دعوات متصاعدة في الجزائر لمحاكمة بوتفليقة
ناشطون في الحراك الشعبي يدعون إلى إحالة الرئيس السابق على القضاء، إذا كانت السلطة الحالية جادة في محاربة الفساد ومحاسبة جميع المفسدين.
تعالت أصوات في الآونة الأخيرة بالجزائر، تدعو إلى محاكمة الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، بوصفه الرجل الأول في الدولة الذي يتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية لما حدث في البلاد خلال عشريتي حكمه، ولأن مركزة القرارات في مؤسسة الرئاسة تجعله هو المسؤول الأول عن الأضرار الاقتصادية والسياسية التي لحقت بالبلاد.
وأفاد مصدر مطلع أن رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى القابع حاليا في سجن الحراش بالعاصمة، أكد لقاضي التحقيق بالمحكمة العليا أنه كان مجرد منفذ للأوامر وليس هو صاحب القرارات الفعلية، مما يشير إلى أن ظاهرة الفساد وتبديد المقدرات المالية للبلاد، لم تكن فعلا معزولا، وإنما تمتد جذورها إلى المؤسسة الأولى في البلاد (رئاسة الجمهورية).
ولم يظهر الرئيس بوتفليقة للعلن منذ إعلان تنحيه عن السلطة مطلع شهر أبريل الماضي، أسابيع قليلة عن نهاية ولايته الرئاسية.
ودعا ناشطون في الحراك الشعبي إلى إحالة الرئيس السابق على القضاء، إذا كانت السلطة الحالية جادة في محاربة الفساد ومحاسبة جميع المفسدين.
ويشدد هؤلاء الناشطون على أن ترويج المحيط السياسي والمالي للولاية الخامسة، وزعمه بقدرات بوتفليقة الصحية والذهنية لا بد أن يفضيا إلى محاكمته أو الاستماع إلى شهادته ما دام على ذلك الوضع، وإلا على القضاء أن يضيف تهما أخرى لمحيطه متعلقة باختطاف السلطة وانتحال صفة طيلة السنوات الماضية، ما دام شخصا لا يقوى لا على الحركة أو الكلام.
وحسب تلميحات رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى، سمح الاستماع الى عدد من رجال الأعمال المقربين من السلطة، على غرار علي حداد والإخوة كونيناف ومحي الدين طحكوت وغيرهم، إلى المسك بخيوط تورط الأجهزة الحكومية ومسؤولين كبار، وإلى امتداد جذور الفساد إلى رئاسة الجمهورية.
يأتي هذا فيما لا تزال البلاد رهينة قبضة حديدية بين مطالب الحراك الشعبي الصامد منذ شهر فبراير الماضي، ويخرج في مسيرات مليونية أسبوعيا، وبين تصميم قيادة أركان الجيش على الحلول الدستورية وتلافي أي مرحلة انتقالية لتجسيد التغيير السياسي في البلاد.
وجدد الإثنين، الرجل الأول في المؤسسة العسكرية الجنرال أحمد قايد صالح، التمسك برؤية المؤسسة لحلحلة الأزمة عن طريق انتخابات رئاسية في أقرب الآجال، ومباشرة حوار سياسي شامل، حيث أكد في كلمة مقتضبة أمام أفراد الجيش بمدينة بشار (أقصى الحدود الغربية الجنوبية) أنه “لا مناص لحل الأزمة إلا بانتخابات رئاسية قريبة وفتح حوار شامل”.
وألمح إلى أنه لا مكان لأي مرحلة انتقالية في البلاد وأن “أتباع المغالاة السياسية والأيديولوجية لا يؤمنون بإجراء انتخابات رئاسية، وأن الجيش يقف مع أتباع إيجاد المخارج الدستورية لحل الأزمة”.
وهي رسالة صريحة تعكس موقف الجيش من الأزمة، والانحياز لصالح مقاربة معينة، على حساب الآخرين من الجزائريين الداعين إلى مرحلة انتقالية تتراوح بين ستة أشهر وعام، تسند فيها مهمة إدارة البلاد إلى هيئة جماعية أو فردية، تعين حكومة كفاءات مقبولة شعبيا، وتنحصر مهمتها في إعداد الظروف الملائمة لإجراء انتخابات رئاسية، كالهيئة المستقلة والقوانين التشريعية الخاصة بها، والقيام بإجراءات تهدئة وانفتاح سياسي وإعلامي حقيقي.
وفيما يقبع رجل الظل والآمر الناهي في النظام السابق سعيد بوتفليقة في سجن البليدة العسكري، على خلفية تهم أمنية، تبقى الأنظار موجهة إلى مدى جدية السلطة القضائية في متابعة الرجل في قضايا أخرى، بوصفه كان صاحب القرار الأول في البلاد، والمالك لحق “الفيتو” في المعاملات والاستثمارات الاقتصادية الكبرى، خاصة في ما يتعلق بإمبراطورية تركيب المركبات والسيارات، التي ثبت أنها كانت تمثل بؤرة الفساد الأول في البلاد.
وفي شأن الحملة المفتوحة على الفساد، حكم الاثنين قضاء العاصمة بستة أشهر حبس نافذة في حق رجل الأعمال علي حداد، بتهمة التزوير واستعمال المزور، التي ثبتت عليه من خلال حيازته لجوازي سفر، لم يقدم في أحدهما أي وثيقة لمصالح الوثائق البيومترية المختصة.