مبادرة الحوار السياسي في الجزائر تتجه إلى الفشل المبكر
توالت ردود الفعل الرافضة للمشاركة في مبادرة الحوار السياسي، من طرف شخصيات وجهت لها الدعوة من أجل الانضمام إلى المسعى الذي باشرته السلطة في الآونة الأخيرة، وهو ما يضع لجنة رئيس البرلمان السابق في مأزق حقيقي، ولاسيما في ظل غياب الانسجام بين أعضائها، وتعرض مصداقيتها للطعن من طرف السلطة في المقام الأول.
وانضمت المناضلة التاريخية والبرلمانية السابقة زهرة ظريف بيطاط، إلى لائحة الأعضاء الذين عبروا عن رفضهم الانخراط في مسعى المبادرة السياسية، التي تستهدف فتح حوار سياسي في البلاد، من أجل الخروج من المأزق الذي تتخبط فيه البلاد منذ ستة أشهر، والذهاب إلى انتخابات رئاسية في القريب العاجل.
وكانت لجنة تتشكل من ستة أعضاء بقيادة رئيس البرلمان السابق كريم يونس، قد وجهت الدعوة إلى ثلاث وعشرين شخصية من أجل الانضمام إلى الندوة، وإضفاء مصداقية أكثر على الحوار السياسي، بعدما وجدت نفسها قبالة انتقادات شديدة وعدم انسجام واضح بين أعضائها.
وبررت غالبية الشخصيات الرافضة لدعوة فريق لجنة الحوار موقفها، باستمرار تلاعب السلطة وعدم استجابتها لمطالب التهدئة الميدانية، ومحاولة الالتفاف على الحراك الشعبي، بإغراق الحوار في مسائل هامشية لا تتصل بالمطلب الأساسي المتمثل في رحيل رموز السلطة والتغيير السياسي الشامل والجذري في البلاد.
وأفضت تصريحات أولية لأعضاء من اللجنة أو من مرشحين لعضويتها إلى غياب التنسيق والانسجام، وبوادر تلاعب من طرف السلطة، حيث ذكر الخبير الاقتصادي إسماعيل لالماس، بأنه “لم يعرف هوية الأعضاء إلا في مقر الرئاسة”، بينما صرح أستاذ علم الاجتماع ناصر جابي، بأن “أعضاء اللجنة المعلن عنهم، ليسوا هم من اطلع عليهم خلال الاتصالات التي أجريت معه من طرف مسؤولين في الرئاسة”.
ورجحت مصادر مطلعة إمكانية انفجار لجنة الحوار الوطني، المقترحة من طرف تنظيم منتدى التغيير المدني، في أي فرصة في ظل الخلافات بين أعضائها، وافتقادها للدعم السياسي من طرف القوى الوازنة في المشهد المحلي، فضلا عن عدم وفاء السلطة بالتزاماتها المتعلقة بالتهدئة إلى حد الآن.
وصرحت زهرة ظريف بيطاط، شقيقة المناضل التاريخي وأبرز مفجري ثورة التحرير الجزائرية العربي بن مهيدي، قائلة “لست معنية بهذا الحوار لأنه ليست لديّ أي طموحات سياسية، أرفض هذه الدعوة بشكل قاطع ولا أنتظر دعوات من قبل أي جهة”. وأضافت “طموحي الوحيد هو أن تتم الاستجابة لمطالب الشباب الذين خرجوا للمناداة بالشرعية، أدعمهم بكل قوتي ومستمرة معهم إلى آخر المطاف، لذلك لست مستعدة للمشاركة في أي حوار، وأن الاستجابة لمطالب الحراك الشعبي والعودة إلى الشرعية هو الخيار الوحيد الذي لا بديل عنه”.
وكانت اللجنة السداسية قد تلقت انتقادات شديدة في مظاهرات الجمعة الماضي، ووجهت إليها اتهامات “الخيانة” و”والمتاجرة بالحراك الشعبي”، وهو ما يكون قد دفعها إلى الإعلان عن توسيع عضوية اللجنة إلى أكثر من عشرين شخصية سياسية ومستقلة، من أجل إضفاء صبغة من الشرعية على مسعى الحوار السياسي، إلا أن ردود فعل زهرة بيطاط، مولود حمروش، مقران آيت العربي، مصطفى بوشاشي وقبلهم أحمد طالب الإبراهيمي، تؤشر إلى فشل مبكر للمبادرة.
وعبر رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش، الاثنين، عن رفضه الانضمام إلى لجنة الحوار والوساطة، والمشاركة في أي هيئة انتقالية أو الترشح للانتخابات، وعبر عن ذلك بقوله “أذكر أعضاء مجموعة الحوار والمنتديات الأخرى بتصريحي الصادر في 18 أبريل، والذي أكدت من خلاله أنني لن أكون مرشحا لأيّ هيئة انتقالية محتملة ولأي انتخاب”.
وحمل بيان مولود حمروش، رسائل مبطنة لسلطة الأمر الواقع التي تديرها المؤسسة العسكرية منذ تنحية الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، من أجل تلبية مطالب الحراك الشعبي وتجنيب البلاد سيناريوهات الوقوع في الفوضى.
وتوارى عن الأنظار في الأيام الأخيرة، الرجل القوي في المؤسسة العسكرية قائد أركان الجيش الجنرال قايد صالح، فالرجل الذي تعود على الخطابات السياسية أسبوعيا في معاقل المؤسسة (الثكنات)، لم يظهر منذ أكثر من أسبوع، وسط جدل متضارب، ينم عن محاولة للانسحاب من الواجهة، والاكتفاء بسياسة الإيعاز للرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح، بإدارة المرحلة رغم رفضه شعبيا واعتباره أحد رموز نظام بوتفليقة.