الشباب العربي يفقد الثقة برجال الدين وأحزاب الإسلام السياسي

عكس استطلاع رأي جديد تحوّلا جذريا في مقاربة شباب الشرق الأوسط ما بعد ثورات “الربيع العربي”، وعدم ثقتهم برجال الدين في التيارات المحسوبة على الإسلام السياسي.

ويصور العالم العربي غالبا على أنه متديّن ومتجانس سكانيا ومحافظ حضاريا. لكن بالاستماع إلى آراء عينات من سكان المنطقة ومشاعرهم جاءت النتائج صادمة.

ووجدت الدراسة الاستقصائية، التي أجرتها شبكة البارومتر البحثية المستقلة، وشملت أكثر من 25 ألف شخص في 10 دول وفي الأراضي الفلسطينية، أن الثقة في الزعماء الدينيين قد تراجعت في السنوات الأخيرة.

وشهدت الثقة في الحركات الإسلامية، مثل حماس وحزب الله والإخوان المسلمين، نسبا أقل من ثقة الزعماء الدينيين. حيث انخفض الإيمان بحزب النهضة في تونس بنسبة 24 بالمئة منذ عام 2011، وبنسبة 21 بالمئة في الأردن منذ عام 2012، وبنسبة 20 بالمئة منذ 2013 في المغرب.

كما خلص الاستطلاع إلى أنه منذ عام 2013، ارتفعت نسبة الذين يصفون أنفسهم بأنهم “غير متدينين” من 8 بالمئة إلى 13 بالمئة. ويصف ثلث التونسيين وربع الليبيين أنفسهم هكذا، أما في مصر فقد تضاعف حجم هذه المجموعة بينما تضاعف حجمها أربع مرات في المغرب.

وكانت نسبة الزيادة الكبرى بين من هم دون سن الثلاثين من أعمارهم، إذ تبلغ نسبة “غير المتدينين” في هذه المجموعة 18 بالمئة.

ولم يشذّ عن هذه القاعدة إلا اليمن، الذي انخفضت فيه نسبة “غير المتدينين” من 12 بالمئة في عام 2013 قبيل اندلاع الحرب في البلاد إلى 5 بالمئة في عام 2019.

ويعزو مراقبون هذه التغيرات في جانب رئيسي منها إلى ردة فعل على ظاهرة التشدد التي اجتاحت المنطقة بعد 2011، إذ عملت حركات محسوبة على الإسلام السياسي على فرض أفكارها بالقوة على الناس، وأعادت العالم إلى القرون الوسطى، حيث عادت إلى الواجهة ظاهرة سبي النساء واغتصابهن تحت مسوغات دينية مثلما جرى في شمال العراق على نطاق واسع، وفي سوريا.

المواطن العربي فقد الثقة بـ:

  • حركة حماس
  • حزب الله
  • حركة النهضة
  • الإخوان المسلمين
  • الأحزاب الشيعية

ويشير هؤلاء إلى أن ارتفاع نسبة غير المتدينين، وهي نسبة لافتة، هي بمثابة استفتاء على رفض نماذج الإسلام السياسي التي تضع في حسابها إجبار الناس على نموذج من التدين المتشدد، وأن العلاقة بالدين تقوى في أجواء الحرية الشخصية وتتراجع تحت الضغط والتلويح بالعقوبة.

لكن ما يلفت النظر في هذا الاستفتاء، الذي تم إنجازه لفائدة  هيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي” في قسمها العربي، هو أنه بمثابة شهادة خارجية محايدة لحقائق على الأرض تثبت أن تجارب الإسلام السياسي في المنطقة كانت فاشلة، وأن ثقة الناس فيها، وخاصة الشباب، تتراجع بعد تبدد صور المظلومية والتباكي على الماضي، بما في ذلك لدى الجماعات التي وجدت نفسها بشكل أو بآخر في الحكم مثل تجربة النهضة في تونس، والأحزاب الشيعية في العراق أو حزب العدالة والتنمية في المغرب، فضلا عن جماعات تنشط دون ضغوط مثل حزب العمل الإسلامي في الأردن، وهو الواجهة السياسية لإخوان الأردن.

وأعرب المشاركون في الاستطلاع عن خوفهم إزاء القلق المتزايد في دولهم الأصلية، حيث قال الناس في الجزائر والعراق والأردن وليبيا وفلسطين والسودان إنهم يشعرون بأن حكوماتهم تتجه نحو الدكتاتورية.

وقال مايكل روبنز، مدير “أراب باروميتر”، إن الاستطلاع -الذي أجري بشكل عشوائي، وكان يتكون إلى حدّ كبير من أسئلة متعددة الخيارات تمت الإجابة عليها على جهاز لوحي- قدّم عددا من النتائج المهمة.

وأضاف “الأهم من ذلك، في الغالبية العظمى من الدول التي شملتها الدراسة، أن الحكومات لا تفي بتوقعات مواطنيها. وفي الكثير من الأحيان، ترتبط الثقة في الحكومة بأدائها في توفير الأمن أكثر من القضايا الاقتصادية”.

وأعرب المشاركون في الاستطلاع عن تغيير في المواقف بشأن عدد من القضايا الأخرى، مثل الهجرة والصحة العقلية وحقوق المرأة ومثليي الجنس.

وفي جميع أنحاء المنطقة، أيد معظم المشاركين في الاستطلاع حق المرأة في طلاق زوجها، لكنهم يميلون إلى أن الأزواج، وليس الزوجات، يجب أن تكون لهم الكلمة الأخيرة في القرارات الأسرية.

وفي 91 بالمئة من الأماكن التي شملتها الدراسة، قالت الأغلبية إنه ينبغي السماح للنساء بالعمل كرئيس للحكومة في بلد مسلم، ولكن نفس الهامش ادعى أن الرجال هم قادة سياسيون أفضل.

وقالت ديما دبوس، المديرة الإقليمية لمنظمة “إيكواليتي ناو للشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، “إن التناقض الواضح في الردود يدل على المزاج السائد في المنطقة. هناك إدراك بأن المساواة بين الجنسين هي علامة على التقدم وأن الشيء الصحيح هو دعم تمكين المرأة”.

ولكن عندما يركز إطار السؤال على دور الرجال، فإن التحيز الذكوري أفريقيا على المزيد من فرص التعليم والمشاركة بشكل متزايد في القوى العاملة، لكن تمكينهن سيظل غير مكتمل طالما ظللن مستبعدات من مناصب صنع القرار والمشاركة السياسية”.

وقال أكثر من 52 بالمئة ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما والذين شملهم الاستطلاع في الجزائر ومصر والأردن ولبنان والمغرب وفلسطين وتونس، إنهم يفكرون في الهجرة، بزيادة قدرها 10 بالمئة عن أرقام عام 2016.

وكشفت الأرقام أيضا أن المهاجرين المحتملين سيكونون على استعداد للمغادرة دون أوراق رسمية: أكثر من 40 بالمئة من الجزائريين والسودانيين والتونسيين، و38 بالمئة من العراقيين والمغاربة واليمنيين قالوا إنهم سيغادرون دون وثائق رسمية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: