زياش محتار بين اللعب في البريميرليغ أو خلافة أسطورة البوندسليغا؟
رغم بداية حكيم زياش غير الموفقة مع منتخب بلاده المغربي المشارك في كأس أمم إفريقيا بمصر، إلا أن هذا لم ولن يمنع الصحف والمؤسسات الإعلامية الرياضية من التكهن حول مستقبله ووضعه في جملة مُفيدة مع أعتى فرق القارة العجوز، خاصة بعد حملته شبه النموذجية مع أياكس، بالتتويج بالثنائية المحلية الإيرديفيسي والكأس.
وفي المباريات الثلاث الأولى للمغرب في البطولة الافريقية، لم يعبر صاحب الـ24 عاما عن نفسه كما تنتظر جماهير منتخب بلاده، لكن عبر صفحات الجرائد وفي العالم الافتراضي، يُعّد زياش من أكثر الأسماء المتداولة في ركن الشائعات وأخبار انتقالات اللاعبين، ما بين مصادر تتحدث عن تلقيه عرضا لا يُقاوم للعب في البريميرليغ مع أحد عمالقة العاصمة، وتقارير أخرى تربط اسمه بكبير الألمان بايرن ميونيخ، لتعويض رحيل الأسطورة آرين روبن. وتتفق الأنباء أن زياش سيتخذ قراره النهائي بشأن مستقبله بمجرد أن ينتهي دوره مع الأسود في البطولة الإفريقية، ما يعني أنه في غضون 10 لـ14 يوما، من المفترض أنه يكون وضع القلم على عقد ارتباطه بناديه الجديد، استنادا لتصريحاته التي أدلى بها في نهاية الموسم، والتي لمح خلالها عن رغبته في البحث عن تحد جديد، رغم أن عقده مع أصحاب “يوهان كرويف آرينا” ما زال ممتدا لموسمين قادمين. وحتى الآن لم تنجح محاولات إغرائه براتب مُحسّن لتمديد عقده قبل أن يَحق له الرحيل بموجب قانون بوسمان في مثل هذه الأيام العام المقبل، وبناء عليه، اضطر المدير الرياضي لبطل هولندا مارك أوفرمارس، للاعتراف بصعوبة الإبقاء على الجناح المغربي المتميز، احتراما لرغبته في الرحيل وليس لأي شيء آخر.
وبالنظر لسعر زياش، فمن الناحية التسويقية ومقارنة بالأسعار التي جعلت ظهير أيمن عمره في ملاعب البريميرليغ 12 شهرا يتجاوز حاجز الـ50 مليون جنيه إسترليني، آرون بيساكا، المنتقل من كريستال بالاس إلى مانشستر يونايتد حديثا، فمن المنطق ألا يقل سعر المهاجم المغربي عن ذلك الرقم، لكن من حُسن حظ الطامعين في اقتنائه، فان قيمة الشرط الجزائي في عقده لا تزيد على 30 مليون يورو، رغم أن سعره على موقع “ترانسفير ماركت” يُقدر بنحو 40 مليوناً.
وبحسب ما هو متداول، فإن أياكس اتفق مع اللاعب على تحقيق رغبته قبل انتهاء عقده بعامين، بشرط أن يساهم في إنعاش الخزينة بمبلغ أكبر من قيمة الشرط الجزائي في عقده، لحل أزمة التضخم التي ضربت السوق في آخر عامين، على ألا يزيد سعر البيع النهائي على 40 مليون يورو، ويُقال إن الأيام القليلة الماضية، تلقى النادي الهولندي اتصالات بالجملة للاستفسار عن صاحب القدم اليسرى الذهبية، التي ساهمت في إنجاز الوصول لنصف نهائي الكأس ذات الأذنين بعد سنوات طويلة. ووفقا لما ذكرته صحيفة “داغبلاد” الهولندية، فإن أول وأكثر الراغبين في ضم زياش، هو منافس ريال مدريد وبرشلونة في الليغا إشبيلية، بعدما اتخذ خطوة جريئة للانقضاض على الموهوب المغربي مقابل 30 مليون يورو، لكن العرض قوبل بالرفض من اللاعب، بدون الكشف عن السبب. ويعتقد كثير من النقاد والمتابعين، أن أسد أطلس يبحث عن خطوة جادة إلى الأمام في مسيرته، بالأحرى الوصول للمستوى الذي يؤهله ليكون النجم الإفريقي الجديد الساطع في بلاد الضباب بعد الطفرة الإفريقية العربية الأخيرة، متمثلة في رياض محرز ومحمد صلاح وساديو ماني وبيير إيميريك أوباميانغ. ويملك الشاب المغربي من الموهبة ما يكفي لمزاحمة الفرعون وبقية الأفارقة المشاهير على الجوائز الفردية المرموقة، فمن ناحية المهارة، وفي موقف لاعب ضد لاعب من الصعب الوقوف أمامه، وعندما يتخذ قرار الانطلاق في الثلث الأخير من الملعب، يتّحول لتسونامي يهدم دفاعات المنافسين، ناهيك عن ذكائه الفطري في الملعب. هو لاعب عربي بنكهة لاتينية خالصة، فقط يحتاج لمدرب قادر على احتوائه وإقناعه بالتفكير أولا في الحل الجماعي قبل الفردي في الفرص المصيرية.
لا خلاف أبدا على إبداعه وسحره كلاعب جناح عصري يحلم به أي مدرب في العالم، لكن تعيبه الأزمة التي كان يعاني منها صلاح قبل نضجه مع ليفربول، حتى أنه كان يعاني منها في بدايته مع الريدز، بالتفنن في إهدار الفرص السهلة، وأحيانا يلجأ للتفكير في الحل الفردي الأصعب على حساب الجماعي السهل في مواقف ولحظات لا تعوض. وأمور بسيطة كهذه من السهل التخلص منها مع مدرب قادر على التعامل معه نفسيا، ليُخرج منه أفضل ما لديه في مستوى ودوري تنافسي أعلى من الإيرديفيسي، حيث من السهل أن تراوغ الحارس وتسدد في الشباك من الخارج وكأن شيئا لم يكن، عكس الوضع في البريميرليغ أو إحدى الدوريات الكبرى، لا يمزحون مع اللاعب الأناني، معها سيقترب زياش أكثر من أي وقت مضى لمستوى النجوم العرب والأفارقة المتألقين في البريميرليغ، كما يُريد ويُخطط لنفسه في المرحلة المقبلة.
والآن عليه المفاضلة، إما قبول تحدي أبناء قارته في أعرق ملاعب العالم أو خلافة الهولندي الطائر آرين روبن في “آليانز آرينا”، وفي إنكلترا، يبقى الخيار المثالي له إذا كان يُفكر في تأجيل اللعب في دوري الأبطال الموسم المُقبل، الانتقال لآرسنال، ليكون قطعة ثابتة في مشروع المدرب أوناي إيمري في موسمه الثاني مع المدفعجية، وهناك على ملعب “الإمارات”، سيكون محظوظا باللعب مع أصحاب سرعات مثل أوباميانغ ولاكازيت، وهو ما سيساعده على إظهار قدراته في المساحات ومواقف نقل الفريق من الحالة الدفاعية إلى الهجومية في لحظات، خصوصا في الهجمات المرتدة. خيار آخر إنكليزي لا يقل إثارة عن آرسنال، هو الجار العدو توتنهام. معروف أن كريستيان إريكسن قد ينتقل إلى ريال مدريد هذا الصيف، لتخوف دانيال ليفي من فقدانه بدون مقابل الصيف المقبل، لذا سيكون من الجيد لماوريسيو بوتشيتينو التفكير في زياش، كحل للتخلص من أزمة الاختراق في العمق الذي سيتركها الفنان الدنماركي، والمدرب الأرجنتيني يملك العقلية والشخصية التي تمكنه من احتواء النجم العربي، ليعطي أفضل ما لديه للفريق، كما أعاد لوكاس مورا إلى سطح القمر، بعد تجمده على مقاعد بدلاء باريس سان جيرمان.
من العروض الأخرى المحتملة من كبار البريميرليغ، ليفربول، وبصرف النظر عما إذا كانت مجرد شائعات أو تقارير حقيقية، فالمدرب الألماني في أمس الحاجة لإضافة مزيد من الجودة في الثلث الأخير من الملعب، بعنصر مختلف عن الثلاثي ساديو ماني ومحمد صلاح وروبيرتو فيرمينو، قبل أن يتحول لثلاثي هجومي محفوظ، غير أنه سيعطي الفريق الإضافة التي يبحث عنها في الحلقة المفقودة بين ثلاثي الوسط والهجوم، مركز اللاعب المتحرك بين الخطوط في وسط ملعب المنافسين، الدور الذي كان يقوم به فيليب كوتينيو وأجاد فيه أيضا أليكس تشامبربين قبل ابتعاده عن الملاعب لمدة عام بداعي الإصابة.
الاحتمال الأخير، الذهاب إلى “آليانز آرينا”، ليكون جزءا من مشروع المدرب الكرواتي نيكو كوفاتش، الذي يخطط لبناء فريق شاب بإمكانه المنافسة على البطولات المحلية والقارية في العقد المقبل، بنفس الإستراتيجية المعروفة عن الفريق البافاري كل عشرية، وبالطبع شرف لأي لاعب ارتداء قميص فريق بعظمة وتاريخ البايرن، لكن الآن تغيرت المعطيات والمفاهيم، وأصبح الجيل الجديد من اللاعبين يبحث أكثر عن المال وأضواء الشهرة والإعلانات التجارية والتسويقية المتوافرة لدى أندية البريميرليغ ومعهما الثلاثي ريال مدريد وبرشلونة وباريس سان جيرمان، فيا ترى كيف يُفكر نجمنا العربي؟ هل في منافسة الأفارقة في مهد كرة القدم؟ أم سيختار البايرن أو كما يتردد أيضا أتلتيكو مدريد ليعاون جواو فيليكس على رحيل أنطوان غريزمان؟