سجون ومخيمات مزدحمة بدواعش أوروبا
مازالت مواقف الدول الأوروبية بشأن استعادة الإرهابيين الذين قاتلوا في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية، غير واضحة، إذ يشير تشبثها بوجوب تركيز محكمة دولية خارج الأراضي الأوروبية إلى تواصل إصرارها على رفض استقبال مواطنيها من مقاتلي التنظيم المتطرف.
ورغم أن موقف المفوضية الأوروبية كان واضحا ومطالبا بإعادة المقاتلين إلى بلدانهم الأوروبية وأصبح ملزما، إلا أن القرار يبقى متروكا بسبب تعلل جل الدول الأوروبية بأنها تحتاج إلى وقت لجمع الأدلة والشواهد والبيانات والفحوصات الجنائية ومعالجة كل ملف على حدة.
وتكتفي الدول الأوروبية في الوقت الراهن باستعادة بعض الأطفال دون سن العاشرة من سوريا والعراق، وتبدو قوات سوريا الديمقراطية قد أدركت الإجراءات الأوروبية الانتقائية في عودة أطفال عناصر داعش، وفرضت شروطها خلال شهر يوليو 2019، أنه لا يمكن عودة الأطفال دون أمهاتهم، محاولة إجبار الأوروبيين على استعادة نساء داعش.
وتشير التقديرات إلى أن دول أوروبا تستبعد أن تقع تحت ضغوط قوات سوريا الديمقراطية وأن موقفها تجاه المقاتلين الأجانب لن يتغير، وهذا ما بات مرجحا. موقف دول أوروبا ممكن اعتباره موقفا سياسيا، أكثر من أن يكون لأسباب فنية.
ووفق العديد من الخبراء فإن ما تخشاه دول أوروبا، رغم إمكانياتها وقدراتها الاستخباراتية، أن عودة مقاتلي داعش، ممكن أن تكون مصدرا جديدا لنشر الفكر المتطرف والعنف.
هذا الرفض الأوروبي، بحث في أسبابه وتفاصيله المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات بقيامه في تقرير صادر عنه بجرد وإحصاء لأعداد المقاتلين الأوروبيين العائدين والمحتجزين في سوريا والعراق.
ويرتكز التقرير على ما صرح به وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الذي أعلن أن نحو 450 فرنسيا من تنظيم داعش محتجزون لدى الأكراد أو يقبعون في مخيمات للاجئين شمال شرقي سوريا. وتحتجز السلطات العراقية 25 امرأة وطفلا كما يوجد هناك أكثر من 100 مقاتل فرنسي في منطقة إدلب.
أما في ألمانيا فقد ذكرت وزارة الخارجية في 10 يوليو 2019 أنها تدرس حكم محكمة برلين الإدارية بإعادة ثلاثة أطفال من أسر قاتلت في صفوف داعش مع أمهاتهم متواجدين حاليا في المخيمات الكردية.
ما تخشاه أوروبا، أن تكون عودة مقاتلي داعش، مصدرا جديدا لنشر الفكر المتطرف والعنف
وسجلت السلطات الألمانية 118 عضوا، ألماني في تنظيم داعش، معتقلون في الخارج. 77 منهم يقبعون في سجون بسوريا و8 في العراق وآخرون في تركيا. فيما فقدت آثار نحو 160 منهم.
وقد سبق لوزير الخارجية الألماني هايكو ماس في 8 يونيو 2019 أن أعلن أنه على أي حال فإن المهمة حتمية حاليا للحيلولة دون بناء داعش لهياكل جديدة في الخفاء يكون من خلالها قادرا على النشاط مجددا… “نريد ويتعين علينا منع ذلك”.
ودعا ماس في مايو 2019 وكيل وزارة الداخلية الألماني شتيفان ماير إلى دراسة تأسيس محكمة خاصة لمحاكمة مقاتلي تنظيم داعش من حاملي جنسية ألمانيا.
وبشأن البلجيكيين، فإن أعداد المرتبطين بداعش والذين مازالوا في العراق وسوريا فمن بينهم 55 في السجن أو في مخيمات تقع تحت سيطرة القوات الكردية، منهم 17 امرأة و28 طفلا، ويقول خبراء إن عدد الأطفال تضاعف خلال ستة أشهر. والعائدون 123 شخصا.
وبخصوص بريطانيا، يقبع ما يقارب 27 مواطنا بريطانيا في سجون قوات سوريا الديمقراطية والعراق، وأكدت عدة تقارير وجود 18 بريطانيا في سجون العراق.
وترفض بريطانيا استقبال تسعة من مواطنيها محتجزين في سوريا، حيث قالت صحيفة “تليغراف” إن المملكة المتحدة ترفض استقبال ما لا يقل عن تسعة بريطانيين محتجزين في سوريا كانوا على صلة بـ”تنظيم الدولة” من بينهم امرأتان لم يتم التعرف عليهما صحبة أطفالهما، وعنصران اثنان.
وفي هولندا، ترجح وكالة الاستخبارات الهولندية وفق تقرير المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات مغادرة 315 هولنديا إلى سوريا أو العراق بغرض الانضمام للمتشددين وتقول إن نحو ثلثي هذا العدد من الرجال والثلث من النساء، وإن 55 منهم عادوا إلى هولندا بينما لقي 85 حتفهم في مناطق الصراع وظل 135 في سوريا والعراق، بينما ينتشر 40 آخرون في دول أخرى. كما يوجد 175 طفلا، ممن لهم حق الحصول على الجنسية الهولندية، موجودون في سوريا حاليا.
ويخلص التقرير أيضا إلى إحصاء أعداد مقاتلي داعش الأوروبيين وذويهم العائدين من سوريا والعراق، في ما يخص فرنسا عاد 398 مقاتلا بينهم 68 طفلا و43 امرأة.
أما في ألمانيا فقد عاد 303 دواعش بينهم 13 طفلا و35 امرأة. وفي بريطانيا تم استقبال 425 مواطنا بينهم 4 أطفال وامرأتان.
ومن جانبها استرجعت بلجيكا 123 مقاتلا منهم 18 طفلا و26 امرأة. وفي هولندا عاد 60 مقاتلا بينهم 10 أطفال و17 امرأة.
وصرحت ناتاشا بيرتو ممثلة المفوضية الأوروبية بأن أجهزة حماية القانون التابعة لدول الاتحاد الأوروبي تعتبر ملزمة بشكل مباشر بإقرار إمكانية عودة مواطنيها الذين شاركوا في العمليات العسكرية في سوريا بصفتهم عناصر مسلحة في صفوف تنظيم داعش.