الجزائر تعوض خيبة خروج المغرب ومصر
ضرب المنتخب الجزائري بقوة وظهر في مستوى الرهانات والآمال التي وضعها فيه الجمهور الجزائري والعربي عموما بعد انتصاره على غينيا بثلاثية نظيفة، ليتمكن من بلوغ الدور ربع النهائي لأمم أفريقيا، لكنّ الخبراء والمحللين يقرون بأن مسؤولية المحاربين أصبحت مضاعفة بعد خروج المغرب ومصر.
خفّف المنتخب الجزائري من وطأة الخروج المفاجئ للمنتخبين العربيين، المغرب ومصر، واستطاع أن ينسي الجماهير الرياضية بعض آلامها بعد تقلص عدد المنتخبات العربية المشاركة في بطولة أمم أفريقيا في مصر.
وقدم زملاء سفيان فيغولي ورياض محرز طبقا كرويا رائعا شد إليه الأنظار ونال إشادة عربية واسعة من كافة متابعي هذا المنتخب الذي ما انفك أداؤه يتطور يوما بعد يوم بقيادة مدرب كبير هو جمال بلماضي.
ومضى منتخب “محاربي الصحراء” أو “الخضر” كما يحلو للجزائريين تسميته في تشريف الراية الجزائرية وحمل لواء المنتخبات العربية المغادرة، وقبل ذلك إسعاد الجماهير الجزائرية التي تحولت بأعداد كبيرة إلى ملعب الدفاع الجوي لمؤازرة فريقها وإعطائه شحنة معنوية من أجل الانتصار.
وأنست كتيبة المحاربين الجزائريين همومهم وأدخلت الفرحة على قلوب الجماهير العربية الطامحة إلى مشاهدة جميع المنتخبات تسير على درب رفقاء بغداد بونجاح ويوسف بلايلي.
مفاجأة الجميع
كان ملعب 30 يونيو (الدفاع الجوي) بالقاهرة مسرحا للقاء مشوق حققت فيه الجزائر بقيادة المدرب جمال بلماضي الفوز الثاني على التوالي بهذه النتيجة المريحة، مثبتة موقعها بين أبرز المرشحين للقب لاسيما بعد خروج المغرب ومصر المضيفة، بينما واصلت مدغشقر، تحقيق المفاجآت بإقصائها في الإسكندرية الكونغو الديمقراطية 4-2 بركلات الترجيح، بعد التعادل 2-2.
وستنتظر الجزائر الفائز من مباراة مالي وساحل العاج، فيما تلاقي مدغشقر الفائز من مقابلة تونس وغانا.
الأكيد أن وراء هذا الأداء اللافت والصنعة الكروية والنتيجة الحاسمة في كل مباراة، يوجد مدرب قوي وقائد فني له كلمته وسره في التوليفة التي يختارها قبل بدء أي مباراة. والأكيد أيضا أن درجة الوثوقية في النفس عندما تبلغ مداها، فإنها تعكس قوة شخصية المدرب ووقوفه على كل كبيرة وصغيرة في الميدان وخارجه.
وعندما يقول بلماضي “جئت إلى أمم أفريقيا لتحقيق شيء لا يتوقعه أحد”، فهذا سر لا يعرف كنهه سوى بلماضي والجهاز المعاون له.
وأبدى المدير الفني الجزائري سعادته بالفوز وقال في المؤتمر الصحافي بعد المباراة، إنه “راض عن الأداء الذي قدمه الفريق وتسجيل 3 أهداف، والمنتخب الغيني بذل قصارى جهده في اللقاء”.
وأكد أن منتخب الجزائر لم يفز باللقب بعد حتى يحتفل، خاصة أن هناك فرقا طموحة تسعى إلى التتويج إلى جانب وجود فرق مرشحة لعبت في كأس العالم.
وأوضح بلماضي أنه يسعى إلى تصحيح الأخطاء الصغيرة، ورد بشكل ساخر على سؤال حول النصائح التي من الممكن أن يوجهها لنفسه، بالقول “إذا فعلت ذلك سأكون أصبت بالجنون، لديّ ملاحظات وبالتأكيد هناك فرصة بسيطة للراحة لأعاود نشاطي”.
وتفاعل عدد من الرياضيين والإعلاميين مع مباراة الجزائر بتغريدات عبر حساباتهم بموقع التواصل الاجتماعي تويتر. ونشر حاتم الطرابلسي نجم منتخب تونس الأسبق “الجزائر بأدائها المُستقر تحسم تأهّلها إلى الدور ربع النهائي بعد انتصار أكثر من مقنع أمام غينيا، الخضر أول المتأهلين العرب للدور المُقبل في انتظار مباراة تونس أمام غانا، مبروك للجزائر”.
حصيلة إيجابية
في رابع مباراة في النسخة الـ32 من البطولة المقامة حتى 19 يوليو، لا يزال مرمى الجزائري رايس مبلوحي الوحيد الذي لم يتلق أي هدف، إضافة إلى أن منتخبه هو أيضا الوحيد الذي حقق انتصاره الرابع تواليا.
ويصعب العثور على خطأ في أداء ثعالب الصحراء. فهذا المنتخب الذي دخل البطولة باحثا عن لقبه الثاني في تاريخه بعد 1990 على أرضه، وتعويض خيبة الإقصاء المبكر من الدور الأول لنسخة 2017، يتقدم بثبات مدعوما بصلابة وابتكارية ثلاثية: دفاعا، وسطا، وهجوما.
ولا يريد بلماضي، الذي يعزو إليه معلقون نجاحه منذ صيف العام الماضي في بث “الروح” في صفوف منتخب عانى كثيرا وغاب عن نهائيات مونديال 2018، الإفراط في الحديث عن وضعه في خانة المرشح الأبرز.
وبعد المباراة، واجه العديد من الأسئلة عن “اختباء” الجزائر وعدم إقراره هو بالواقع الظاهر للعيان. ورد بالقول “مختبئون أو غير مختبئين، مرشحون أو غير مرشحين.. هذا لا يعني شيئا، الجميع يدرّس الجميع. لا أريد أن أكرر من أين أتينا. نحن نخرج من فترة حرجة تعود إلى عام 2014”.
وأضاف “نحن لا نختبئ. الجميع يرى”، متابعا “لا يكلف شيئا أن نكون طموحين ولدينا أهداف وإن كانت تبدو مستحيلة. لم أتوقع الفوز في كل مبارياتنا بدور المجموعات”.
وتابع “نحن أكثر من راضين، سعداء جدا، اللاعبون قدموا أداء جميلا، لم يتلقوا هدفا، سجلوا ثلاثة (..) سيطروا بطريقة ما على هذه المباراة”.
وتفادى المنتخب الجزائري الفخ الذي سقط فيه منتخبا المغرب ومصر في ثمن النهائي. فالمنتخبات العربية الثلاثة كانت الوحيدة التي أنهت الدور الأول بالعلامة الكاملة (9 نقاط من ثلاث مباريات)، وحافظت على نظافة شباكها.
وعلى الرغم من ذلك، كان المغرب أول المرشحين الذين يودعون البطولة، بسقوطه الجمعة أمام بنين بركلات الترجيح 4-1 (بعد التعادل 1-1 في الوقتين الأصلي والإضافي)، بينما كانت مصر المفاجأة الثانية بسقوطها السبت أمام جنوب أفريقيا (صفر- 1)، في يوم شهد أيضا فقدان الكاميرون للقب 2017 الذي تحمله، بخسارتها أمام نيجيريا 2-3.
لكن الجزائر واصلت بثلاثية يوسف بلايلي والقائد رياض محرز والبديل آدم وناس، تقديم أداء يمزج بين الصلابة الدفاعية، والاستحواذ في خط الوسط، والسرعة والمهارة في التمريرات نحو الهجوم، والقدرات الفردية على هز الشباك.
وحاولت غينيا بقيادة المدرب البلجيكي بول بوت تشكيل خطر لكن دون نجاعة، لاسيما وأنها تفتقد النجم نابي كيتا الذي أبعدته الإصابة.
وقال بوت “لعبنا ضد أفضل منتخب حاليا، وكنا نعرف أنها ستكون مباراة معقدة لنا (..) قبل أن نتلقى الهدف كنا في المباراة، بعد ذلك ارتكبنا خطأ ونعرف أن المنتخب الجزائري جيد جدا، إذا تأخرت تصعب العودة”.