أمير قطر يحاول مع ترامب تطويق قضية تحريض شقيقه على القتل
سعى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في اتصال أجراه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب مساء الخميس إلى تطويق الاتهامات الموجهة إلى شقيقه الشيخ خالد بالتحريض على قتل واحتجاز أفراد، وهي القضية التي بدأت تأخذ أبعادا كبيرة في الولايات المتحدة وتثير إحراجا كبيرا للدوحة في علاقتها المهتزة بالبيت الأبيض.
يأتي هذا الاتصال بعد أيام قليلة من اتصال مماثل مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فيما باتت قطر في الخارج محاصرة بصورة الإمارة التي ترعى الإرهاب وتمول كيانات وأشخاصا مصنفين على القوائم السوداء في دول كبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، وهي الدول التي كان المسؤولون القطريون يلجأون إليها للهروب من تهم دعم الإرهاب التي تحاصرهم في محيطهم الإقليمي.
وقالت وكالة الأنباء القطرية إن أمير قطر أجرى اتصالا هاتفيا بالرئيس الأميركي دونالد ترامب الخميس لمناقشة “علاقات التعاون الاستراتيجية بين البلدين وآفاق تعزيزها وتطويرها، إضافة إلى أبرز مستجدات الأوضاع إقليميا ودوليا”.
وأضافت الوكالة أن الزعيمين ناقشا أيضا “تطورات محادثات السلام بين الولايات المتحدة وحركة طالبان الأفغانية، التي عقدت مؤخرا في الدوحة”.
وسعت وكالة الأنباء القطرية إلى سرد رواية مغايرة لمحتوى المكالمة الهاتفية مع ترامب والتي جاءت بمبادرة شخصية من الشيخ تميم كالقول إنها ناقشت وضع السلام في أفغانستان، فيما تقول أوساط دبلوماسية في العاصمة الأميركية إن المكالمة هدفت إلى إعطاء قضية شقيقه الشيخ خالد بعدا شخصيا، أي تحويلها إلى جريمة فردية، ومنع ربطها بالأسرة الحاكمة في الدوحة. لكن الأمر ليس بيد ترامب خاصة بعد أن أخذت القضية طريقها إلى القضاء الذي لا يمكن التأثير عليه بالضغوط والوساطات أو الأموال.
الكشف عن تورط قطر في دعم جماعات إسلامية متشددة تنشط في الغرب سيعمق من عزلة الدوحة دوليا وإقليميا
وكانت وسائل إعلام أميركية وبريطانية عدة، من بينها صحيفتا التايمز والديلي كولر، قد ذكرت أن الادعاء انتهى من التحقيقات بشأن القضية، وأن الأخ غير الشقيق لأمير قطر يحاكم الآن في كاليفورنيا بناء على دعوى مرفوعة في محكمة فيدرالية بتهم بينها محاولة لإجبار حارسه الشخصي، وهو أميركي، على قتل شخصين.
وقام الشيخ خالد باحتجاز طبيب من كاليفورنيا قال في دعواه إنه عمل كطبيب على مدار الساعة لدى شقيق أمير قطر كي يراقبه أثناء فترات شربه الكحول، مشيرا إلى أن الأخير أمر باحتجازه في مجمع سكني، وقام بتهديده بالسلاح، فاضطر في نهاية المطاف إلى القفز من سور ارتفاعه 18 قدما كي يهرب.
وقال مراقبون إن الوكالة القطرية سعت لإظهار أن الاتصال الهاتفي كان مرتبطا بالقضايا الإقليمية، وخاصة السلام في أفغانستان بعد الاجتماع الأخير في الدوحة، وإن وراء إبراز موضوع أفغانستان إيحاء بأن قطر، التي خدمت الولايات المتحدة على أكثر من ملف إقليمي سواء بترويض حركة طالبان أو جماعات إسلامية متشددة أخرى، يمكنها أن تنتظر هدية مقابل ذلك من الولايات المتحدة وقد تكون هذه الهدية ممارسة ضغوط إما لتعويم القضية ضد شقيق الشيخ تميم وإما على الأقل منع استثمارها في الإساءة إلى العائلة المالكة في قطر التي باتت تثار حولها الكثير من القضايا في الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة.
وكان أمير قطر زار واشنطن في يوليو الماضي في زيارة أثارت الكثير من التساؤلات وتعهد بضخ استثمارات وأطلق وعودا كبرى مثل توسيع قاعدة العديد العسكرية الأميركية في قطر على نفقة الدوحة وشراء طائرات بوينغ ومضاعفة الاستثمارات البالغة 185 مليار دولار، لكنه لم يحصل على أي مقابل من إدارة ترامب.
ولا تشفع سياسة ضخ الاستثمارات الكبرى ودون حساب، وعروض الخدمات السياسية على واشنطن مثل ترويض طالبان أو الفروع الإخوانية والجماعات القريبة منها في ليبيا وسوريا وتونس ومصر واليمن، للدوحة لدى المسؤولين في البيت الأبيض سواء لتسوية قضية شقيق الأمير، أو التدخل لدى دول المقاطعة العربية للتخفيف عن الإمارة التي تستعد لكأس العالم 2022 دون أن تكون قادرة على توفير الخدمات الضرورية لزائريها، وقد كانت تراهن في السابق على دور خليجي جماعي في إنجاحه قبل أن تبدأ أزمتها منذ أكثر من عامين.
كما أن الهرولة نحو واشنطن لم تمكن الدوحة من تغيير ملامح الصورة التي ارتبطت بها كراعية للإرهاب، وعلى العكس تماما، فقد تعمقت هذه الصورة من خلال قضايا باتت مثار نظر القضاء في بريطانيا حول تحويل بنوك تابعة لقطر أموالا لفائدة منظمات متشددة في بريطانيا والولايات المتحدة أو سوريا، وهو ما يتلاقى مع ملفات سابقة قدمتها دول المقاطعة الأربع.
ومنذ أيام سلطت صحيفة التايمز البريطانية الأضواء على تورط بنك الريان المملوك لقطر في تقديم خدمات مالية لمنظمات مرتبطة بـ”جماعات متشددة” في المملكة المتحدة.
وأوردت الصحيفة أن عددا من زبائن مصرف الريان القطري تم تجميد حساباتهم في بنوك غربية أخرى، في إطار حملات أمنية ضد الإرهاب.
كما كشفت وثائق قضائية في المحكمة البريطانية العليا أن بنك الدوحة القطري في لندن قام بتحويل مبالغ كبيرة إلى جبهة النصرة المصنفة دوليا كجماعة إرهابية.
وتحاصر صورة الإمارة الراعية للإرهاب أنشطة قطر وتحركاتها الخارجية، وهو ما يجعلها مثار شكوك حتى من “الأصدقاء” الذين تغدق عليهم بلا حساب.