زخم جديد للشراكة المغربية الأوروبية في الصيد البحري
دخلت الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي للصيد البحري مرحلة جديدة بالبدء بتطبيق بروتوكول التعاون الجديد على أرض الواقع، في خطوة ينتظر المغرب أن تحقق له أقصى استفادة من الاستثمار في ثرواته البحرية الكبيرة.
أعطى استئناف السفن الأوروبية لعمليات الصيد في المياه الإقليمية المغربية في إطار بروتوكول الصّيد البحري الموقّع بين الاتحاد الأوروبي والمغرب زخما جديدا للشراكات الاقتصادية والتجارية بين الطرفين.
وبدأ الأسطول الأوروبي البالغ 138 سفينة صيد في الإبحار في سواحل البلاد بما فيها المياه الإقليمية للصحراء المغربية، وفق ما تنص عليه الاتفاقية.
ويقول المهنيون المغاربة إن تجديد الاتفاقية سيعمل على تطوير قطاع الصيد في البلاد كما أنه يفتح آفاق الاستثمار الأجنبي خاصة وأنّ وفرة الأسماك الموجودة في سواحل الصيد المحلية تجذب الأوروبيين.
وأكد وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش أن اعتماد اتفاقية الصيد الجديدة سيعزز موقع المغرب في شراكة لطالما اعتبرها مستدامة وموثوقة ومبنية على أساس متين من التعاون بين شريكين تاريخيين.
ويتفق بوعزة الخراطي رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك مع هذا الرأي. وقال إن “للاتفاقية أهمية كبيرة بالنسبة للمغرب على المستوى الاقتصادي والسياسي ودعما دبلوماسيا، كما أنها تعزز مبدأ رابح رابح مع الشركاء الاقتصاديين”.
ويتوقع أن تجني الرباط طيلة فترة تطبيق الاتفاقية الممتدة لأربع سنوات عوائد تتجاوز 2.1 مليار درهم (200 مليون يورو).
وستحصل الدولة على عوائد تبلغ نحو 48.1 مليون يورو في العام الأول، منها 14 مليون يورو مخصصة لمواصلة تفعيل مخطط “أليوتيس”، بهدف تعزيز قطاع الصيد البحري، مع ضمان تدبير مستدام ومسؤول للموارد البحرية.
ووفق الاتفاقية، سيرتفع العائد في العام الثاني ليصل إلى 50.4 مليون يورو على أن يبلغ نحو 55.1 مليون يورو في العامين الثالث والرابع.
وتعتبر إسبانيا من أكثر الدول الأوروبية المستفيدة من تجديد الاتفاقية بالنظر إلى القرب الجغرافي من المغرب.
وتوجد 92 سفينة إسبانية ضمن الأسطول الأوروبي معظمها من منطقة قادس، ما وضع حدا لأزمة اقتصادية دامت لسنة بالنّسبة للمئات من الصّيادين الإسبان والأوروبيين، الذين يشتغلون بشكل رئيسي في القطاع.
وأبدى لويس بلاناس، وزير الفلاحة والصيد البحري الإسباني، ارتياح مدريد بشأن بنود الاتفاقية الموقعة في يناير الماضي والتي تتضمن تحسينات لتشغيل السفن، ومرونة أكبر للوفاء بالتزامات الهبوط في الموانئ المغربية.
وأشار في تصريحات سابقة إلى أن بلاده ما زالت تنتظر إشارات إيجابية من الجانب المغربي لرفعِ عدد المستفيدين من هذه الاتفاقية.
وتؤكد مدريد أن حوالي 45 سفينة أندلسية تعمل في المياه المشمولة بهذا الاتفاق، لذا فإن التصديق عليه يعني تمكين العديد من الأسر التي تعتمد على الصيد بشكل مباشر أو غير مباشر من دخل قار.
وأشاد رئيس جمعية اتحاد مصايد الأسماك الإسبانية خافيير غارات بموافقة الرباط على بروتوكول الصّيد الذي مَكَّنَ السفن الإسبانية من العودة مجددا إلى المياه المغربية بما فيها الأقاليم الجنوبية.
وينص الاتفاق على تبادل المنافع بالنسبة إلى السكان المحليين بالمناطق المعنية، مع ضرورة إضافة مقتضيات تهدف إلى الحفاظ على استدامة الموارد وحماية البيئة البحرية المغربية.
وستكون السّفن الأوروبية ومنها الإسبانية ملزمة بطلب التراخيص اللازمة للصيد في المياه المغربية، وتحديد توقيت الصّيد وأنواع المصايد المستهدفة، مع ملف إداري يتضمّنُ وثائق تبيّن هوية كلّ مستفيد.
وكانت أول لجنة مشتركة حول بروتوكول الصيد البحري الجديد قد ناقشت الأساليب العملية والجوانب التقنية الواجب التقيد بها من أجل منح أول الرخص لممارسة نشاط الصيد البحري في إطار التدبير المستدام لمصائد الأسماك.
وأشار بلاناس إلى أن مالكي السفن الإسبان قد قاموا بإعداد الملفات المتعلقة بطلب الحصول على رخص الصيد من أجل الشروع في نشاطهم الأسبوع المقبل.
وتعتبر المصايد المغربية ذات أهمية لقطاع الصيد الإسباني خاصة بالنسبة لأساطيل الأندلس وجزر الكناري وغاليسيا في المحيط الأطلسي.
واستثنت الاتفاقية مياه البحر المتوسط من نشاط الأسطول الأوروبي بهدف الحفاظ على موارده نتيجة ارتفاع مستوى الصيد الجائر في السنوات الأخيرة والاكتفاء بمنطقة الصيد الممتدة من كاب سبارتيل في الشمال إلى الرأس الأبيض، جنوب مدينة الداخلة.
ورغم قناعة الرباط بجدوى تجديد الاتفاق مع بروكسل، فإن شقا من العاملين في القطاع يخشون من أن يتسبب في استنزاف الثروة السمكية خصوصا وأن 80 بالمئة من أسماك المنطقة تعرضت للانقراض.
ويطالب هؤلاء بمراقبة دقيقة للأسطول الأوروبي كي يتم استغلال الثروة السمكية بشكل عقلاني وضمن الحدود المعمول بها.
ويرتبط المغرب مع الاتحاد الأوروبي باتفاق للتبادل الحر دخل حيز التطبيق في عام 2000، إضافة إلى اتفاق خاص بالتبادل الحر للمنتجات الزراعية ساري المفعول منذ عام 2012، وهو يتمتع بأعلى درجة من الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.