كيف يصنع تعنيف المرأة إرهابيا
في كتابها بعنوان “كيف يحوّل العنف المنزلي الرجال إلى إرهابيين”، تقول جوان سميث، المدافعة عن حقوق الإنسان، إن “هناك صلة وثيقة بين العنف الخاص والعنف العام”.
ما هي القواسم المشتركة التي تجمع بين الجهاديين والقتلة اليمينيين بخلاف حقيقة أنهم ارتكبوا عملاً من أعمال العنف بشكل علني؟ هل هناك رابط يربط بين الذين ارتكبوا هجمات باسم الإسلام في بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة والذين هاجموا المسلمين في الغرب؟
وفقًا للمدافعة عن حقوق الإنسان جوان سميث، فإن جميع هؤلاء القتلة كانوا من الرجال الذين لديهم تاريخ من العنف المنزلي، معظمهم من الجناة ولكن في بعض الأحيان ضحايا أيضاً.
كان الكثير منهم كارهين للنساء؛ يضربون زوجاتهم ويقهرنهم ويتحكمون بهن ويرهبوهن. البعض، مثل الأخوة كواشي الفرنسيين الجزائريين الذين قتلوا موظفي مجلة “شارلي إبدو” في عام 2015، عانوا على أيدي آباء عنيفين.
كتبت سميث في كتابها أن هناك صلة وثيقة بين العنف الخاص والعنف العام. ويعد عنوان الكتاب – تمامًا مثل فرضية سميث – تأكيداً مثيراً للتفكير، والذي يدعو بشكل قاطع إلى إعادة النظر في استراتيجيات مكافحة الإرهاب لأن أيديولوجية الشخص وإيمانه – أو عدم وجود هذا الإيمان – لا يهم بقدر ما سجله وما ارتكبه من عنف ضد المرأة.
ولكن هل تبدو الحجة منطقية؟ تقدم سميث قضيتها من خلال فحص حوادث الإرهاب المختلفة التي تعود إلى عام 2013. في ذلك العام، قام الأخوان الأميركيان جوهر وتامرلان تسارنايف بتفجير قنابل في ماراثون بوسطن، مما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة عدة مئات. تامرلان تسارنايف، كما كتبت سميث، كان مائلاً للعنف ضد النساء، بعد أن ضرب صديقته وأساء إلى زوجته.
وفي العام الذي أعقب تفجيرات بوسطن، تم حصار لمقهى سيدني، والذي تم اعتباره حادثاً إرهابياً. واجه مرتكب الجريمة، وهو رجل إيراني أسترالي، الشرطة لمدة استمرت 16 ساعة انتهت بوفاة العديد من الأشخاص، بمن فيهم الجاني، الذي قدم ادعاءات مشوشة ومختلطة تشير إلى رؤية منحرفة لواجبه الديني، لكن سميث تقول إن السبب الحقيقي وراء ارتكابه لهذا الفعل كان “تاريخه من العنف المنزلي والعنف الجنسي”.
ولاحظت سميث نفس نمط العنف في حياة الجهاديين الآخرين: مثل التونسي محمد لحويج بوهلال، الذي قتل 85 شخصًا عندما دهس الناس بشاحنته على رصيف “بروميناد ديزانجلي” في نيس في عام 2016، والذي قدمت زوجته للمحكمة طلباً للطلاق منه بعد إساءته لها.
وكذلك خالد مسعود، المسلم البريطاني الذي قاد سيارة ودهس المشاة على جسر ويستمنستر في لندن ثم طعن شرطيًا في مارس 2017، كان لديه أيضا “تاريخ واسع من العنف المنزلي”.
كما أن سلمان عابدي، الليبي البريطاني الذي نفذ تفجيرًا انتحاريًا في قاعة “مانشستر أرينا” للحفلات الموسيقية في مايو 2017، مما أسفر عن مقتل 22 فتاة، قام بضرب زميلته الطالبة لارتدائها تنورة قصيرة. واشتكت زوجة المغربي رشيد رضوان، أحد الرجال الثلاثة الذين هاجموا المشاة على جسر لندن في يونيو 2017، من “سوء معاملته لها”.
وتلاحظ سميث كذلك أوجه التشابه في الحياة المضطربة والمزعجة لأولئك الذين يقعون في الطرف الآخر من الأيديولوجية الدينية والعرقية، على سبيل المثال هؤلاء من كارهي الدين الإسلامي من المسيحيين البيض مثل دارين أوزبورن. ففي يونيو 2017، قاد أوزبورن سيارته في حشد المصلين خارج مسجد فينسبري بارك في لندن، مما أسفر عن مقتل شخص وإصابة تسعة. لم يكن أوزبورن، كما تقول سميث، أكثر من “طاغية منزلي، له سجل طويل من جرائم العنف” ضد المرأتين اللتين تزوجهما والعديد من الآخرين.
هذه الحوادث الموضحة أعلاه تعتبر دليلاً قطعياً لتوضيح أن سميث محقة في رؤية بعض الصلة بين أعمال العنف العامة وتلك الخاصة التي تحدث في منازل عائلات هؤلاء الإرهابيين، وأنه يجب أن ينظر إلى العنف المنزلي على أنه تحذير من أعمال عنف بشعة قادمة.
وقد كتبت سميث أن العنف المنزلي ما هو إلا مجرد “تدريب وبداية” لهؤلاء الإرهابيين الذين يدهسون المارة تحت عجلات سيارتهم أو هؤلاء الذين يطعنون الناس بالسكين.
ربما، ولكن كل ما ثبت حقًا هو احتمال أن يستمر الشخص العنيف في التصرف بهذه الطريقة. تكرر هذه الدراسة شيئًا معروفًا منذ زمن طويل – ألا وهو أن الذين يتعرضون للعنف غالباً ما يمارسونه. وهذا ينطبق على الأفراد بقدر ما ينطبق على المجتمعات والثقافات بأكملها، فالعنف يولد العنف.
لست متأكدًا من أن وجهة النظر هذه يمكن اعتبارها استراتيجية لمكافحة الإرهاب، لكنها تضيف بعدًا آخر للجدل حول جذور العنف الإرهابي.