الغموض يكتنف مستقبل المسار السياسي لقضية الصحراء
يكتنف الغموض المسار السياسي لقضية الصحراء المغربية بعد استقالة المبعوث الأممي هورست كولر الذي كان قد دشن المسار في جنيف في دجنبر الماضي.
وخلفت الاستقالة المفاجئة لكولر ردود فعل متباينة وقراءات مختلفة، في الوقت الذي أرجعتها الأمم المتحدة لـ”دواع صحية”. وذهب البعض إلى ترجيح فرضية تعرض المبعوث الأممي لضغوط أجبرته على “التنحي”، في الوقت الذي تعيش فيه الجزائر وضعا استثنائيا، وتعرف مخيمات “تندوف”، حيث توجد عناصر البوليساريو، احتجاجات بين الفينة والأخرى. واختلفت آراء محللين حول مستقبل المائدة المستديرة في جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة، بحضور المغرب والبوليساريو والجزائر وموريتانيا.
وأعلنت الأمم المتحدة نهاية مايو الماضي أن كولر الذي تسلّم مهامه في يونيو 2017، استقال من منصبه لـ”دواعٍ صحية”. ويرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة عبدالمالك السعدي بتطوان، العمراني بوخبزة، أن “المحادثات التي تتم في جنيف حول الصحراء، تتم تحت إشراف الأمين العام للأمم المتحدة، وهو مؤشر لمستقبل المحادثات”.
وقال بوخبزة “وبالتالي هورست كولر يبقى في جميع الحالات ممثلا شخصيا للأمين العام للأمم المتحدة، وكل ما كان يقوم به، باتفاق وتنسيق مع الأمين العام”. وتابع “المبعوث الأممي السابق للصحراء، كان يقدم تقارير لمجلس الأمن، تناقش ويتم اعتماد مجموعة من التوصيات بشأنها”. ولفت الخبير في العلاقات الدولية إلى أن “مسألة استمرارية المحادثات، غير مرتبطة بالشخص، بقدر ما أنها مرتبطة بقناعة مجلس الأمن”.
واعتبر بوخبزة أنه “حتى لو أن الأمين العام عيّن شخصية أخرى، لا أظن أن المحادثات ستتوقف، طالما أنه في اللقاءات الأخيرة التي احتضنتها جنيف، كان يتم التصريح بأن هناك نوعا من الجدية لدى مختلف الأطراف”.
لكن عبدالفتاح الفاتيحي الخبير في شؤون منطقة الصحراء والساحل يرى العكس حيث قال “كولر اقترح خطة لحل النزاع بناء على قراءته للوضع في المنطقة، من خلال لقاءاته وزياراته المتعددة”. وأضاف “الاستقالة تعني إنهاء محادثات جنيف، ولا يمكن أن نتصور حلا للقضية على المدى القريب، لأن استقالة كولر وإن كانت بداع صحي، إلا أنه ظهر متفهما لطبيعة الأوضاع في المنطقة التي لم تعد تسمح بإيجاد تسوية سياسية سريعة”.
وزاد الفاتيحي “أو على الأقل، لا تسوية للنزاع على المدى المنظور، على اعتبار الوضع المتأزم، أي وجود مشكلة سياسية ودستورية بالجزائر، الدولة الشقيقة التي تلعب دورا مهما في محادثات الصحراء بجنيف”.
وتابع “هناك أيضا مخاض الانتخابات الرئاسية بموريتانيا، وبالتالي الظروف المحيطة بطرفين أساسيين، لم تتسم بعد بالاستقرار، ولا يمكن أخذ تعهدات سياسية منهما، في العلاقة بأي تصور لنزاع الصحراء”. وخلص المتحدث إلى أنه “يمكن القول إن محادثات جنيف باتت منتهية، إلى أن يتم تعيين مبعوث أممي جديد، وآنذاك، يمكن له أن يكمل ما خطط له سلفه، أو اقتراح خطة جديدة لحل النزاع في الصحراء”.
وبخصوص فرضية تعرض المسؤول الأممي لضغوط دفعته للاستقالة، قال الفاتيحي “كولر لم تكن عليه ضغوط، لأنه في نهاية المطاف كان مرحبا به من طرف مجلس الأمن وأطراف النزاع”.
واستدرك “بالمقابل، كانت هناك ضغوط على مستوى أكبر، تتعلق بالجزائر التي ليس بوسعها أن تقدم وجهة نظرها للتسوية السياسية للنزاع، بالنظر إلى وضعها الداخلي”.
وتابع “علينا أن نستحضر أيضا زيارة وفد جزائري رافقته عناصر من البوليساريو إلى العاصمة الألمانية برلين، وذلك أسبوعا قبل استقالة المبعوث الأممي”. وأضاف “المعطيات تؤكد أن المبعوث الأممي السابق للصحراء التقى الوفد الجزائري ببرلين، والراجح أنه اقتنع بأن أمد النزاع سيطول، ليستقيل بعد ذلك بأيام”.