قايد صالح يبدأ حملة جديدة ضد خصومه في الجيش
رغم ارتباطها بمسلسل المداخلات التي ما فتئ الرجل الأول في المؤسسة العسكرية يسجلها في مقرات المؤسسة العسكرية والهيئات التابعة لها، للتعبير عن توجهات ومقاربات الجيش لحل الأزمة السياسية التي دخلت شهرها الخامس، إلا أن تزامن زيارته للأكاديمية العسكرية مع حلول موسم الترقيات والإحالات، يطرح مسألة ترتيب البيت داخل المؤسسة العسكرية الجزائرية مجددا.
ويؤدي قائد أركان الجيش الجنرال أحمد قايد صالح، الأربعاء، زيارة للأكاديمية العسكرية لمختلف الأسلحة بشرشال (ضاحية بغرب العاصمة)، للإشراف على احتفالية تخرج دفعة جديدة من ضباط المؤسسة، وفق تقاليد هذه الأكاديمية.
ويرتقب أن يدلي قايد صالح، بكلمة جديدة حول الوضع السياسي في البلاد، بعدما عوّد الرأي العام المحلي على تسجيل مداخلات أسبوعية تحولت إلى تقليد يعبر من خلاله عن مواقف وتوجهات المؤسسة العسكرية تجاه التطورات الداخلية منذ بداية الحراك الشعبي في فبراير الماضي.
ومع ذلك تتوجه أنظار المراقبين إلى ما سيفرزه حلول موسم الترقيات وتغيير المهام في صفوف الجيش، في ظل القبضة المحكمة التي تشددها قيادة الأركان على مختلف المؤسسات الأمنية، بما في ذلك جهاز الاستخبارات التي استعادت وصايتها عليه خلال الأسابيع الماضية بعدما كان تابعا لرئاسة الجمهورية قبل تنحي الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.
وينتظر أن تباشر قيادة المؤسسة حملة الترقية إلى مراتب عليا أو الإحالة على التقاعد وحتى التنحية بداية من هذا الأسبوع، وهو ما يثير اهتمام المتابعين لطبيعة وتفاصيل الحركة المنتظرة، قياسا بالتوجهات والأوضاع الداخلية، وحتى ترتيب البيت الداخلي، بالشكل الذي يضمن الاستقرار الكلي للمؤسسة والولاء المطلق للقيادة.
إحباط القيادة الحالية لما أسمته بـ”التآمر على قيادة الجيش والدولة” خطوة استباقية لسيناريو كان على وشك التنفيذ للإطاحة بقايد صالح مطلع أبريل الماضي
وظلت الأجنحة غير المعلنة داخل الجيش والولاءات الشخصية للضباط الكبار، تمثل هاجسا حقيقيا للقيادة الحالية، التي فتحت خلال الأشهر الأخيرة عدة جبهات صراع وخصومات في وقت واحد، مع جنرالات وضباط سامين معروفين بنفوذهم، لاسيما أن منهم من يقبع داخل السجن العسكري حاليا.
وطرحت المسألة إمكانية قيام المتضررين بانقلاب أبيض للتخلص من الجنرال قايد صاالح، الذي اشتغل خلال السنوات الأخيرة على تقوية مركزه ونفوذه داخل المؤسسة في غفلة من الأجنحة المدنية والعسكرية والاستخباراتية في السلطة.
ويكون إحباط القيادة الحالية لما أسمته بـ”التآمر على قيادة الجيش والدولة”، خطوة استباقية لسيناريو كان على وشك التنفيذ للإطاحة بقايد صالح مطلع أبريل الماضي، من طرف رموز فاعلين في نظام بوتفليقة، على غرار المديرين السابقين لجهاز الاستخبارات الجنرالين محمد مدين (توفيق) وعثمان طرطاق (بشير)، وهذا ما ينتظر أن تقابله حملة شطب لكل الموالين لهما داخل المؤسسة خلال الحملة المنتظرة.
وكان رئيس الدولة المؤقت عبدالقادر بن صالح، قد وقع الاثنين، عدة مراسيم رئاسية تتضمن ترقية ضباط في الجيش إلى جانب مراسيم أخرى تضمنت منح أوسمة لعدد من الأفراد التابعين للمؤسسة العسكرية بداية من الخامس من يوليو ومطلع نوفمبر القادمين.
وسبق للجنرال قايد صالح أن باشر حملة تطهير واسعة في المؤسسة منذ مايو 2018 على خلفية محاربة الفساد وتوظيف المنصب في أغراض شخصية، بعد عملية إحباط إدخال شحنة الكوكايين بمدينة وهران في نفس الشهر، والتي ثبت ضلوع أسماء كبيرة من الحكومة والجيش والأمن فيها.
إلا أن طرح اسم الجنرال سعيد باي كخليفة له في أبريل الماضي بإيعاز من مستشار الرئيس السابق وشقيقه سعيد بوتفليقة يعكس حجم الصراع في هرم السلطة والمؤسسة، وهو ما أفضى إلى تأكيد سجن الجنرالات الخمسة وفرار اثنين منهما إلى إسبانيا وفرنسا، مما يجعل من حملة الترقيات والإحالات على التقاعد فرصة مناسبة لترتيب الأوراق داخل بيت العسكر من طرف قايد صالح.
وفيما تم الإعلان رسميا عن عزل عشرات الجنرالات خلال الأشهر الأخيرة في خطوة غير مسبوقة في تاريخ المؤسسة، فإن مصادر مطلعة تتحدث عن أن الأرقام تتجاوز ما تم الإعلان عنه لتصل إلى المئات من هؤلاء مقابل إحاطة قايد صالح نفسه بجيل جديد من الضباط والجنرالات الموالين له. وبات المتابعون يتحدثون عن جيل جديد من الضباط الذين تصدروا الواجهة في الآونة الأخيرة.