وفاة مرسي.. غضب شعبي وقلق حقوقي وصمت عربي وغربي

أثارت وفاة محمد مرسي، أول رئيس مدني مصري منتخب ديمقراطيا، إدانات عربية  ودولية واسعة نددت في معظمها بأوضاع حقوق الإنسان في مصر، وطالبت بإجراء تحقيق نزيه في ملابسات الوفاة، وإطلاق سراح كل المعتقلين.
واكتفى التلفزيون المصري، الإثنين، بالقول إن مرسي (السجين منذ الإطاحة به من الرئاسة عام 2013) توفي إثر تعرضه لنوبة إغماء أثناء محاكمته.
عبر “تويتر”، قال أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني: “تلقينا ببالغ الأسى نبأ الوفاة المفاجئة للرئيس السابق الدكتور محمد مرسي.. أتقدم إلى عائلته وإلى الشعب المصري الشقيق بخالص العزاء”.
ولم يصدر عن بقية العواصم العربية ولا جامعة الدول العربية، حتى الساعة، تعقيب بشأن وفاة مرسي، الذي تولى رئاسة مصر لمدة عام (2012- 2013).

عند الله تجتمع الخصوم
اعتبر الرئيس التونسي السابق، المنصف المرزوقي (2011- 2014)، أن “وفاة الرئيس الشهيد محمد مرسي في الظروف المأساوية التي رأيناها شهادة الى الابد على صلابة الرجل وعلى شجاعته وانسانيته وتمسكه لآخر نفس بقيمه ومواقفه”.
وأضاف المرزوقي، عبر “فيسبوك” وهي “شهادة الى الابد على انعدام الحد الأدنى من الشهامة والنبل والفروسية وقيم العروبة والإسلام عن خصومه”.
ورأى أنه “إن كان هناك شك في وقوف قتلة الرئيس الشهيد امام عدالة الأرض، فموعدهم قد ضرب منذ رابعة (مقتل المئات في فض اعتصام أنصار مرسي بميدان رابعة بالقاهرة 2013) وقبلها وبعدها امام عدالة السماء”.
وأردف: “وعند الله تجتمع الخصوم.. اما التاريخ فقد قال كلمته في محمد مرسي وقد دخله اليوم من أوسع أبوابه”.
وقالت حركة “النهضة” التونسية (إسلامية)، في بيان، إن “الفقيد هو أحد الشخصيات المصرية البارزة، والذي تبوأ منصب رئيس الجمهورية عقب انتخابات حرة ونزيهة”.
وعبرت عن أملها “أن تكون الحادثة الأليمة مدعاة لوضع حد لمعاناة آلاف المساجين السياسيين في مصر، وإطلاق سراحهم، وفتح حوارات بين مختلف الفرقاء من أجل حياة سياسية ديمقراطية”.
وقالت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن إن مرسي هو “رئيس الشرعية”، وقد “استشهد وهو ثابت على مبادئه”.
وحملت الجماعة، في بيان، “سلطات الانقلاب في مصر مسؤولية استشهاده بعد اعتقاله لمدة 7 أعوام من السجن الانفرادي (…) منع فيها من أبسط حقوق الإنسان واحتياجاته”.
كما حملت “المجتمع الدولي مسؤولية صمته وإقراره لجرائم الانقلاب”، ودعت العالم إلى “تبييض سجون الظلم من المضطهدين بسبب مواقفهم السياسية ودفاعهم عن الديموقراطية والحرية والكرامة ورفضهم لحكم العسكر الإجرامي”.
وقالت حركة “حماس”، في بيان، إن “مرسي قدم مسيرة نضالية طويلة، قضاها في خدمة مصر وشعبها وقضايا الأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية”.
وشددت على أن “مرسي قدم الكثير دفاعًا عن القدس والأقصى منذ كان عضوا في البرلمان المصري”.
وقالت حركة “الجهاد الإسلامي”، في بيان، إن الرئيس المصري السابق مرسي “قضى حياته مدافعا عن قضايا الأمة وفي مقدمتها قضية فلسطين والقدس، والتصدي لعدوان الاحتلال الصهيوني 2012 على قطاع غزة”.
وتقدمت رابطة “علماء فلسطين” بقطاع غزة، في بيان، إلى “الشعب المصري الشقيق وإلى الشعب الفلسطيني، وإلى الأمتين العربية والإسلامية، بخالص العزاء بوفاة الرئيس المصري محمد مرسي”.
وقال رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي، خالد المشري، عبر “فيسبوك”، إن مرسي “تعرض لعملية اغتيال بطيئة استمرت سنوات”.
وتابع أن “الاغتيال بدأ بالانقلاب على الشرعية ثم السجن الانفرادي والمنع من أبسط الحقوق حتى الدواء”.
واعتبر حمد عماري، عضو المجلس الرئاسي الليبي، المعترف به دوليا، أن مرسي “ضرب مثلًا يحتذى به في صبره وثباته وتمسكه بمبادئه”.
ووصف عماري، عبر “فيسبوك”، مرسي بـ”الشهيد”، مشددا على أن “حياته ستكون أطول من حياة سجّانيه”.
وقال القيادي بحزب المؤتمر الشعبي بالسودان، أبو بكر عبد الرازق، إن وفاة مرسي “تفتح الباب واسعا أمام الكثير من التساؤلات والتكهنات والاتهامات”.
وأضاف عبد الرازق: “مؤسف أن يكون أول رئيس منتخب سجينا، ويموت داخل المحكمة”.
وقالت حركة “الإصلاح الآن” الإسلامية بالسودان، في بيان، إن مرسي “كان يضع الدين ومصر صوب أعينه، ونطالب بالتحقيق حول أسباب وفاته”.
وقال عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، أكبر حزب إسلامي بالجزائر، في رسالة تعزية: “أتقدم باسمي وباسم مؤسسات الحركة ومناضليها بتعازينا الخالصة لأهل الرئيس المصري الشرعي المنقلب عليه، ولإخوانه في حزب الحرية والعدالة، وللشعب المصري”.
وقال النائب بمجلس الأمة الكويتي، محمد الدلال، عبر تويتر: “نحسبه (مرسي) توفاه الله صابرا محتسبا ثابتا على الحق”.
وقالت الحركة الإسلامية في (الداخل الفلسطيني)، في بيان، إن مرسي “بقي صابرا متمسكا بثوابت ثورة ميدان التحرير المصرية المجيدة، لم يقبل الدنيّة في دينه ولا رضي الهوان لشعبه”.
وغرد النائب الكويتي السابق، جمعان الحربش: “رحمك الله وانتقم لك وللأمة ممن ظلمك وظلم الأمة من بعدك وسفك دماء أبناء الشعب في الشوارع وأودعهم السجون”.
وكتب النائب الكويتي السابق، وليد الطبطبائي، على تويتر: “رحم الله الشهيد البطل والرئيس الشرعي محمد مرسي وأول رئيس مصري ينتخب انتخابا حرا طوال 7 آلاف سنة في تاريخ مصر”.
وقال رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أحمد الريسوني، إن “الشهيد محمد مرسي.. قتلوه جميعا”.
وأضاف الريسوني، على موقع الاتحاد: “منذ ست سنين وهو يُعذب في السجون، وهو يساق إلى ما يسمى محاكمات مضحكات مبكيات”.
وتابع: “حالة مرسي وصمة عار وإدانة للرؤساء العرب، الصامتين الشامتين”، و”وصمة عار وإدانة للأزهر، ولكافة شيوخه”.
وشدد الرئيس السابق للاتحاد، يوسف القرضاوي، عبر “تويتر”، على أن مرسي “مات صابرا محتسبا، وقد عانى في محبسه ما عانى، اللهم تقبله عندك شهيدا راضيا مرضيا، وعجّل بكشف الغمة عن الأمة”.

قتلة مرسي
دوليا، قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، خلال كلمة له في إسطنبول: “أدعو الله بالرحمة لأخينا وشهيدنا”.
وأعرب عن تعازيه لجميع من سلك دربه، والشعب المصري، وأسرته وأقربائه.‎
وأضاف: “الظالم (عبد الفتاح) السيسي، الذي وصل إلى السلطة في مصر عبر اغتصاب السلطة والانقلاب، من خلال تجاهل الديمقراطية، وتحييد المرحوم مرسي الذي كان رئيسًا لمصر بطريقة ديمقراطية بعد حصوله على 52 في المئة من الأصوات، قام بإعدام قرابة 50 مصريًا”.
وتابع: “الغرب بقي صامتًا حيال تلك الإعدامات، والبلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي شاركت في الاجتماع، الذي دعا إليه المجرم السيسي في مصر، في وقت يحظرون فيه عقوبة الإعدام”.
وأردف: “هذه ازدواجية معايير، بل إنه يتعداها، من المستحيل فهم وتفسير حظر دول الاتحاد الأوروبي الإعدام ومطالبة تركيا بإلغائه، ومشاركتها في اجتماع دولي بمصر خلال فترة شهدت عمل آليات الإعدام فيها، وحتى خلال أسبوع شهد إعدام 7 شباب”.
ومضى قائلا إن “لفظ مرسي المحكوم بالإعدام ظلما أنفاسه الأخيرة في قاعة المحكمة، دليل بيّن على الاضطهاد الممارس عليه وعلى الشعب المصري”.
وزاد بقوله: “لم نجتمع حتى اليوم بقتلة مرسي، ولا يمكن أن نلتقيهم أبدا”.
وأردف أن مرسي ظل في السجن لمدة 5 سنوات مع الآلاف من أصدقائه، داعيًا الله أن يحشره مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وقالت الخارجية التركية، في بيان، إن التاريخ سيذكر الشهيد مرسي بأنه شخصية استثنائية في مسيرة نضال مصر في سبيل الديمقراطية.
وتابعت أنه “أول رئيس منتخب بطرق ديمقراطية، وأُبعد عن منصبه عبر انقلاب عسكري”.
وقال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، عبر “تويتر”، إن “الانقلاب (العسكري) أبعده (مرسي) عن الحكم، غير أن ذكراه لن تمحى من قلوبنا”.
وقال رئيس البرلمان التركي، مصطفى شنطوب، عبر “تويتر”، إن “مرسي سُجن، لكنه بقي حرًا أكثر من سجانيه”، و”كان قائدا كبيرا أظهر شجاعة في الوقوف بجانب الشرعية”.
وقال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، عمر جليك، عبر ” تويتر”، إن مرسي “كان يحاكم في قاعات محكمة تخضع لتوجيه الطغمة العسكرية، التي وصلت السلطة بعد انقلاب”.
وغرد رئيس حزب السعادة التركي المعارض، تمل قره ملا أوغلو، قائلا: أنا على ثقة بأن مرسي بحياته ونضاله وموقفه الثابت سيخلده التاريخ كشخصية مثالية ترشد الأجيال القادمة.
وقالت نائبة رئيس الوزراء الماليزي، وان عزيزة وان إسماعيل، عبر “تويتر”، إن وفاة مرسي تمثل “خسارة كبيرة للديمقراطية”.
واعتبر رئيس حزب “عدالة الشعب” الماليزي، أنور إبراهيم، أنه “رغم كونه رئيسا لفترة قصيرة نسبيا فقط قبل الإطاحة به (…)، أظهر محمد مرسي التزاما كبيرا في تحقيق إصلاحات طال انتظارها بعد عقود من حكم الزعماء القساة والفسادين”.
وشدد إبراهيم، عبر “فيسبوك”، على أن “وفاته المفاجئة ستترك أثرًا هائلًا على كل من مصر والعالم الإسلامي ككل”.
وقال رئيس مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير)، نهاد عوض، عبر “تويتر”: “توفى أول وآخر رئيس ينتخب ديمقراطيا في مصر، وهو واحد من عشرات الآلاف الذين يعانون من ظروف بغيضة في مصر تحت حكم (عبد الفتاح) السيسي الاستبدادي”.
وردا على سؤال صحافي بشأن وفاة مرسي، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، مورغان أورتاغوس: “ليس لدينا تعليق”.
واكتفى المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، استيفان دوغريك، بالقول: “نقدم خالص تعازينا لعائلة مرسي ولمحبيه”.

تحقيق ومحاسبة
دعت منظمة العفو الدولية، في بيان، السلطات المصرية إلى “إجراء تحقيق نزيه وشامل وشفاف في ظروف وفاته (مرسي) وحيثيات احتجازه، بما في ذلك حبسه الانفرادي وعزله عن العالم الخارجي، وفي الرعاية الطبية التي كان يتلقاها، ومحاسبة المسئولين عن سوء معاملته”.
وقالت ليا ويتسون، رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية إن “الوفاة أمر فظيع، لكنها متوقعة تماما نظرا لفشل الحكومة (المصرية) في توفير الرعاية الطبية الكافية له (مرسي)، أو الزيارات العائلية اللازمة”.
وأرفقت ويتسون مع تغريدتها رابطا لتقرير نشرته المنظمة، في سبتمبر2016، بعنوان “نحن في مقابر”، يتناول الانتهاكات في سجن “العقرب”، أحد السجون مشددة الحراسة في مصر، والذي كان يقبع فيه مرسي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: