المنتخب الجزائري يواصل تحقيق الحلم ببلوغه نهائي أمم أفريقيا

واصل المنتخب الجزائري الحلم المغاربي والعربي ببلوغه المباراة النهائية لمسابقة أمم أفريقيا، فيما تعرض نظيره التونسي إلى خيبة أمل بعد سقوطه المثير للجدل أمام السنغال لينتظر مباراة تحديد المراكز ضد نيجيريا الأربعاء، فيما يلاقي المحاربون الجزائريون أسود التيرانغا الجمعة في النهائي.

بلغ منتخبا الجزائر والسنغال المباراة النهائية لكأس الأمم الأفريقية في كرة القدم المقامة في مصر ويتواجهان الجمعة 19 يوليو على ملعب القاهرة الدولي.

وجاء تأهل منتخب السنغال بعد الفوز على تونس الأحد بنتيجة 1-0 بهدف سجله المدافع التونسي ديلان برون بالخطأ ضد مرمى فريقه في الشوط الإضافي الأول (الوقت الأصلي 0-0) على ملعب 30 يونيو (الدفاع الجوي)، قبل أن يلحق به منتخب الجزائر بالفوز المتأخر على نيجيريا بنتيجة 2-1.

وتضع أحكام كرة القدم أحيانا الجماهير والمتابعين لأي فريق أمام حتمية لا بديل عنها ألا وهي الاحتكام لأعرافها ونواميسها. وتلك هي “حدود” اللعبة وما تجود به على مناصريها وعشاقها في جميع الأوطان. فقد كانت الجماهير المغاربية والعربية تمنّي النفس بنهائي عربي خالص بين فريقين يتميزان بطموح وخبرة على المستوى القاري ويسعيان إلى لقب ثان لكل منهما. لكن الكرة المستديرة لها أحكامها وتقاليدها وما على عشاقها سوى أن يرضخوا لأمرها. فهناك فائز ومنهزم وهناك متوج ومغادر للسباق.

وشاءت بطولة الأمم الأفريقية أن تزيد من حماسة الجماهير على أرض الفراعنة أولا أين برز مشجعون مهووسون بزملاء فرجاني ساسي بالنسبة إلى تونس ورياض محرز ورفاقه بالنسبة إلى الجزائر كما أن لهم عشاقا أيضا في بلديهما وفي عموم البلدان العربية الأخرى.

احتفالات صاخبة

كانت الركلة الحرة التي سجلها لاعب مانشستر سيتي والمنتخب الجزائري رياض محرز في الثواني الأخيرة ضد نيجيريا، وراء احتفالات صاخبة عمت الجزائر بعد حصول “الخضر” على ورقة العبور إلى نهائي البطولة للمرة الأولى منذ 29 عاما.

وتابع الجزائريون المباراة في أحياء العاصمة وتجمعوا من مختلف الأعمار، حاملين الأعلام والرايات، آملين في أن يواصل منتخب بلادهم المرشح بقوة للقب منذ بداية البطولة الحالية، مسيرته نحو الظفر بالكأس القارية للمرة الثانية في تاريخه بعد عام 1990 على أرضه.

وانصبت الإشادات على وجه الخصوص على جمال بلماضي، النجم الدولي السابق الذي يتولى تدريب المنتخب منذ أغسطس 2018، والذي أعاد الفرحة لمشجعي كرة القدم الجزائريين بعد أعوام من الخيبات والأزمات.

وأبدى بلماضي فخره بالجيل الحالي لمحاربي الصحراء الذي قدم مستويات رائعة ووصل إلى البطولة. وقال “خضنا مباراة صعبة للغاية أمام نيجيريا وقدمنا أداء مميزا في الشوط الأول وأهدرنا عدة فرص”.

وأضاف “لم نضغط في الشوط الثاني ومنحنا نيجيريا الفرصة للعودة للمباراة، ولكن اللاعبين أظهروا قوة الشخصية والعقلية المميزة بعد هدف نيجيريا الذي جاء من ضربة جزاء”.

وعاش الجزائريون لحظات قلق خلال المباراة، لاسيما بعد تسجيل نيجيريا هدف التعادل في الشوط الثاني، قبل أن يطلق محرز الفرحة بملعب القاهرة أمام المئات من المشجعين الجزائريين الذين قدموا خصيصا لمتابعة المباراة، والملايين غيرهم في بلادهم ودول الانتشار، بركلته الحرة الرائعة في الثواني القاتلة.

وقال بلماضي “عدنا بهدف قاتل من رياض محرز في الدقيقة الأخيرة، منحنا بطاقة التأهل للدور النهائي للبطولة”.

وأشار إلى أنه ليس ساحرا أو صانع معجزات وسيفعل كل شيء من أجل تحقيق اللقب القاري وإسعاد شعب الجزائر ببطولة غابت عنه منذ 29 عاما كاملة.

وعن خصمه في النهائي السنغال، قال المدير الفني الجزائري “هذه رسالة قوية للقائمين على كرة القدم في بلادنا، أنا وأليو سيسيه مدرب السنغال من المديرين الفنيين الوطنيين الشباب ولعبنا كثيرا ضد بعضنا البعض، والفارق الوحيد بيننا أنه يقود فريقه منذ 4 سنوات تقريبا”.

وتراوحت مظاهر الاحتفال في العاصمة الجزائرية بين إطلاق العنان لأبواق السيارات، المفرقعات النارية والتجمعات العفوية في الشوارع.

وقال المشجع أحمد “كاد الترقب أن يقضي علينا. هذا ما كنا نحتاج إليه، الجزائر، المنتخب، الشعب”، معتبرا أن هذا ما يحصل عندما “نضع الرجل المناسب في المكان المناسب. شكرا بلماضي”.

ويأتي نجاح المنتخب في مسيرته بالبطولة القارية في خضم حراك احتجاجي غير مسبوق مناهض للحكم تشهده الجزائر منذ أشهر.

وأكد رياض محرز أن منتخب بلاده حقق فوزا مستحقا أمام نيجيريا، وأضاف “خضنا مباراة صعبة أمام فريق قوي. فرحتنا كبيرة للغاية بإسعاد شعبنا، ونعلم أن جماهيرنا تساندنا بقوة”.

وأوضح أن مباراة السنغال في الدور النهائي ستكون صعبة للغاية، خاصة أن أسود التيرانغا منتخب قوي للغاية. وبدوره قال النجم سفيان فيغولي إن “المهارات الفردية كللت مجهودنا اليوم، بتسجيل هدف محرز في الدقائق الأخيرة. لقد كان هدفا لا يصدق”. وكشف فيغولي أن “مواجهة السنغال ستكون صعبة ومعقدة للغاية، وذلك لأن كل فريق بمثابة كتاب مفتوح للآخر بعد مواجهة دور المجموعات”.

فرحة لم تكتمل

ياسين مرياح: كنا نحلم بالوصول إلى النهائي ومعانقة اللقب ولكن تبخر هذا الحلم
ياسين مرياح: كنا نحلم بالوصول إلى النهائي ومعانقة اللقب ولكن تبخر هذا الحلم

على الجانب الآخر من الحدود لم تكتمل الفرحة التونسية ببلوغ الدور نصف النهائي للمرة الأولى منذ 15 عاما، إذ سقط نسور قرطاج أمام السنغال في مباراة رأى التونسيون أنها “سُرقت” منهم، لكنها أيضا أعادت إلى الأذهان الأداء الباهت في غالبية النسخة الحالية المقامة في مصر.

وكانت نسخة 2019 في مصر فرصة مناسبة للمنتخب الأحمر ليضيف نجمه ثانية إلى سجله القاري، بعد الفوز الوحيد على أرضه عام 2004. ودخل منتخب تونس المنافسات بقيادة مدرب يعرف الكثير عن القارة السمراء، لكن إدارته للمجموعة على الميدان مثلت لغزا محيرا لبعض المحللين وجلبت له الكثير من الانتقادات. وسرعان ما تدارك الفرنسي ألان جيريس الأمر بفضل نجوم أبدوا قدرة فائقة على صنع التغيير خصوصا بعد دخول الفريق مرحلة الأدوار الإقصائية.

لكن اللاعبين خرجوا من لقاء السنغال بـ”مردود طيّب” بعدما قدموا “أفضل مباراة لنا في الكأس الأفريقية”، بحسب ما قال اللاعب وجدي كشريدة بعد نهاية المواجهة التي أقيمت على ملعب 30 يونيو في العاصمة المصرية.

وبالنسبة إلى زميله فرجاني ساسي الذي أضاع ركلة جزاء “اليوم (الأحد) قدمنا كل شيء في كرة القدم” من دون أن يكون ذلك كافيا للعبور. وأضاف “نتأسف لكل الشعب التونسي، كنا نريد أن نفرح الشعب التونسي ونفرح أنفسنا، لكن هذه هي كرة القدم”، وسيكون الأمل الوحيد الباقي في أمم أفريقيا 2019، انتزاع المركز الثالث في مباراة ضد نيجيريا الأربعاء.

وفي تونس عبّر التونسيون بمختلف أطيافهم عن خيبة أملهم بخروج منتخبهم من المنافسة على اللقب، وقال مروان، المشجع الذي تابع مع نحو 10 آلاف شخص عبر شاشة عملاقة في تونس العاصمة، “كانت المباراة لصالحنا، لعبنا بشكل جيد، لكن المباراة سرقت منا بذريعة تقنية الفيديو”.

ورغم الخيبة، حيا مشجعون المنتخب الذي تمكن من بلوغ الدور نصف النهائي للمرة الأولى منذ تتويجه بلقبه الوحيد عام 2004 على أرضه.

وأبدى المدرب الفرنسي ألان جيريس، شعوره بالحزن الشديد بعد الخسارة بهدف دون رد، وقال خلال مؤتمر صحافي “الخسارة محبطة بكل المقاييس.. الأداء كان حافلا بالندية ونعلم كلنا مفاجآت كرة القدم، وهذا طبيعي”.

وأعرب ياسين مرياح لاعب المنتخب التونسي، عن حزنه عقب الخسارة. وقال مرياح بعد المباراة “اللاعبون يتحملون مسؤولية الخسارة اليوم أمام السنغال، وعدم قدرتنا على التأهل لنهائي البطولة”. وتابع “كنا نحلم بالوصول إلى النهائي، ومعانقة اللقب، لإسعاد جماهيرنا في هذه النسخة من الكان، ولكن تبخر هذا الحلم”. وأضاف “نعتذر لجماهيرنا، ونعدهم بأن القادم سيكون أفضل”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: