وأوضح أنه بعد عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي وتمكنه من ضمان دعم الغالبية العظمى من دول القارة لموقفه، فإن المعركة الأهم والفاصلة ستدور في الأمم المتحدة خلال الشهور والسنوات القادمة. وأكد بنيس أنه ينبغي الأخذ بعين الاعتبار أن البوليساريو تلوح منذ مدة بالخيار العسكري في ظل تعثر المسلسل الأممي.