البوليساريو تحرّض على الفوضى في العيون المغربية
استغلت عناصر انفصالية بمدينة العيون (جنوب المغرب) أجواء الاحتفالات بتتويج المنتخب الجزائري بكأس أمم أفريقيا، للقيام بأعمال تخريبية، أدت إلى وفاة شابة مغربية. وفتحت السلطات المختصة تحقيقا تحت إشراف النيابة العامة من أجل تحديد ملابسات هذه الوفاة وتوقيف كل من ثبت تورطه في أحداث الشغب الأخيرة.
وقال بيان للمحافظة، السبت، إن “مدينة العيون شهدت ليلة أمس الجمعة، أحداثا تخريبية موازاة مع الاحتفالات بفوز المنتخب الجزائري بكأس أفريقيا لكرة القدم، أسفرت عن تسجيل وفاة شابة تبلغ من العمر 24 سنة بالمستشفى، بعد أن تم نقلها في حالة حرجة من الشارع العام”. وتابع البيان قائلا “اضطرت القوات العمومية (الشرطة) إلى التدخل من أجل حماية الممتلكات الخاصة والعامة، حيث استمرت المواجهات إلى حدود الساعة الثالثة صباحا”.
وخلفت الأحداث أعمالا تخريبية في الشارع الرئيسي لمدينة العيون، شملت السطو على أحد فروع البنوك في العيون حيث تم إحراق واجهته، وتكسير واجهات المحلات التجارية بالإضافة إلى تسجيل إصابة العشرات من عناصر الشرطة بجروح متفاوتة الخطورة أربعة منهم حالتهم خطيرة.
وأكدت المصالح الأمنية أن هؤلاء العناصر كانوا مدفوعين من طرف جهات معادية، لاستغلال أجواء الاحتفالات العفوية لعموم المواطنين من أجل القيام بأعمال تخريبية ونهب الممتلكات، ما اضطر قوات الأمن إلى التدخل.
وعمد العشرات من الانفصاليين إلى ارتداء أقنعة على وجوههم وتكسير سيارات الأمن والاستيلاء على البعض منها، بعدما اندسوا بين الجموع لإحداث الفوضى واستهداف رجال الأمن والمؤسسات العمومية.
واعتبر متابعون أن هذه الأعمال استفزازية وتحريضية، كما لم يستبعد هؤلاء أن تكون أحداث الشغب مدبرة وذات أبعاد سياسية.
وقال نوفل بوعمري، المحلل السياسي والخبير في قضية الصحراء إن ما حدث بمدينة العيون يبدو أنه تم التخطيط والإعداد له سلفا من قبل التنظيمات الموالية للبوليساريو التي يظهر أنها تشتغل بمنطق الخلايا النائمة التي تتحرك عند إعطائها شفرة التحرك لتخريب مدن الصحراء وعلى رأسها مدينة العيون.
وأشارت مصادر إلى أن البحث لا يزال جاريا من أجل اعتقال كل المتورطين في أحداث الجمعة، وتقديمهم إلى العدالة. وهناك تسجيلات منشورة ومعممة تظهر من كان يقوم بالتحريض، والرشق بالحجارة والتخريب.
العناصر الموالية للبوليساريو لم يعد لها ما تقدمه سياسيا وتنظيميا، لذلك قامت باستغلال احتفالات كرة القدم من أجل التهييج ودفع القاصرين والشباب للاصطدام مع الأمن
وشدد بوعمري “على ضرورة تطبيق القانون بشكل صارم لفرض سلطته وسلطة الدولة وهيبتها، وللتأكيد على أن سلطة الدولة قائمة في مواجهة الأعمال التخريبية وغيرها من مناورات البوليساريو”.
وأوضح مراقبون أنها ليست المرة الأولى التي يقوم فيها انفصاليو الداخل بالأقاليم الجنوبية بافتعال أعمال الشغب والعنف وإلحاق أضرار بالممتلكات الخاصة والعامة وترويع المواطنين، وذلك لاستفزاز قوات الأمن، ليتسنى لهم بعد ذلك اتهامها بالاعتداء عليهم وانتهاك حقوق الإنسان.
وتعرض مقر قناة العيون المحلية لرشق بالحجارة من طرف الانفصاليين، والتي كانت قد بثت ريبورتاجات في نشرة الأخبار وعبر برنامج الفضاء الرياضي، تواكب المتابعة الواسعة التي تلاقيها فعاليات نهائيات كأس أفريقيا وتشجيع الجماهير المغربية للمنتخب الوطني، وكذلك منتخب الجزائر.
وأشار متابعون للشأن الصحراوي أن البوليساريو تريد عبر هذه الأحداث التخريبية تخفيف الاحتقان الداخلي بسبب الانتهاكات الحقوقية المتواصلة، مشيرين كمثال إلى اختطاف مولاي آبا، أحد منسقي “المبادرة الصحراوية للتغيير” المعارضة لقيادة البوليساريو، من مخيمات تندوف.
والسبب الإضافي لهذه الأحداث التخريبية هو أن هذه العناصر الموالية لبوليساريو لم يعد لها ما تقدمه سياسيا وتنظيميا فقامت باستغلال احتفالات كرة القدم من أجل التهييج ودفع القاصرين والشباب للاصطدام مع الأمن وتخريب المدينة، وهي صورة تعكس حجم الأزمة التي تعيشها الجبهة الانفصالية وفشلها السياسي.
وأشار بوعمري، إلى أن هذه الأحداث تتزامن مع الإعلان عن زيارة مرتقبة للمنطقة من طرف مسؤولين من أجل التدشين والوقوف على مختلف المشاريع التنموية التي تم الإعلان عنها سابقا وهو ما يخيف الجبهة وامتداداتها التخريبية بالمنطقة.
وتأتي أحداث العيون الأخيرة بموازاة مع زيارة يقوم بها وفد وزاري إلى الأقاليم الجنوبية يتقدمه رئيس الحكومة سعدالدين العثماني.
وبيّن العثماني أن هذه أول زيارة جهوية للحكومة لجهات الأقاليم الجنوبية للمملكة، والتي تهدف إلى دعم الجهوية المتقدمة، وتجسيد سياسة القرب والإنصات، عبر التواصل مع المنتخبين ورؤساء الجماعات (البلديات) على مستوى الجهة، من أجل التعرف على المشكلات التي تواجهها الجهة، وكيفية سير ورش تنزيل الجهوية المتقدمة، وكذلك تقدم المشروعات على المستوى الجهوي.
وأشار رئيس الحكومة المغربية إلى أن المنهجية المعتمدة في هذه الزيارات، تقوم أساسا على انتقاء فريق حكومي للزيارة يتناسب وأولويات الجهة، حيث تتم مناقشة أوضاعها بشكل مسبق لتقييم المشاريع التي تسير بوتيرة طبيعية، والمشاريع التي قد تعاني من صعوبات أو تعثرات في إنجازها، مع العمل على جعل الزيارة مناسبة لتجاوز الصعوبات والمشاكل العالقة.
وحذّر مراقبون من أن الخلايا النائمة بالأقاليم الجنوبية الموالية لجبهة البوليساريو تتحين الفرص للتشويش على كل المبادرات الهادفة إلى تطوير الجهات الجنوبية اقتصاديا وتنمويا، على اعتبار أن أي تقدم يحدث في هذه المنطقة على مستوى العمران والاستثمار يفند كل الأكاذيب التي تروجها الجبهة الانفصالية، ويعريها أمام المؤسسات العالمية التي تزور الأقاليم وتقف على المنجزات هناك.