المغرب منسقا لمبادرة مكافحة الإرهاب النووي

انتخب المغرب، بالإجماع، الجمعة، منسقا لمجموعة التنفيذ والتقييم للمبادرة الشاملة لمكافحة الإرهاب النووي للفترة 2019 – 2021، وهي المرة الأولى التي يتولى فيها بلد عربي وأفريقي هذه المسؤولية.

وتضطلع مجموعة التنفيذ والتقييم، الجهاز السياسي الرئيسي للمبادرة، بمهمة تيسير تفعيل إعلان المبادئ والمقتضيات المرجعية للمبادرة الشاملة، كما تشمل مهمتها، على المستوى العملي، ضمان تضافر الجهود بين مختلف مجموعات العمل التقنية وتعزيز الأولويات الاستراتيجية.

ويأتي انتخاب المغرب منسقا للمبادرة الشاملة لمكافحة الإرهاب النووي، تتويجا لالتزام المملكة بأنشطة هذه المبادرة التي تعد حاليا واحدة من الأسس الهامة للنظام الدولي لمكافحة الإرهاب النووي، كما يؤكد الثقة التي يتمتع بها المغرب لدى المجتمع الدولي باعتباره فاعلا نشطا وأساسيا في تعزيز السلم والأمن في العالم.

وحدد مدير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، رضوان حسيني، الخطوط العريضة لهذه الرئاسة ممثلة في إيلاء أهمية خاصة للبعد الإقليمي ولأنشطة المبادرة في ما يخص الحاجيات والتحديات الأفريقية لمكافحة الإرهاب عموما، والإرهاب النووي على وجه الخصوص.

ويشكل انتخاب المغرب كمنسق للمبادرة الشاملة لمكافحة الإرهاب النووي، اعترافا دوليا بالجهود التي بذلها المغرب لمكافحة الإرهاب على المستوى المحلي القائمة على مقاربة استباقية ومتعددة الأبعاد، كما يشكل تكريسا للالتزام الراسخ للمملكة بمكافحة الإرهاب على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد أستاذ العلوم السياسية ميلود بلقاضي، أن المغرب منخرط بشكل فاعل وفعلي في محاربة الإرهاب بكل أنواعه وأشكاله، مبرزا أن اختيار المغرب محاربة الظاهرة ليس اختيارا تكتيكيا وإنما هو اختيار استراتيجي.

وسبق أن ثمّن تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأميركية في يوليو الماضي، جهود المغرب وقدرته ودوره الفاعل على مواجهة التهديد الإرهابي. كما أشادت مؤخرا سوشما سواراج، وزيرة خارجية الهند، بالدور القيادي للمغرب في التصدي للإرهاب والفكر المتطرف، قائلة إن “المغرب يقوم بأدوار لها بعد عالمي، وتجمعه علاقات جيدة مع باقي الدول، ويحظى بموقع استراتيجي متميز″.

ويرصد مراقبون دوليون بصمات المغرب في الكشف المبكر عن خلايا إرهابية نائمة أو نشطة تمتلك نوايا هجمات إرهابية بوسائل متطورة كالقنابل ذات القوة التفجيرية غير التقليدية عبر المواد النووية والبيولوجية المهددة للسلامة الدولية، كان آخرها المعلومات الاستخبارية الهامة والحساسة التي قدمها المغرب لسريلانكا عقب الاعتداءات الإرهابية التي أوقعت المئات من القتلى في أبريل الماضي.

وعلى مستوى وطني نجح المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، في تفكيك خلايا إرهابية كانت تستعد لتنفيذ هجمات إرهابية داخل المملكة باستخدام مواد كيميائية تستعمل في صناعة المتفجرات، كما ألقت أجهزة الأمن القبض على آخر أعضاء خلية إرهابية موالية لتنظيم داعش، الاثنين الماضي.

وحسب عبداللطيف الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، فقد بلغ عدد الخلايا الإرهابية التي تمّ تفكيكها في المغرب 183 خليّة، منذ سنة 2002، إلى غاية شهر أكتوبر من سنة 2018، كما وقع تجنيب المملكة 361 عملا تخريبيا كان يستهدف بعض المواقع الحسّاسة.

ويحرص المغرب على المشاركة في كل المبادرات الإقليمية والدولية كفاعل في إحباط تحركات الجماعات المتطرفة، نظرا لتشعب علاقات تلك الجماعات وقدرتها على الاختراق الجغرافي ما يساعدها في الحصول على السلاح غير التقليدي الذي يمثل تهديدا فعالا يمكن اللجوء إليه لتعميق الأثر الإرهابي.

وفي العام 2014 تم العثور بأحد معاقل داعش في إدلب السورية، على جهاز كمبيوتر يحتوي على ملفات تتضمن تفاصيل ومعلومات حول كيفية تجهيز واستعمال الأسلحة البيولوجية، كما أشارت تقارير دولية إلى أن التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش تمكنت من الحصول على قنابل نووية صغيرة تزن القنبلة الواحدة منها ما بين 30 إلى 50 كلغ.

وحسب خبراء أمنيين يتخذ الإرهاب النووي ثلاثة أشكال أساسية، أولا، استخدام الذخائر النووية كالقنابل الصغيرة لإصابة أهداف محددة، وثانيا، تنفيذ الأعمال الإرهابية ضد المنشآت النووية بما في ذلك مفاعلات الطاقة العاملة بالوقود النووي، وثالثا، استخدام المواد المشعة، بما فيها المواد المنخفضة الإشعاع، بهدف القتل.

وتشكل المبادرة الشاملة لمكافحة الإرهاب النووي، التي أطلقت سنة 2006 من قبل الرئيسين الأميركي والروسي على هامش قمة مجموعة الثماني بسان بطرسبورغ، أرضية متعددة الأطراف للتعاون بين البلدان الشريكة ترمي إلى تعزيز القدرات العملية والتقنية لمكافحة تهديد الإرهاب النووي.

وانعقد الاجتماع الأول للإطلاق الرسمي لهذه المبادرة بالرباط سنة 2006 من قبل 13 دولة مؤسسة، من ضمنها المغرب والولايات المتحدة الأميركية وروسيا، وقد اعتمد إعلان المبادئ والمقتضيات المرجعية لهذه المبادرة.

وتضم المبادرة، التي تترأسها بشكل مشترك الولايات المتحدة وروسيا، حاليا 88 دولة-شريكة وست منظمات دولية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: