تشويش يميني متطرف على العلاقات المغربية الإسبانية
تجنّدت صحيفة “إلموندو” الإسبانية للهجوم على المغرب هذه الأيام بعد نشرها تقارير مغلوطة في النسختين الورقية والإلكترونية تروج من خلالها لوجود تمويلات مغربية مشبوهة في إسبانيا يقف وراءها الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، عبدالله بوصوف، الذي دحض ذلك وقرّر رفع دعوى قضائية في مدريد.
وذكرت إلموندو، أن بوصوف، يقف وراء تمويلات ذات صلة بأعمال للمديرية العامة للدراسات والمستندات، (المخابرات الخارجية)، و”أن مبالغ مالية مهمة من هذه المخصصات وُجّهت إلى غير الأغراض المحددة لها”، كما أقحمت نورالدين الزياني الرئيس السابق لاتحاد المراكز الثقافية الإسلامية في إسبانيا في القضية، بقولها إنه “يحوّل الأموال، التي كانت تبعث بها الدولة المغربية، إلى المساجد التي يشرف عليها اتحاد المراكز الثقافية الإسلامية بإسبانيا”.
ونفى بوصوف في تصريح لـه، أن تكون له أي علاقة بأي نوع من الدعم المادي وأن المقال مليء بالمعلومات المختلقة، حيث ليس من مهام مجلس الجالية المغربية المقيمة في الخارج الإشراف على التمويلات الموجهة إلى المغاربة خارج الوطن. وأوضح أن الترويج لمثل هذه المغالطات هو من صميم عمل الصحافة اليمينية، وأن ذلك يمثل جزءا من تكتيك اليمين المتطرف لتخويف الإسبان من كل من لا يحمل هوية غربية ومن له علاقة بالإسلام.
ويرى رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، أن “كاتب المقال عمد عن سوء نية إلى تزوير الحقائق بخصوص مهام المؤسسة، وذلك بإضافة مهمة وهمية وهي الإشراف على الأموال التي يرسلها المغرب إلى جالياته في الدول الأوروبية”.
وأكد بوصوف أن هذا التحامل هو نتيجة لتواجد المغاربة المكثف فوق التراب الإسباني عبر أنشطة نوعية ثقافية ودينية تهدف إلى تأطير الجالية المغربية لإرساء أسس العيش المشترك والمواطنة الكاملة.
ودخلت الحكومة المغربية على الخط مؤكدة أن الاتهامات التي وجهتها جريدة إلموندو الإسبانية للأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، باطلة، حيث قدم مصطفى الخلفي، الوزير والناطق الرسمي باسم الحكومة، الخميس الماضي كل التوضيحات التي تفند ادعاءات الصحيفة الإسبانية.
وكان نورالدين الزياني قد تعرض في 2013 للاعتقال من قبل الشرطة بعد قرار وزارة الداخلية القاضي بطرده من الأراضي الإسبانية بتهمة نشره الفكر السلفي، ووصفته صحيفة إلموندو بالمهدد للأمن العام الإسباني.
وهو في المقابل يقول إنها اتهامات عارية من الصحة، مشيرا إلى أن المسجد الذي تقول السلطات الإسبانية إنه ينشر فيه الخطاب المتطرف “ظل منذ سنة 1999 هادئا، ولا يزال كذلك، وهو ليس بمسجد سلفي”.
من جهته، ربط أمين صوصي العلوي، الباحث المغربي في القضايا الجيوسياسية، الهجوم الإعلامي الإسباني، بالنجاحات التي حققها المغرب في إحباط عمليات إرهابية سواء داخل أو خارج المملكة، وهو ما يمثل إحراجا للاستخبارات الإسبانية التي عادة ما تسوق جملة من المبررات لتبرير عدم قدرتها على منع أحداث إرهابية.
وتطرق مقال “إلموندو” لمواضيع الهجرة والدين الإسلامي والتطرف، حيث إن الصحافي الإسباني استهدف المديرية العامة للدراسات والمستندات ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الشيء الذي يؤكد وجود جهات داخل إسبانيا لا تستسيغ النجاحات التي أظهرها المغرب في التعاطي مع تلك المواضيع الهامة إقليميا ودوليا.
وشدد العلوي في تصريحه، على أن المواجهة القضائية ضرورية لرد الاعتبار، لافتا إلى أنه ينبغي كسب المعركة إعلاميا والقيام بفضح تلك الممارسات لتصحيح صورة المغرب ورموزه.
من جهته، أكد الأمين العام لمجلس الجالية المغربية، بأن وكالة الأسفار المذكورة في المقال لا تربطها أي علاقة بمؤسسة مجلس الجالية المغربية، ولم يسبق للمجلس أن لجأ إلى خدماتها.
ويقول إدريس الكنبوري الباحث المختص في الشؤون الإسبانية، إن المعلومات المنشورة بالجريدة الإسبانية مأخوذة من كتاب صدر قبل شهرين في مدريد بعنوان El agente oscuro، قام بكتابة مقدمته اغناسيو سيمبريرو، وهو عبارة عن قصة غير مؤكدة لكاتب مجهول يقول إنه اخترق جهاز المخابرات الخارجية المغربية. والمتداول أن سيمبريرو شخص معروف بعدائه للمغرب منذ أن كان في جريدة الباييس قبل أن ينتقل إلى إلموندو.
ويقول الزياني أن ما احتواه تقرير صحيفة إلموندو الإسبانية غير صحيح، مؤكدا أنه سيرفع بدوره دعوى قضائية ضدها، بعد أن رفع دعوى قضائية ضد الدولة الإسبانية، التي قامت بطرده من إسبانيا سنة 2013 بدعوى نشره الخطاب المتطرف.
وأوضح أنه ظل صامتا منذ طرده من إسبانيا سنة 2013، مضيفا “ألزمت نفسي بعدم الخوض في هذا الموضوع لأن العلاقات المغربية الإسبانية قائمة على المصالح المشتركة، ولكن الآن تخطوا شخصي إلى الدولة المغربية، وسأقاضي أي شخص يلفق لي تهما باطلة”.
وسبق لرئيس حزب “فوكس” اليميني المتطرف في إسبانيا، سانتياغو أباسكال، أن قال إن “المغرب هو من يرسل موجات هائلة من المهاجرين غير الشرعيين ليغزوا أوروبا، لذا يجب أن يدفع ثمن ذلك”، مضيفا أن “هناك وسيلة أقوى لحل المشكلة هي إغلاق أي خيار أمام تقنين أوضاع المهاجرين وإنهاء أملهم بعيش حياة طبيعية في إسبانيا”.
وفي سؤال حول ما إذا كانت هذه الحملة الإعلامية اليمينية ستؤثر على العلاقات الإسبانية المغربية، أكد بوصوف أنه بعد تقارب الحكومة الاشتراكية مع المغرب فإن اليمين المتطرف يتخوف من ذلك لأنه ينسف جميع أطروحاته، بل إن العلاقة مع الحكومة الإسبانية ستقوى نظرا لحرص البلدين على التقارب.