عقارات لندن تنحدر مع اشتداد جدل البريكست

اتضحت ملامح الأزمات التي تنتظرها بريطانيا في المخاض العسير للانفصال عن الاتحاد الأوروبي، بعد نشر بيانات حكومية تؤكد انحدار أسعار العقارات في لندن، المهددة بفقدان مئات آلاف الوظائف في حال حدوث طلاق أوروبي دون التوصل إلى اتفاق.

أظهرت بيانات صادرة عن مكتب الإحصاءات الوطني البريطاني انحدار أسعار المنازل في لندن في شهر مايو بأسرع وتيرة منذ 10 سنوات، إضافة إلى التراجع غير المباشر الناجم عن تراجع سعر صرف الجنيه الإسترليني.

وأشارت البيانات إلى أن أسعار المنازل في العاصمة البريطانية انخفضت في مايو بنسبة 4.4 بالمئة على أساس سنوي، وهو أكبر انخفاض منذ أغسطس عام 2009.

ويرى محللون أن تراجع أسعار العقارات في لندن أصبح يفوق نسبة التراجع في أنحاء البلاد مع اشتداد الجدل بشأن البريكست، لأن العاصمة يمكن أن تتلقى ضربة شديدة من حدوث انفصال عن الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.

ويتصاعد الجدل بشأن ذلك الكابوس في ظل ترجيح فوز بوريس جونسون، برئاسة حزب المحافظين في الأسبوع المقبل، ليتولى رئاسة الحكومة، في ظل إصراره على رفض استبعاد الانفصال دون اتفاق.

ويمكن أن يؤدي ذلك الاحتمال إلى موجة هروب واسعة للمصارف والمؤسسات المالية من حي المال في لندن، إذا فقدت جواز المرور إلى القطاع المالي في منطقة اليورو، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى إخلاء مئات الآلاف من المساكن والعقارات في لندن.

وكانت أسعار العقارات في العاصمة البريطانية تسير في اتجاه واحد باتجاه الصعود على مدى عقود، بسبب جاذبيتها للاستثمارات العالمية، لكنها تبدو اليوم أمام مصير غامض.

وأشارت بيانات مكتب الإحصاءات الوطني إلى أن متوسط سعر الوحدة السكنية في لندن فقد نحو 21 ألف جنيه ليصل إلى نحو 457 ألف جنيه إسترليني في العام المنتهي في مايو الماضي، وهو أكبر تراجع منذ الأزمة المالية العالمية.

وبذلك تسجل أسعار المنازل التراجع للشهر الخامس على التوالي بانخفاض نسبته 6.4 بالمئة عن أعلى مستوياتها المسجل في أغسطس عام 2017.

ويقول المراقبون إن تلك الأرقام لا تأخذ في الاعتبار، الانخفاض غير المباشر الذي يزيد على 20 بالمئة الناجم عن تراجع سعر صرف الجنيه الإسترليني بتلك النسبة منذ صدمة تصويت البريطانيين للخروج من الاتحاد الأوروبي في 23 يونيو 2016.

20 بالمئة خسائر إضافية غير مباشرة لأسعار العقارات بسبب تراجع الجنيه الإسترليني

قال الخبراء إن الأرقام قد لا تعكس الصورة الشاملة، لأنها تمثل فقط البيانات المسجلة في السجل العقاري، والتي تعكس صفقات البيع التي تم الاتفاق عليها، والتي جرى معظمها تحت تأثير مخاض الخروج من الاتحاد الأوروبي، الذي زعزع الثقة في سوق العقارات.

وشهدت بعض الأحياء انخفاضات سنوية هائلة في الأسعار مثل منطقة بارنيت التي تراجعت بها العقارات في مايو بنسبة 9.6 بالمئة بمقارنة سنوية وحي المال “السيتي” الذي تراجعت فيه أسعار العقارات بنسبة 8.3 بالمئة.

ورغم أن انحدار أسعار العقارات لم يصل حتى الآن إلى المستويات التي شهدتها في أوائل تسعينات القرن الماضي أو الأزمة المالية العالمية قبل 10 سنوات، إلا أنها تثير قلق المشترين الجدد الذين يخشون دخول القطاع في تراجع بسبب غموض مستقبل البريكست.

وقال جوناثان هوبر المسؤول التنفيذي في وكالة غارينغتون بروبرتيز للعقارات إن “هذا الانخفاض المؤلم في أسعار المنازل في لندن مجرد إشارة إلى ما حدث بالفعل بعد مايو والذي لم تظهره البيانات حتى الآن”.

وأضاف أن مشتري العقارات مترددون وهم يراقبون إيقاع الهبوط ويحاولون فرض شروط تعجيزية للحصول على خصومات إضافية على العقارات التي تم تخفيضها بالفعل.

ويرى الخبير هوارد آرتشر أن بريطانيا إذا خرجت من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق سواء في 31 أكتوبر أو بعد ذلك، فإن أسعار العقارات ستشهد انهيارا أكبر من كل ما حدث حتى الآن.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: