انتخابات رئاسية مبكرة تخلط أوراق الأحزاب في تونس
انتخابات رئاسية مبكرة في تونس على إثر رحيل الرئيس الباجي قائد السبسي، تربك الأحزاب الحاكمة وتدفع بها إلى إعادة ترتيب أوراقها خاصة مع صعود شخصيات جديدة إلى الساحة السياسية مثل وزير الدفاع عبدالكريم الزبيدي، مع وجود دعوات لافتة إلى ترشيحه لمنصب رئاسة الجمهورية، وبات بذلك من بين خلفاء السبسي المحتملين.
زادت الانتخابات الرئاسية المبكرة في تونس من سخونة المشهد السياسي، ومع تحديد موعد السباق الرئاسي بدت الأحزاب الحاكمة، المطالبة بحسم اسم مرشحها للرئاسية في الأيام القليلة القادمة، في حالة ارتباك مرده الشخصية التي ستلتف حولها في الاستحقاق الرئاسي.
وتوفي الأسبوع الماضي الباجي قائد السبسي، وهو أول رئيس منتخب بشكل ديمقراطي وحر في تونس بعد انتفاضة 2011، ووضعت البلاد جدولا زمنيا لاختيار خلفه في الانتخابات بعد أن أدى محمد الناصر رئيس البرلمان القسم رئيسا مؤقتا للبلاد حتى موعد إجراء انتخابات.
وأعلنت الهيئة المكلفة بالانتخابات في تونس في اجتماع مع ممثلي الأحزاب السياسية، الثلاثاء، أن موعد الانتخابات الرئاسية تقرر يوم 15 سبتمبر القادم. ويتعين تقديم طلبات الترشح بين 2 و9 أغسطس الجاري.
ومع رحيل السبسي والتسريع في السباق الانتخابي دخل المشهد السياسي في تونس مرحلة جديدة، من شأنه أن يخلط أوراق الأحزاب الحاكمة التي ستسعى لنسج تحالفات جديدة بهدف الحفاظ على نفوذها في الحكم، وهو ما يجعل الصراع على أشده.
ورغم حالة الغموض حول مرشحي حزبي النداء والنهضة للرئاسية، بدأ تواتر أسماء الشخصيات المرجحة أن تخوض السباق. وتتجه الأنظار إلى وزير الدفاع عبدالكريم الزبيدي بعد أن توسعت دائرة المطالبات للزبيدي بالترشح للرئاسية كوجه مدني جامع لمواصلة خيارات الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي.
وقالت فاطمة المسدي نائبة بالبرلمان التونسي، الثلاثاء، إن 15 برلمانيا وقعوا عريضة لدعم ترشح وزير الدفاع عبدالكريم الزبيدي للانتخابات الرئاسية، وأضافت المسدي لـ”العرب” أن “الزبيدي رجل دولة وجدير بالمنصب لذلك يحظى بإجماع من مختلف الكتل النيابية”. وأشارت إلى أن اسمه على طاولة المرشحين عن حزب النداء.
ومن ضمن قواعد الترشح للانتخابات الرئاسية أن “تتم تزكية المترشّح من عشرة نواب من مجلس نواب الشعب، أو من أربعين من رؤساء مجالس الجماعات المحلية المنتخبة أو من 10 آلاف من الناخبين الموزعين على الأقل على عشر دوائر انتخابية على أن لا يقلّ عددهم عن خمسمئة ناخب بكل دائرة منها”.
وأوضحت المسدي أنه رغم دعمها المبدئي لترشح وزير الدفاع إلا أنها لم توقع إلى الآن على عريضة التزكية في انتظار ما سيتم إقراره في اجتماع حزبها “نداء تونس” بخصوص هذه المسألة.
وأشارت إلى أن النواب الذين أمضوا على العريضة منتمون إلى أحزاب نداء تونس وآفاق تونس ومشروع تونس، دون تفاصيل. وسبق أن أوضح وزير الدفاع التونسي في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أنه لا يستطيع أن يقول شيئا بخصوص مسألة ترشحه. وأبرز الزبيدي أنّه لن يكون معنيا بالرئاسة إلا إذا كان لديه ما يضيفه للبلاد.
ويشير محللون إلى أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد واحد من أبرز المنافسين على المنصب في سباق ينتظر أن يشهد تنافسا محتدما، غير أن الشاهد يتعرض لانتقادات بسبب طموحاته في الانتخابات الرئاسية وشعبيته في أدنى مستوياتها.
وقال حزب تحيا تونس الليبرالي، الأربعاء، إنه سيرشح زعميه يوسف الشاهد رئيس الوزراء الحالي للانتخابات الرئاسية المبكرة.
وصرح الأمين العام لحزب تحيا تونس سليم العزابي لوكالة الأنباء التونسية الرسمية بأن الحزب سيرشح الشاهد للانتخابات الرئاسية، لافتا إلى أن رئيس الحكومة يرفض الخوض في الموضوع قبل نهاية فترة الحداد على الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي.ويتوقع أيضا أن يعلن مهدي جمعة رئيس الوزراء السابق ترشحه، إضافة إلى المنصف المروزقي رئيس تونس السابق وآخرين.
ولم يعلن حزب النهضة الإسلامي حتى الآن عن مرشحه. ولا تزال النهضة، التي فشلت تجربتها الأولى في السلطة منفردة عندما فازت بأول انتخابات بعد الثورة أواخر عام 2011، مترددة في تقديم مرشحها الخاص.
ويشير المحللون إلى أن حركة النهضة تفضل أن تكون في موقع صانع الملوك في البرلمان، حيث تسعى إلى الحفاظ على حالة التشتّت في المشهد الحزبي، وهو ما عكسته القوائم الانتخابية الخاصة بالتشريعية، وهو تشتت يضع الحركة في طريق مفتوح إلى البرلمان.
ويعتقد المراقبون أن الإسلاميين المعتدلين في حركة النهضة، الحزب الرئيسي في البرلمان، يسعون إلى نفس السيناريو كما في عام 2014 مع نداء تونس، بالبحث عن تحالفات تتوارى من خلفها للسيطرة على المؤسسات، والتسلل إلى المواقع المتقدمة في الدولة.
وبالإضافة إلى وزير الدفاع عبدالكريم الزبيدي الذي كان آخر من طلب السبسي رؤيته في يونيو، ما يجعله بين الخلفاء المحتملين، دخل آخرون الساحة السياسية مؤخرا مثل الأكاديمي المستقل قيس سعيد، ونبيل القروي صاحب شركات إعلانات وقناة تلفزيونية والذي بقي لفترة طويلة رجل الظل في حزب نداء تونس، ويعتبر اليوم المرشح المفضل في استطلاعات الرأي الأخيرة.
لكن لا توجد لدى هؤلاء آلة انتخابية قبل 50 يوما من الانتخابات، كما أنه لم يقع الحسم في مصير تعديلات القانون الانتخابي التي تقصي بموجبها مرشحين من خارج الأحزاب مثل القروي من السباق الانتخابي، ما يجعل الغموض يسيطر على المشهد الانتخابي في تونس.