صفقة رئاسة البرلمان تعمق خلافات إخوان الجزائر
أثار الصعود المفاجئ للنائب عن حركة البناء الوطني سليمان شنين، لرئاسة البرلمان الجزائري، لغطا كبيرا في المشهد السياسي المحلي، خاصة في ما يتعلق بمصير التحالف النيابي الذي ينحدر منه الرئيس الجديد، بعد بروز معالم انشقاق في صفوف الإسلاميين، حيث عبرت أكبر الأحزاب الإخوانية عن خيبتها من المناورة التي قادتها حركة البناء الوطني.
ودفع ذلك الجدل رئيس حركة البناء الوطني عبدالقادر بن قرينة لنفي إبرام صفقة سياسية مع سلطة الأمر الواقع، تضع لبنات تحالف جديد بين السلطة وفصيل جديد من الإسلاميين، أو أن تكون حركة البناء قد ناورت بالتنسيق مع قيادة المؤسسة العسكرية، على حساب الأطراف الأخرى، في إشارة للأحزاب الإسلامية العريقة على الساحة المحلية.
وجاء تفنيد رئيس الحركة المنشقة عن حركة مجتمع السلم، بعد تصاعد الجدل في أوساط الإسلاميين، وامتعاض العديد من القيادات والرموز في “حمس”، وجبهة العدالة والتنمية، حيث وصفت الأولى صعود سليمان شنين بـ”العملية التزيينية الفاشلة”، بينما أعلن عبدالله جاب الله وحسن عريبي، براءة حزبهما من انتخاب شنين على رأس البرلمان.
ويبدو أن الضحية الأولى للصفقة المثيرة للجدل، سيكون التحالف بين النهضة والعدالة والبناء، الذي كان سليمان شنين، أحد أعضائه ووقع بيانات وتصريحات باسمه في العديد من المناسبات، خاصة منذ اندلاع أحداث الحراك الشعبي.
وصرح عبدالقادر بن قرينة الذي كان أحد مرشحي الانتخابات الرئاسية الملغاة، ورئيس حركة البناء الوطني “يقولون في فضاء الفيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي وبعض الفضائيات إن حركة البناء عقدت صفقة، وتوضيحا للرأي العام وإحقاقا للحق، فإن الحركة التي فيها أبناء الشهداء لا تساوم ولا تعقد صفقات من أجل الوطن أبدا، لأن الصفقات تعتبرها ابتزازا”.
جاء تفنيد رئيس الحركة المنشقة عن حركة مجتمع السلم، بعد تصاعد الجدل في أوساط الإسلاميين، وامتعاض العديد من القيادات والرموز في “حمس”، وجبهة العدالة والتنمية
وفيما أثار تزكية أحزاب السلطة للرئيس الجديد للبرلمان، استغراب المتابعين للشأن الجزائري، ودفع للجزم بفرضية الصفقة السياسية، خاصة وأن الأمر يتعلق بمنصب مهم في الدولة، استحوذت عليه القوى السياسية الموالية للنظام منذ ميلاد التعددية السياسية في البلاد العام 1989، وجّه بن قرينة رسائل قوية لحركة مجتمع السلم، حول مصطلح الصفقات السياسية بين الإخوان والسلطة خلال العقود الماضية.
وخاطب رفاقه السابقين في ندوة صحافية عقدها الأسبوع الماضي “الصفقات يعقدها الكبار وحركة البناء صغيرة وحزب جديد في الساحة السياسية مقارنة بالمؤسسات السياسية الموجودة فيها، فهل المؤسسة العسكرية تعقد صفقة مع الصغير؟.. كونوا شجعانا وقولوا من هذه الجهة التي عقدنا معها الصفقة المزعومة”.
ويبدو أن بن قرينة كان بصدد تذكير زعيم حركة “حمس” عبدالرزاق مقري، بمشروع التوافق الوطني الذي أطلقته الحركة خلال الأشهر التي سبقت اندلاع أحداث الحراك الشعبي، وهو المشروع الذي كشف في ما بعد عن اتصالات كانت جارية بين قيادة الحركة والرجل القوي في النظام السابق سعيد بوتفليقة، في إطار صفقة سياسية، أراد بن قرينة، تذكير مقري بها، لمّا تحدث الأخير عن صفقة بين حركة البناء والسلطة برعاية المؤسسة العسكرية.
ولفت بن قرينة إلى مؤشرات تعيد رسم المشهد السياسي، في تلميح إلى تراجع دور وثقل الأحزاب الإسلامية العريقة، لصالح قوى جديدة، في إشارة لحركة البناء الوطني التي استحوذت على رئاسة البرلمان، رغم تواجدها المحدود في المجلس الشعبي الوطني، لاسيما وأن المسألة تسير عكس منطق الانتخابات والأغلبية.
وتوقع بن قرينة حدوث تغيرات قوية في المستقبل القريب، حيث أردف قائلا “الجزائر الآن تعيش زلزالا حقيقيا، لازال لم يتوقف وسوف تسقط رايات كثيرة قريبا، كانت تؤدي الأدوار الوظيفية، رغم أن بعضها كان يدعي المعارضة الجدية”.