حوار جزائري سنغالي على لقب بطل أفريقيا
يسدل الستار على بطولة أمم أفريقيا لكرة القدم الجمعة بإجراء اللقاء النهائي بين المنتخب الجزائري، ممثل العرب الساعي إلى لقب ثان، والمنتخب السنغالي الطامح إلى أول لقب له بهذه المسابقة في حوار يرى متابعون أن الإثارة ستكون عنوانه الكبير.
بلغ منتخبا الجزائر والسنغال المباراة النهائية لكأس الأمم الأفريقية في كرة القدم المقامة في مصر ويتواجهان الجمعة على ملعب القاهرة الدولي في حوار كروي يرى متابعون أنه يعد بالكثير من التشويق والإثارة باعتبار قيمة الرهان على هذا اللقب لكلا الفريقين، “المحاربون” الجزائريون من أجل اللقب الثاني الغائب عن خزائنهم منذ 1990 و”أسود التيرانغا” من أجل التتويج بأول لقب لهم في تاريخهم.
وتبحث الجزائر بقيادة المدرب جمال بلماضي عن نجمة ثانية في تاريخها، وهي تخوض النهائي للمرة الأولى منذ تتويجها على أرضها عام 1990 والثالث في تاريخها بعد 1980 عندما خسرت أمام نيجيريا. أما السنغال، أفضل منتخبات القارة بحسب تصنيف الاتحاد الدولي “فيفا”، فلا تزال تبحث عن لقبها الأول، وتخوض النهائي للمرة الأولى منذ حلولها وصيفة للكاميرون عام 2002، وهي أفضل نتيجة لها حتى الآن.
وتجمع قواسم مشتركة عديدة بين الجزائري جمال بلماضي والسنغالي أليو سيسيه، وهما المدربان اللذان ولدا بفارق يوم، ونشآ في المدينة ذاتها بفرنسا، ولكل منهما مسيرته كلاعب كرة قدم، وكلاهما يدرب منتخب بلاده.
وسيقف هذين المدربين عند الضفة المخصصة لكليهما على الملعب وسيشدان الأنظار إليهما بتحركاتهما المعتادة وتوجيهاتهما للاعبيهما. ومعلوم أن لكل منهما رغبته وحملا ثقيلا على كاهله، الجزائري يريد منح بلاده لقبها الثاني في تاريخها والأول منذ 1990 حين توجت على أرضها، والسنغالي يريد أن يهدي مواطنيه لقبا أول في تاريخ مشاركات بلاده في البطولة.
وقال بلماضي بشأن سيسيه في أحد مؤتمراته الصحافية “معرفتنا قديمة، وأنا أقول ذلك بكثير من العاطفة”.
لقاء الصديقين
بين “أسود التيرانغا” السنغاليين، و”محاربي الصحراء” الجزائريين، حط سيسيه وبلماضي الرحال. الأول كان قائد المنتخب الذي حقق أفضل نتيجة له في بطولة أمم أفريقيا، بحلوله وصيفا للكاميرون عام 2002، والثاني خاض مسيرة قصيرة نسبيا دفاعا عن ألوان المنتخب.
ولم تشهد نسخة 2002 مواجهة بين المنتخبين، لكنهما التقيا قبل ذلك بعام ضمن التصفيات المؤهلة إلى مونديال اليابان وكوريا الجنوبية، في لقاء انتهى بنتيجة قاسية لصالح سيسيه والسنغال 0-3.
وانتظر بلماضي حتى 2019 لينال ثأره من تلك المواجهة، حيث تفوق على السنغال بهدف نظيف في الجولة الثانية من منافسات المجموعة الثالثة في البطولة التي تستضيفها مصر منذ 21 يونيو.
ولا يمكن توقع نتيجة النهائي أو من سيفوز باللقب، وأي رهان مسبق سيكون بمثابة هراء وفق بعض المحللين.
وقدمت الجزائر في هذه البطولة أداء لافتا دفع العديد من النقاد والمدربين المنافسين لاعتبارها أبرز المرشحين للقب، في حين أن السنغال تبقى أفضل منتخب على صعيد القارة بحسب تصنيف الاتحاد الدولي “فيفا”، وقدمت في مصر أداء ثابتا، رغم أنها لم تفتك بشباك منافسيها.
وسيكون النهائي الأول في البطولة القارية يجمع بين مدربين محليين منذ تواجه المصري محمود الجوهري والجنوب أفريقي جومو سونو في نهائي 1998 الذي انتهى لصالح منتخب الفراعنة بثنائية نظيفة.
وفي قارة عرفت منتخباتها العديد من المدربين الأجانب لاسيما الفرنسيين، سيكون بلماضي وسيسيه أمام تحدي إثبات جدارة أبناء القارة بألقابها.
وقال السنغالي “الأمر أكثر تعقيدا عندما نكون محليين من حين نكون أجانب. علينا (الأفارقة) أن نثق بأنفسنا، بأبنائنا، وبمدربينا. شيئا فشيئا، بدأت الأمور بالتبدل”.
أما بلماضي، فاعتبر أن “خوض هذا النهائي ضد صديقي سيسيه استثنائي. هي رسالة جيدة نبعث بها إلى المسؤولين عن كرة القدم في أفريقيا (..) أنا أعرف سيسيه وهو يقوم بعمل جيد”.
مواجهات خاصة
بعيدا عن حوار المدربين تتخلل المباراة النهائية للكان العديد من الحوارات الأخرى بين اللاعبين من كلا الفريقين، بحثا عن المجد القاري ورفع أسهمهم في سوق انتقالات لا تعترف سوى بالنتائج.
ويقود المنتخب الجزائري نجمه رياض محرز المتوج في الموسم الماضي بلقب الدوري الإنكليزي الممتاز مع مانشستر سيتي، الذي يأمل في قيادة بلاده لرفع الكأس على حساب السنغال ونجمها – غريمه في إنكلترا- ساديو مانيه لاعب ليفربول المتوج بلقب دوري أبطال أوروبا مطلع يونيو.
وإذا كان الصراع بين ماني ومحرز يعتبر الأبرز، فإن هناك صراعا لا يقل أهمية سيشتعل بين متوسط ميدان نادي إيفرتون إيدريسا غاي، والنجم الجزائري إسماعيل بن ناصر المنضم حديثا إلى صفوف ميلان من حيث الندية التي من المنتظر أن تخلق ملحمة في وسط الميدان.
وشكل محرز ركنا محوريا مع ثلاثي المقدمة سفيان فغولي، يوسف بلايلي وبغداد بونجاح. وحقق هؤلاء وغيرهم، للجزائر فعالية هجومية فائقة وصلابة دفاعية نادرة، حيث سجل محاربو الصحراء 11 هدفا في ست مباريات، واهتزت شباك رايس مبولحي مرتين فقط. واختصر محرز ما قام به في مباراة النصف النهائي، بالقول “حصلنا على ركلة حرة، تحملت مسؤولياتي، ووضعتها (في المرمى)”.
ومن جهته أثنى بلماضي على الروح القتالية لمحرز، وأوضح أنه يحمل شارة قيادة المنتخب لأنه لاعب مهم ويظهر الكفاءة والموهبة ويقدم مستويات رائعة ويتمتع بروح القيادة.
ويدرك محرز جيدا ما يعنيه اللقب للجزائريين، لاسيما في مصر. وبعد الفوز على نيجيريا، قال بنبرة الواثق الحالم “هل كان هذا أفضل هدف لي؟ أعتقد أنه الأهم مع المنتخب. نعم، حلمي هو أن أحرز لقب أمم إفريقيا”.
وأضاف “ستكون معركة أخرى أمام السنغال (..) لقد كنا جيدين جدا في هذه البطولة. هذه المباراة (ضد نيجيريا في نصف النهائي) منحتنا ثقة إضافية من أجل النهائي. نحن قادرون على الفوز فيه”.
وعلى الجهة الأخرى يحمل المهاجم الدولي ولاعب ليفربول الإنكليزي مانيه لواء السنغاليين في النهائي وهذا النهائي بالنسبة إليه بمثابة اختبار حقيقي ستكون نتائجه إيجابية على الصعيد الشخصي للاعب الذي يدخل سباق المنافسة على جائزة أفضل لاعب في أفريقيا وأوروبا برفقة محرز.
وعبّر العديد من اللاعبين الجزائريين القدامى والناشطين في المنتخب عن أملهم في أن تنال الجزائر لقب هذه النسخة القارية والتي تستحقها عن جدارة لجهة المردود الذي قدمته طوال لقاءات البطولة.
وقال عدلان قديورة إن “الفريق بكل عناصره يعمل بجدية للتتويج بكأس أمم أفريقيا في المباراة التي سيخوضها الخضر أمام السنغال”. وأضاف أنه “من المهم بالنسبة لنا تحقيق البطولة لأن تلك المجموعة تستحق التتويج باللقب بعد كل ما قدموه خلال الفترة الماضية”.
ويعلق الجمهور العربي آمالا واسعة على المنتخب الجزائري بأن ينال شرف هذا اللقب القاري ويصعد منصة التتويج لثاني مرة في تاريخه، بفضل العناصر التي يمتلكها المنتخب والروح القتالية التي بثها بلماضي في هذا الفريق لإسعاد الجزائريين.