هبوط الإنسان على سطح القمر حقيقة عصية على الفهم لدى المشككين

لنعترف بأن الأمر لا يزال يستعصي على الفهم؛ بشر يطيرون إلى القمر، يقودون سيارة هناك، بل ويلعبون الغولف أيضا.

لقد كان هبوط أول بعثة -من إجمالي ست بعثات مأهولة- على القمر في 20  يوليو عام 1969 حجر أساس في تاريخ البشرية، ولكن بعد مرور 50 عاما على هذا الهبوط لا يزال هناك من يشكك في أن بشرا كانوا على هذا الجرم السماوي الذي يدور حول الأرض. ويعتقد هؤلاء المشككون أن صور الهبوط قد التقطت في أحد الأستوديوهات.

حجج المشككين تبدأ من الراية التي ترفرف على سطح القمر، فالراية الأميركية المرفرفة أوضح مثال على تركيب الهبوط على القمر، ولأنه لا توجد رياح على القمر، فما كان للراية أن ترفرف، حسب اعتراض المشككين. غير أن حركات القماش المثبت في شداد عرضي لم يكن مصدرها نسمة هواء، بل كانت بسبب اهتزازات السارية التي ثبتت عليها الراية، والتي تنشأ على سبيل المثال عند غرسها في أرض القمر أو عند توجيهها، حسب توضيح رالف ياومان، من المركز الألماني لأبحاث الطيران والفضاء. وبما أنه ليس للقمر غلاف جوي فمن الصعب وقف اهتزاز الراية.

الزعم الثاني للمشككين هو آثار الأقدام على تراب القمر حيث تظهر الكثير من الصور آثار أقدام رواد الفضاء على تراب القمر، لذلك يتساءل هؤلاء، كيف يستطيع التراب الصلد الاحتفاظ بشكل أثر القدم؟ يفسر أورس مال -من مركز ماكس بلانك لأبحاث النظام الشمسي- الثبات الجيد للأثر بتماسك تراب القمر بالغ النعومة، وقال إن مكونات هذا التراب لم تتأثر أبدا بفعل رياح أو مياه، وظلت محافظة على حوافها، مما جعلها تلتصق ببعضها البعض بشكل جيد.

والحجة الثالثة للمشككين في نشاطات رواد الفضاء على سطح القمر قفزاتهم التي كانت منخفضة بشكل مبالغ فيه، قائلين إنه نظرا لانخفاض الجاذبية على سطح القمر إلى درجة أنها تبلغ نحو سدس الجاذبية الأرضية، فقد كان من المفروض أن تكون قفزات رواد الفضاء عالية بارتفاع نحو متر في كل قفزة.

وكالة ناسا لا ترد من ناحية المبدأ على المشككين الذين يتهمونها  بتزييف رحلاتها للفضاء

ويعزو الخبير أورس مال انخفاض القفزات إلى ثقل سترات رواد الفضاء التي يبلغ وزن الواحدة منها نحو 85 كيلوغراما، وعدم قدرة الرواد على التحرك بشكل حر.

ويضيف إليه ياومان أن ارتفاع القفزات لم يكن هو الشيء المهم في الأمر، وأن رواد الفضاء تعمدوا التحرك بقفزات صغيرة وخطوات قصيرة، وذلك لأسباب تتعلق بالسلامة.

أما حجة المشككين الأخرى فهي قلة ثبات المركبات التي يسير بها الرواد على سطح القمر، إذ يرون أنه في ضوء قلة الجاذبية، فإنه كان من المفروض أن تنزلق المركبات من المنحنيات. ووفقا لوكالة ناسا الأميركية لأبحاث الفضاء، بلغت السرعة القصوى للمركبات نحو 15 كيلومترا في الساعة، أي ما يعادل حسابيا -وعند تشابه الأرضية- القوة النابذة التي تسير بها سيارة بسرعة 37.5 كيلومتر في الساعة على الأرض بدرجة الدوران نفسها. وليس من المحتمل إطلاقا أن رواد الفضاء قد قطعوا المنحنيات بكامل سرعة المركبات.

ويعتبر المشككون التشابهات على أرض القمر دليلا على استخدام خلفيات مشابهة دائما في الأستوديو، لكن تكرار الصور أمر لا يثير الغرابة، إذ أن رواد الفضاء قد التقطوا في مكان هبوطهم آلاف الصور من زوايا مختلفة، حسب توضيح مال الذي أكد أيضا أن المناظر الطبيعية في مواضع الهبوط تتشابه كثيرا بطبعها.

ويقول المشككون إن الصور ليس بها كادر تصوير، حيث كانت عدسات كاميرات هاسيلبلاد التي استخدمها رواد الفضاء ذات كادر تصوير، وذلك للتمكن -على سبيل المثال- من تقدير المسافات بشكل أفضل. وبدت هذه الكوادر في بعض المواضع كأنها اختفت خلف الأجسام، وهو ما اعتبره المشككون تركيبا للصور.

ويبدو عند تدقيق النظر دائما أن الكوادر موجودة بالفعل، ولكنها لا تظهر تقريبا أمام الخلفية المظلمة، ولكن -حسب ياومان- تم نشر صور بعد تحريرها فيما بعد. ويضيف المشككون إلى حججهم أنه ليس هناك نجوم في الصور التي نشرها رواد الفضاء لهبوطهم على القمر. والحال أن الرواد وطأوا سطح القمر نهارا، ويستمر نهار القمر أسبوعين من أيام الأرض، وكان التباين في الصور بين سطح القمر الساطع والسماء المظلمة أقوى من أن تظهر معه نقاط ضعيفة الضوء في السماء.

ويرى المشككون أن زاوية الظل غير مناسبة، حيث كان هناك أكثر من مصدر ضوء في الصور التي يعتقدون أنها التقطت في الأستوديو، وهو ما جعل الظلال في هذه الصور تسير في نواح مختلفة. وحسب مال، فإن السبب الرئيسي في ذلك هو المطبات الموجودة على سطح القمر، وهو ما يمكن أن يجعل الظلال تبدو أطول أو أقصر أو مشوهة.

ويستغرب المشككون عدم وجود حفرة في مكان هبوط المركبة، وليس هناك غبار تقريبا، لكن ياومان يرد بأن مواضع الهبوط ليست رأسية، بل تم الرسو عليها من الجانب.

ووفقا لياومان، فإن محركات المركبة لا تمتلك القوة التي تجعلها قادرة على إحراق حفرة في الصخر الصلب الموجود على القمر. أما آخر زعم للمشككين فهو السطوع القاتل، إذ تعرض أفراد طاقم البعثة الفضائية خلال ذهابهم وإيابهم، لإشعاع جزيئي شمسي مرتفع، خاصة في حزام فان ألين الإشعاعي الذي يلف الأرض، ويفترض أن هذا الإشعاع قد استمر ساعات، وكان يمكن أن يكون قاتلا، بحسب المشككين. ولكن الخبير مال يقدر فترة عبور حزام فان ألين بنحو ساعة، مع الإشارة إلى أن طاقم الرحلة الفضائية كان محميا بغلاف الأليمنيوم الخاص بالكبسولة الفضائية. وفقا لذلك فإنه على الرغم من أن رواد الفضاء كانوا معرضين لإشعاع مرتفع، إلا أن جرعة الإشعاع كانت محدودة.

حددت وكالة ناسا مسار طيران البعثات الفضائية بشكل يتيح لها الالتفاف على مجالات الإشعاع الأكثر كثافة. لا ترد وكالة ناسا من ناحية المبدأ على النظريات التي تزعم تزييف رحلاتها للفضاء، ولكنها نشرت قبل بضع سنوات صورا لبعثة فضاء “مستكشف القمر المداري”، حيث أرسل المسبار الفضائي صورا للأرض عن مواضع هبوط بعثة أبولو الفضائية، بدرجة نقاء عالية.

حتى وإن لم تستطع هذه الصور إثناء المشككين المتشددين عن شكوكهم، فإنها تظهر إلى جانب الأدوات التي تركها رواد الفضاء، آثار المركبة بل وآثار أقدام رواد الفضاء. إضافة إلى ذلك -حسب قول ياومان- فإن آلاف العاملين شاركوا في البعثات الفضائية الست، “وأعتقد أنه من الصعب التكتم على عمليات التزييف على مدى عقود”.

فضلا عن ذلك، هناك دليل بيِّن، ألا وهو صخرة القمر التي تزن أكثر من 380 كيلوغراما، والتي جلبها رواد الفضاء معهم إلى الأرض. فخلافا للنيازك القمرية التي سقطت على الأرض ولم تكتشف إلا فيما بعد، فإن هذه الكتلة الصخرية لم تتغير بسبب رحلتها عبر الغلاف الجوي للأرض.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: