بدائل الغرب لاتوقف مخاطر إيران في مضيق هرمز وباب المندب

تحالفات عسكرية تضخم حجم طهران في تأمين سلامة الملاحة الدولية بالمنطقة

تطرح أزمة المضائق التي تتسلح بها إيران بغية الوصول إلى أهداف معينة من أهمها تقليل الضغط الدولي عليها بفرضها المضائق كشرايين اقتصادية حيوية في لعبتها السياسية، عدة استفسارات حول البدائل التي يطرحها الغرب بشأن هذه الأزمة الحقيقية، ففي الوقت الذي تعتبر فيه بعض الأطراف أن البحث عن مسالك أخرى لتصدير النفط هي نقطة هامة بعد تضافر الجهود الدولية لتنفيذ هذه الخطة، يذهب البعض الآخر إلى اعتبار أن الحل العملي يكمن في وجوب بذل مجهودات جماعية للتخلص من مخاطر إيران وليس الاقتصار على البحث عن سبل بديلة لحلّ أزمة المضائق.

 مع اشتداد الصراع على المضائق البحرية في منطقة الخليج العربي، يطفو على السطح الحديث حول بدائل فعالة تسهل حركة ناقلات النفط حتى تجنبها المرور بمضيق هرمز ومنطقة باب المندب مع تزايد التوترات من حين إلى آخر.

ويطرح الجدل حول البدائل المتاحة مفارقة لافتة مفادها الركون إلى واقع إيران بصفته واقعا نهائيا يُفترض التعامل معه وليس العمل على إزاحته.

ويرى خبراء أن البدائل المتاحة حاليا غير كافية، ومكلفة على الدول المصدرة أو المستوردة للنفط على حد سواء، وقد يصل مدى التأثير إلى الأسواق العالمية.

ويشغل مضيق هرمز، الواقع بين سلطنة عمان وإيران، ويربط الخليج العربي بخليج عمان وبحر العرب، أهمية استراتيجية في صناعة الطاقة بالعالم.

ومرارا، هددت إيران بتعطيل شحنات النفط عبر مضيق هرمز، ما يحدث تداعيات صادمة للهند والصين وعشرات البلدان الأخرى التي تستورد النفط الخام في الشرق الأوسط بكميات كبيرة.

ويعود تصاعد التوتر، إلى ارتفاع حدة القيود المفروضة على تجارة النفط الإيرانية مع بلدان العالم، بفعل عقوبات أميركية فرضت في نوفمبر الماضي، وضاق الخناق أكثر عليها في مايو الماضي.

ويعتبر مراقبون أن بحث مسائل تصدير نفط منطقة الخليج عبر باب المندب محفوف بأخطار مشابهة لتلك المرتبطة بمضيق هرمز لجهة أن الخطر الإيراني على الملاحة من خلال ميليشيات الحوثي مشابه لتلك المخاطر الإيرانية المباشرة المهددة للملاحة الدولية في مضيق هرمز. ويستغرب المحللون ذهاب دول العالم إلى التفتيش عن سبل خلاقة للالتفاف على مخاطر المضائق فيما يكمن الحل المنطقي في بذل جهود جماعية موحدة للتخلص نهائيا من هذه الأخطار.

ولفت هؤلاء إلى أن الآلية التي تطرحها روسيا هذه الأيام لقيام نظام أمن جماعي في المنطقة يشمل عواصم دولية وعواصم المنطقة وطهران، تهمل أن المشكلة في أساسها وتفاصيلها ومسارها ومستقبلها إيرانية، وأن مواجهة الخطر الإيراني هي السبيل الوحيد الناجع لتأمين الملاحة الدولية في مضيق هرمز وباب المندب.

بدائل غير كافية

وضع حد لإيران
وضع حد لإيران

اتفق وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا، على “العمل سويا من أجل ضمان أمن الملاحة البحرية بمضيق هرمز”.

وانضمت الكويت، إلى تحذيرات سعودية وقطرية من التصعيد وتعريض أمن الملاحة البحرية في المنطقة لتهديد مباشر، على خلفية احتجاز إيران لناقلة نفط بريطانية في المضيق.

وترى مصادر دبلوماسية أن إقامة التحالفات العسكرية الدولية واللجوء إلى منافذ أخرى لتصدير النفط سيرفع من كلفة العمليات التجارية ناهيك عن كلفة تحريك الأساطيل الدولية صوب المنطقة، فيما أن تقاطع الجهود الدبلوماسية والأمنية والعسكرية للتصدي للحالة الإيرانية قد تكون أقل كلفة وأكثر ضمانة لتأمين الملاحة الدولية في أجل طويل.

ويرى خبراء في الشؤون الاستراتيجية أن المساعي الدولية الحالية لإنشاء قوى بحرية سواء بقيادة أميركية أو أخرى أوروبية أو حتى في الشكل الذي تدعو إليه موسكو، يجعل من إيران رقما صعبا معترفا به ويتيح قراءة إيرانية ترى في ذلك اعترافا دوليا بأنها الوحيدة القادرة على تأمين الملاحة الدولية في المضيقين. ورأوا أن هذه القراءة ستجعل من الموقف الإيراني أكثر تصلبا بسبب تعزيز قناعات لدى إيران بأن العالم يحتاج إليها لتأمين سلامة المضائق.

وتخلص مصادر متخصصة في شؤون الخليج إلى أن موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب من إيران استند على قاعدة أن واشنطن تجد أن إيران دولة مزعزعة للاستقرار الدولي والإقليمي ما برر انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية، وعليه فإن أزمة المضائق الحالية تثبت بالدليل الأخطار التي تمثلها إيران في العالم.

طالب الخبير الاقتصادي عضو الجمعية العالمية لاقتصاديات الطاقة، وضاح الطه بالعمل على استراتيجية خليجية موحدة تساعد في إيجاد بدائل تحافظ على إمداداتها النفطية بعيدا عن الحلول العسكرية.

ويقول الطه “الحلول العسكرية مكلفة وغير مستدامة، وتُبقي حالة التوتر الجيوسياسي قائمة وقد تقود إلى التصعيد، وبالتالي يتأثر النمو الاقتصادي لدول المنطقة”.

ويشير إلى أن الإمدادات نحو أوروبا مؤمنة بعيدا عن “هرمز”، لأنها يمكن أن تسلك طريق شمال البحر الأحمر مرورا بقناة السويس وعبر البحر المتوسط.

ويشدد على أن الأهم، هو الحفاظ على الإمدادات لدول آسيا (أكبر مستوردي النفط الخليجي وخصوصا الصين) والتي يجب أن تمر بمضيق هرمز.

أما مضيق باب المندب الذي يتأثر من حين إلى آخر بسبب جماعة “الحوثي” عبر هجمات بطائرات مسيرة، يقول الطه، إنه يمكن السيطرة عليه بشكل أسهل من مضيق هرمز عبر تأمينه بالاتفاق مع الدول المطلة عليه من الجانب الأفريقي مثل جبيوتي وإريتريا.

ويفيد بأن التوسع بخطوط الأنابيب، هو الحل الأمثل إذا طال أمد التوترات بمضيق هرمز، “فمثلا الإمارات لديها خط يربط حقول أبوظبي إلى ميناء الفجيرة ثم بحر العرب متجاوزا المضيق بطاقة مليون برميل يوميا”.

من جهته، يرى المحلل الكويتي لأسواق النفط العالمية أحمد حسن كرم، أن المعضلة الحقيقة تكمن في العراق والكويت، إذ سيتعذر عليهما تصدير النفط عبر السفن، وستضطر الدولتان إلى نقل النفط بشاحنات برية إلى الموانئ العمانية وهو أمر شبه مستحيل.

دول العالم تفتش عن سبل خلاقة للالتفاف على مخاطر المضائق، فيما يكمن الحل المنطقي في بذل جهود جماعية للتخلص نهائيا من هذه الأخطار

ويذكر كرم أن السعودية والإمارات وسلطنة عمان، لديها بديل حال تعطل الملاحة في “هرمز”، من خلال استخدام بحر العرب أو استغلال الأنابيب الممتدة.

أما بخصوص باب المندب، يفيد المحلل الكويتي بأنه من السهل غلق المضيق من قبل الحوثيين باليمن، ويمكن مواجهة ذلك عبر تواجد قوات بحرية تحميه.

ويتابع “هرمز وباب المندب من أهم المضائق البحرية للأسواق النفطية، حيث يعبر خلالهما حوالي ثلث الإنتاج العالمي من النفط، ويعد هرمز هو الممر الوحيد لبعض دول الخليج كالكويت وقطر”.

وبلغ معدل التدفق اليومي للنفط في المضيق 21 مليون برميل يوميا في 2018، ما يعادل حوالي 21 بالمئة من استهلاك السوائل البترولية على مستوى العالم، وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، مما يجعله أكبر ممر مائي في العالم.

وقدرت الطاقة الأميركية، أن 76 بالمئة من النفط الخام التي مرت عبر المضيق، ذهبت إلى الأسواق الآسيوية في 2018.

ويقول جاسم عجاقة، الخبير الاقتصادي والأستاذ في الجامعة اللبنانية، إن مد أنابيب لنقل النفط نحو بحر العرب تمر من الكويت والسعودية والإمارات وقطر إلى سلطنة عٌمان حتى تسير إلى البحر مباشرة، حل سليم للأزمة الراهنة.

ويضيف ، أن وجود مثل هذه الأنابيب مهم للمنطقة، وسيحدث تأثيرات إيجابية على أسواق النفط العالمية، ويساهم في تحقيق التكامل وأمن الطاقة في المنطقة.

وتابع قائلا “استمرار التوترات الجيوسياسية يجعل الاقتصاد العالمي في وضع غير مستقر، نظرا لتأثيراتها على ارتفاع الأسعار، التي بدورها تزيد من الكلفة بشكل عام، فالحل الأمثل هو مد الأنابيب وتوصيلها إلى سلطنة عمان”.

Thumbnail

ويقول محمد رمضان، الخبير الاقتصادي، إن البدائل المتاحة غير كافية لتفادي دول الخليج الآثار الناجمة عن غلق مضيق هرمز، وسيكون التأثير واضحا على اقتصادات المنطقة التي تعتمد بشكل أساسي على النفط.

ويرى أن أفضل الحلول، يكمن في توفير الحماية الدولية للمياه البحرية بالمضائق، مما يزيد من التكاليف التي يمكن أن تتحملها الدول المستوردة والمصدرة على حد سواء للحفاظ على إمدادات النفط دون انقطاع.

ويلفت إلى أن ثلاث دول خليجية (السعودية، الإمارات، عُمان) لديها بدائل تجنبها المرور بمضيق هرمز عبر خطوط الأنابيب إضافة إلى موقعها الجغرافي إذ تطل على بحري العرب والأحمر كما في السعودية.

ولدى السعودية خط أنابيب “بترولاين” بسعة 3 ملايين برميل يوميا، وهناك خطط لزيادته إلى 5 ملايين.

وأوردت وكالة الأنباء الاقتصادية الدولية (بلومبيرغ)، الأسبوع الماضي، أن توجهات السعودية لتغيير مسار صادراتها النفطية من مضيق هرمز إلى “باب المندب”، لن تنهي المخاطر بشأن هجمات محتملة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: