ماذا بقي من الإسلام الذي تاجروا وتلاعبوا به لعقود وعقود؟
“تصبح مسلماً عندما تأكل اللحم الحلال”. هذا التصريح لزعيم حزب الديمقراطي السويدي “مايكل أوهمان” في العام 2015 ، وقد اعتبر حينها أن اللحوم الحلال لديها قوةُ سحريةُ قادرة على تحويل الناس إلى مسلمين، وعليه طالب “أوهمان” بإصدار حظرٍ شاملٍ على هذه اللحوم زاعماً أن هذه الممارسة هي ضد قوانين حماية الحيوان في السويد.
تعتبر الشريعة الإسلامية أن هناك طريقة معيّنة يجب التقيّد بها عند ذبح الحيوان لكي يكون محللاً للأكل، ومن أهم شروط الذبح الحلال هو النطق بالبسملة قبل الشروع في الذبح وقطع الحلقوم بآلةٍ حادةٍ لكي ينساب الدم خارجاً دون أن تصل عملية الذبح إلى الحبل الشوكي، من باب تجنب التعذيب غير الضروري للذبيحة، خاصة أنها يجب أن تكون حيّة قبل الذبح.
هناك اتّجاه تم تكريسه في قانون الإتحاد الأوروبي، ينص على ضرورة صعق الحيوانات قبل قتلها وذلك لكي تكون فاقدة للوعي ولا تشعر بالألم الناجم عن عملية الذبح، إلا أن الذبح على الطريقة الإسلامية يحتم أن تكون الذبيحة على قيد الحياة.
غير أن هذه الطريقة الإسلامية في الذبح تثير جدلاً واسعاً في أوروبا، ففي حين أن البعض يرحب بالفكرة على أساس أنها فرض ديني “فإذا قتلتُمْ، فأحسِنوا القتلةَ، وإذا ذبحتُمْ، فأحسِنوا الذَّبحَ، وليحدَّ أحدُكُم شفرتَهُ، وليُرِحْ ذبيحتَهُ”، فإن البعض الآخر يعتبر أن هذه الممارسة تُسيء إلى الحيوانات كما أنها تقلل من جودة اللحوم.
على مدى السنوات الـ15 الماضية، برز العديد من الأسواق المخصصة لبيع اللحوم الحلال في بعض الدول الأوروبية، وبالرغم من أن عدداً كبيراً من المتاجر التي تحمل طابعاً عرقياً لا تزال منفذ البيع الرئيسي للحوم الحلال في معظم البلدان، إلا أن منتجات اللحوم التي تحمل شعار “حلال” تتوافر بشكلٍ متزايدٍ في السوبرماركت ومطاعم الوجبات السريعة، خاصة أن شعار “حلال” قادر وحده على توفير “الراحة النفسية” للمستهلكين الإسلام
إلا أن هذا الشعور بالراحة قد يكون في بعض الأحيان في غير محله، إذ أن توسع رقعة أسواق “الحلال” سهل عملية بروز مجموعاتٍ عديدةٍ لكل واحدةٍ منها إستراتيجياتها التسويقية وتفسيراتها الخاصة بمفهوم “الحلال”.
ومن الجودة وصولاً إلى الشق الأخلاقي، يحتدم الصراع بين المؤيدين والمعارضين على مسألة ما إذا كان الذبح الحلال هو أكثر أو أقل إنسانيةً من الممارسات الأخرى.
هذه الطريقة “تعيدكم إلى فكرة أنكم بشر مسؤولون عن أرض الله
ففي حين أن هناك بعض الآراء الصادرة على لسان نشطاء من حقوق الحيوان والتي تنتقد الطريقة الإسلامية للذبح على اعتبار أنها “قاسية” بحق الحيوانات وتسبب للذبيحة معاناة غير ضرورية، وبالتالي تدعو إلى حظر هذه الممارسة نهائياً، فإن الجهات الإسلامية تشدد على أن الذبح الحلال يتميز بكونه أكثر إنسانيةً من طريقة الذبح العادية. ولعلّ السؤال الأكثر إثارة للجدل في هذا الخصوص: هل تشعر هذه الحيوانات بالألم قبل ذبحها؟ في أوروبا، كان هناك اتّجاه تم تكريسه في قانون الإتحاد الأوروبي، ينص على ضرورة صعق الحيوانات قبل قتلها وذلك لكي تكون فاقدة للوعي ولا تشعر بالألم الناجم عن عملية الذبح، إلا أن الذبح على الطريقة الإسلامية يحتم أن تكون الذبيحة على قيد الحياة، وبالرغم من ذلك فإن الأصوات المؤيدة لا تعتقد أن هذه الممارسة تفتقر إلى الإنسانية، خاصة أن المسلمين يشددون على أن التقاليد الإسلامية تولي أهمية كبرى لرفاهية الحيوان، ليس فقط في لحظة موته بل في جميع مراحل حياته.
وفي هذا الصدد، لم نتمكن من استفسار الشيخ الطاهر التوجكاني رئيس المجلس العلمي بأوروبا عن شرعية القانون الذي طبقته بلجيكا و منعت من خلاله الذبح بدون الصعقة الكهربائية مما جعلنا نوجه سؤالنا ل “شجى شافي”، رئيس مجلس مسلمي بريطانيا و”جوناثان أركوش” الذي اعتبر أن الذبح على الطريقة الإسلامية هو على نفس قدرٍ من الإنسانية من الذبائح الأخرى، إذ أوضحا أن الطرق التقليدية الأخرى للذبح والتي تقوم على استخدام الغاز أو الصعقات الكهربائية تشلّ الحيوان فقط وتمنعه من الحركة:” إلا أنه من المستحيل معرفة ما إذا كان الحيوان يشعر بالألم أم لا”، على حدّ قولهما. غير أن الناشطين والمدافعين عن حقوق الحيوان يعترضون على الذبح على الطريقة الإسلامية، على اعتبار أنها تسبب للذبيحة معاناة لا لزوم لها، فالنشطاء في جمعية Gaia على سبيل المثال يصفون الذبح الحلال بـ”العذاب الطويل”، مشيرين إلى أن “هذه الحيوانات تصارع قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة لأنها تكافح من أجل الصمود في حين أن الدم ينبض من أعناقها”.