الحر اللاهب في أوروبا يخلّف الرعب ويحرق الأرض في إسبانيا

المدن الأوروبية تتخذ إجراءات استثنائية من أجل مواجهة موجة الحر “التاريخية” التي تضرب أجزاء واسعة من القارة.

تتعرض دول عديدة من القارة الأوروبية لموجة حرّ قاسية، خلفت ضحايا من المسنين وحرائق في إسبانيا رغم التحذيرات وإجراءات الطوارئ، ومن المتوقع أن تنخفض درجات الحرارة مع بداية الأسبوع القادم بحسب الأرصاد الجوية.

 تضرب أوروبا موجة حرّ شديدة تتواصل إلى الجمعة بحسب الأرصاد الجوية، وخلّفت حالات من الوفيات واندلاع حرائق وزيادة التلوث، فيما دب الرعب في بريطانيا بعد أن أعلنت الأرصاد الجوية، أن الموجة ذاتها في طريقها إلى البلاد، وتمت دعوة البريطانيين إلى توخّي الحيطة والحذر من أشعة الشمس المباشرة الحارقة التي تنتظرهم.

وتسببت موجة الحر بفرنسا في وفاة ثلاثة أشخاص من المتنزهين على الشواطئ، ومن بين الوفيات الثلاث، رجل في السبعين من عمره قضى إثر سكتة قلبية بعد أن لجأ إلى الماء البارد بسبب الحر، ما أدى به إلى ردة فعل بسبب التغير المفاجئ في حرارة الجسم، أما الشخصان الآخران، فأحدهما سيدة فارقت الحياة على شاطئ مدينة مونتبيلير، وتبلغ من العمر 62 عاما، إضافة إلى رجل على شاطئ قريب ويبلغ من العمر 75 عاما.

ونصحت السلطات الفرنسية المتنزهين بعدم النزول إلى المسابح بشكل مفاجئ خلال موجة الحر، والالتزام بالنزول إلى الماء بشكل تدريجي.

وصرّح عالم الأرصاد الجوية غيلوم فوزنيتسا، أنه ليس لديه أدنى شك في أن درجة الحرارة في فرنسا ستحقق رقما قياسيا جديدا عند 45 درجة مئوية الجمعة، بعد الرقم القياسي 44 عام 2003.

واستعدادا لبلوغ درجات الحرارة أعلى مستويات لها في البلاد، كرّرت وزيرة الصحة الفرنسية أغنيس بوزين، التأكيد على ضرورة الالتزام بإجراءات السلامة التي على الجميع اتخاذها “لتفادي حصول وفيات وحالات طوارئ غير ضرورية”.

وينتظر أن تتخطى درجات الحرارة الأربعين درجة مئوية الجمعة في إيطاليا، خصوصا في وسط البلاد وشمالها.

وفي ميلانو (شمال إيطاليا)، توفي مشرد يبلغ 72 عاما، عثر عليه ميتا صباح الخميس قرب محطة القطار المركزية، بعدما فقد الوعي بسبب الحر، وفق السلطات.

واتخذت المدن الأوروبية إجراءات استثنائية من أجل مواجهة موجة الحر “التاريخية” التي تضرب أجزاء واسعة من القارة هذا الأسبوع.

وفي هذا الإطار، أوردت صحيفة غارديان البريطانية، الخميس، أن مدينة ألمانية قيّدت السرعة القصوى للمركبات في طريق سريعة تمرّ بجوارها.

وأوضحت الصحيفة أن مدينة كوشن القريبة من الحدود البولندية، التي سجلت 39 درجة مئوية، الأربعاء، قررت أن تكون السرعة القصوى في الطريق السريع 120 كيلومترا في الساعة.

وجاءت خطوة المسؤولين في المدينة بعد أن لاحظوا تدهور حالة الطريق الإسفلتية إلى درجة الذوبان.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ التوت قضبان السكك الحديدية بالقرب من روستوك الألمانية المطلة على بحر البلطيق، الأمر الذي يظهر خطورة موجة الحر الاستثنائية.

وفي بادرة طريفة، قرر رجل ألماني التعامل مع ارتفاع الحرارة بطريقته الخاصة، فقد كشفت شرطة براندينبيرغ لاندر، شمال شرق، أنها قد أوقفت رجلا يقود دراجة نارية لا يرتدي شيئاً سوى خوذة وحذاء.

وقالت الشرطة على وسائل التواصل الاجتماعي، إنه عندما سئل عن وجوده في الشارع عاريا رد بأن الجو حار جداً.

وقالت الشرطة، “لا يمكننا أن نختلف حول حرارة الجو، لكننا طلبنا منه ارتداء بنطاله وتركناه يكمل طريقه”.

وفي مدينتي لوين وباد أوينهاوزن (في وسط غرب ألمانيا)، قررت السلطات فرض قيود على مياه الشرب التي بدأت كمياتها بالتراجع. وحصرت استخدامها بـ”الاحتياجات الضرورية” مع التحذير بفرض غرامة قدرها ألف يورو.

وندد الطبيب ميهو سوسيك المسؤول عن إدارة الطوارئ في مدينة سبليت في كرواتيا بعدم وعي البعض تجاه موجة الحر.

وقال، “ماذا يمكنك أن تقول حين يفقد شخص يبلغ من العمر 80 عاماً الوعي على الشاطئ ظهراً في ظل الشمس الحارقة؟”.

وتعاني البلقان أيضا من موجة حر ووصلت درجات الحرارة إلى 36 درجة مئوية في العاصمة الكرواتية زغرب.

وتواجه الحيوانات أيضا موجة الحر، وتعمل حدائق الحيوانات الأوروبية على تأمين سلامة الحيوانات الموجودة فيها مثل تقديم مثلجات المانغا لحيوانات الليمور، وتقديمها مع السمك لحيوان القوطي، فيما منعت الحكومة الفرنسية مؤقتا نقل الحيوانات حفاظا على سلامتها.

وتضاعف الحرارة أكثر آثار التلوث، خصوصا في طبقة الأوزون. ومنعت مدن باريس وليون ومرسيليا وستراسبورغ السيارات الأكثر تلويثا من التنقل.

وفي إسبانيا، امتدت حرائق الغابات في إقليم كتالونيا في شمال شرق إسبانيا الخميس على مسافة عشرة آلاف فدان، وقال عمّال الإطفاء إن المنطقة المتضررة قد تتسع بدرجة كبيرة مع اشتـداد موجـة حـارة تتعرض لها البلاد.

مدينة كوشن الألمانية تحدد السرعة القصوى للسيارات بسبب تدهور حالة الطريق الإسفلتية إلى درجة الذوبان

ومن المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة في بعض أجزاء إسبانيا إلى أكثر من 43 درجة مئوية الجمعة.

وقالت حكومة إقليم كتالونيا، إن حرائق الغابات التي يشهدها الإقليم من بين أسوأ الحرائق التي تعرّض لها منذ عشرين عاما، مضيفة، أنه جرى إجلاء نحو 30 شخصا من منازل ريفية في المنطقة المتضررة.

وسكبت طائرات هليكوبتر المياه على ألسنة اللهب في المنطقة الجبلية التي تبعد نحو 80 كيلومترا عن بلدة تاراغونا الساحلية. ولم ترد أنباء عن سقوط قتلى أو جرحى. ووصفت عالمة الأرصاد الجوية الإسبانية سيلفيا لابلانا الطقس المستقبلي بأنه “الجحيم القادم”، من المتوقع أن ترتفع الحرارة في مدريد إلى 40.6 درجة مئوية.

والسبب وراء الحرارة العالية بالمنطقة هو أن منطقتي غرينلاند وفوق شمال وسط أوروبا تحجب الهواء البارد، فتتكون كبسولة من الهواء الساخن قادم من الصحارى الأفريقية والإسبانية، وبالنتيجة ترتفع درجات الحرارة وتتشكل العواصف الرعدية الشديدة.

وتتوقع الأرصاد الجوية، أن تبدأ موجة حر أوروبا بالانحسار التدريجي مطلع الأسبوع المقبل وبشكل تدريجي خلال الاثنين، لتبدأ حينها درجات الحرارة بالانخفاض في مختلف المناطق الجنوبية الغربية من أوروبا، في حين أنها قد تبقى لفترة طويلة جدا في جنوب فرنسا وأجزاء من إسبانيا وإيطاليا.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: