حكومة السراج تستخدم المهاجرين في الحرب
أعاد القصف الذي تعرض له مركز للمهاجرين غير الشرعيين في ضواحي العاصمة طرابلس الجدل بشأن استغلال ميليشيات حكومة “الوفاق” للمهاجرين في أعمال قتالية أو متعلقة بالحرب وهو ما يشكل انتهاكا للقانون الإنساني الدولي.
كشف القصف الذي تعرض له مركز احتجاز للمهاجرين غير الشرعيين في منطقة تاجوراء بضواحي العاصمة الليبية طرابلس وأودى بحياة العشرات ليل الثلاثاء الأربعاء، استخدام حكومة “الوفاق” للمهاجرين في حرب التصدي لمحاولات الجيش لتحرير العاصمة من الميليشيات والمجموعات المتطرفة.
ويؤكد رفض حكومة “الوفاق” مطالب دولية بإخلاء مراكز المهاجرين وإبعادهم عن خطوط القتال هذه الأنباء. وذكر المتحدث باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في جنيف روبرت كولفيل أن المفوضية طلبت إخلاء مركز إيواء للمهاجرين قبل أسابيع “بعد أن كاد يصاب بضربة جوية مماثلة”.
وأضاف أنه يعتقد أن المركز يستخدم لتخزين الأسلحة، وقال “استخدام البنى التحتية بهذا الشكل يمثل انتهاكا للقانون الإنساني الدولي”. وبدوره أكد وزير الخارجية الإيطالي إينزو موافيرو “علينا أن نؤمن فورا إجراءات جادّة للحماية، وخصوصا نقل المهاجرين المتواجدين في مراكز إيواء إلى مناطق بعيدة عن المعارك”.
وفي أبريل الماضي نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية تقريرا قاتما عن أوضاع المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا ونقلت شهادات لبعض المهاجرين عن استغلالهم في القتال.
وقال أحدهم “تجبر الشرطة والجنود المهاجرين على القيام بأعمال تشمل التنظيف وتحميل الأسلحة. ويخبرون المهاجرين أنه إذا كنتم تعرفون كيف تطلقون النار، فسوف نترككم معنا”.وقال معتقل آخر “لقد غسلنا السيارات المليئة بدماء الجنود الذين قتلوا في ساحة الحرب. لا أشعر أنني بخير ولكنني لا أمتلك خيارا آخر”. وقال التقرير “يوجد حاليا حوالي 6 آلاف لاجئ ومهاجر محبوسين في مراكز احتجاز، هي ظاهريا تحت سيطرة مديرية ليبيا لمكافحة الهجرة غير الشرعية، والمرتبطة بحكومة فايز السراج”.
وأضاف “في الواقع، تدير الميليشيات العديد من هذه المراكز. ولم تستجب المديرية لطلبات متعددة للتعليق عن هذه الأخبار”. وفي 8 يونيو الماضي ندّدت الأمم المتحدة بالظروف “المروعة” في مراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا، مع وفاة العشرات منهم جراء إصابتهم بالسلّ ومعاناة مئات من الجوع بسبب قلة حصص الطعام بينما فقد آخرون على ما يبدو.
وقال المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة للاجئين “نشعر بقلق بالغ حيال الظروف المروعة التي يحتجز فيها المهاجرون واللاجئون في ليبيا”. وحسب بيانات الأمم المتحدة، لا يزال هناك نحو 3400 لاجئ ومهاجر محتجزين في طرابلس، التي تشهد معارك مستمرة منذ بداية أبريل الفائت.
وأوضح أنه منذ نهاية ابريل قال خفر السواحل الليبي أنه نقل مئات ألأشخاص إلى مركز الخمس لإيواء المهاجرين الذي يشرف عليه جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، بمن فيهم 203 أشخاص تم تسليمهم للمركز في 23 مايو وحده.
وتابع أن مركز الخمس يؤكد أن عدد المهاجرين الموجودين فيه يبلغ 30 فقط. وقال كولفيل “هذا مقلق على وجه الخصوص بسبب التقارير عن بيع المهاجرين (لاستغلالهم) في العمل القسري أو لمهربين يعدون بنقلهم إلى أوروبا”. كما ألمح إلى “تقارير عن بيع بعض النساء لاستغلالهم جنسيا”
وطالب كولفيل الحكومة الليبية “بأن تطلق فورا تحقيقا مستقلا لتحديد أماكن هؤلاء الأشخاص المفقودين” في ما تزايدت الشكوك من أن تكون الميليشيات قد أجبرتهم أو استقطبتهم للقتال في صفوفها.
وندد مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا غسان سلامة بالهجوم وقال إنه “يرقى إلى مستوى جريمة حرب”. وخلف الهجوم حفرة بقطر نحو ثلاثة أمتار في وسط المركز، أحاطت بها أنقاض الهيكل المعدني بسبب قوة الانفجار. وذكرت الأمم المتحدة أن 33 شخصا على الأقل قتلوا كما أصيب أكثر من 130 آخرين”.
وقال سلامة في بيان “إن هذا القصف يرقى بوضوح إلى مستوى جريمة حرب إذ طال على حين غرة أبرياء آمنين شاءت ظروفهم القاسية أن يتواجدوا في ذلك المأوى”، داعيا المجتمع الدولي “لإدانة هذه الجريمة وإلى تطبيق العقوبات الملائمة على من نفذ هذه العملية بما يناقض، وبشكل صارخ، القانون الإنساني الدولي”.
ولم يتبن أي طرف من أطراف القتال القصف في حين وجهت حكومة “الوفاق” الاتهامات للجيش بقيادة المشير خليفة حفتر الذي فضل التزام الصمت وعدم الرد على تلك الاتهامات.
حكومة “الوفاق” ترفض مطالب دولية بإخلاء مراكز المهاجرين وإبعادهم عن خطوط القتال بعد أن أصيب أحدها بضربات في وقت سابق
لكن وزارة الخارجية التابعة للحكومة المؤقتة (غير معترف بها دوليا) اتهمت الميليشيات بتنفيذ الجريمة بعد قصف دقيق للجيش استهدف مخازن الأسلحة، لتأليب الرأي العام الدولي عليه.
وقال نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الإيطالي، ماتيو سالفيني، إن القوات التابعة للمشير خليفة حفتر هي “المسؤولة عن القصف الجوي الذي طال مركزا لإيواء المهاجرين في تاجوراء، بالعاصمة طرابلس” مطالبا في الوقت نفسه “المجتمع الدولي بالتدخل لدعم حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، كونها الحكومة المعترف بها شرعيا من طرف الأمم المتحدة”.
وقال سالفيني في مؤتمر صحافي اليوم الأربعاء، “بالنسبة إلى ليبيا، يحدوني الأمل بأن يستيقظ المجتمع الدولي، فإن المسؤولية تقع على عاتق الجنرال حفتر”.
وتأتي تصريحات سالفيني لتؤكد ما يتداول من أنباء حول وجود انقسام في الموقف الإيطالي بشأن ليبيا خلق حالة من التردد عن استمرار دعم حكومة “الوفاق” ما يفاقم من عزلتها. وتعول الحكومة التي يهيمن عليها الإسلاميون على سالفيني المعروف بمواقفه المتطرفة لاسيما بشأن التدخل الفرنسي في ليبيا، لإقناع بلاده بلعب دور أكبر لإنقاذ الميليشيات في طرابلس.