المجلس الدستوري يغامر بالتمديد لبن صالح في رئاسة الجزائر
أعلن المجلس الدستوري في الجزائر الأحد استحالة إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الذي كان مقررا في 4 يوليو القادم بعد رفضه لمطلبي ترشح بسبب عدم توفر الشروط فيهما، وبذلك تزداد أفق الحل السياسي ضيقا في ظل مؤشرات تدل على أن الأزمة الجزائرية في اتجاه المزيد من التعقيد.
تلوح بوادر مزيد من التعقيد في الأزمة الجزائرية، رغم سعي المجلس الدستوري لتفادي الفراغ المؤسساتي في البلاد بعد إقراره باستحالة إجراء الانتخابات الرئاسية، ما يعني التمديد للرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح وهو القرار الذي يقابله غضب شعبي متنام في ظل إصرار للحراك الشعبي على رحيل جميع رموز السلطة وعلى رأسهم بن صالح ورئيس حكومة تصريف الأعمال نورالدين بدوي.
وأقر المجلس الدستوري الجزائري باستحالة إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها في الرابع من يوليو القادم، وذلك بعدما رفض ملفي مرشحين المودعين لديه لعدم استيفائهما الشروط اللازمة، الأمر الذي أفرز حالة غير مسبوقة في تاريخ البلاد.
وبموجب الوضع الجديد، أوعز بيان المجلس الدستوري للرئيس المؤقت بالاستمرار في منصبه إلى غاية تنظيم انتخابات رئاسية سيعلن عن موعدها قريبا، مستندا في ذلك إلى ما تنص عليه ديباجة الدستور والبندان السابع والثامن منه، رغم أن هذا الخيار يجعل الأزمة تراوح مكانها، في ظل حسم الحراك الشعبي موقفه من السلطة الحالية.
وبهذه الخطوة المتخذة من طرف المجلس الدستوري، تكون المؤسسة العسكرية قد تفادت استلام قنبلة سياسية بعدما كانت جميع الأنظار متجهة إليها كسلطة أمر واقع في حال فشل تنظيم الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد، حيث ذهبت حينها عدة توقعات بنهاية آلية للرئاسة المؤقتة ولحكومة تصريف الأعمال وحتى للدستور، ولا يبقى حينها إلا العسكر كمؤسسة وحيدة لتسيير الوضع في البلاد.
لكن ذلك لا يمنع بقاء الأزمة السياسية في مربع الصفر في ظل الاستقطاب الحاد بين الحراك الشعبي وبين السلطة القائمة حول رحيل رموز المؤسسات الانتقالية، وعلى رأسها بن صالح وبدوي، مقابل الشروع في أي خطوات تقريبية بين الطرفين لحلحلة الأزمة التي دخلت شهرها الرابع.
وكان الرجل الأول في المؤسسة العسكرية الجنرال أحمد قايد صالح، قد دعا في آخر كلمة وجهها للرأي العام، إلى فتح حوار شامل يضم جميع القوى الحية في البلاد من أجل الذهاب إلى انتخابات رئاسية وتفادي أي مرحلة انتقالية، وهو ما قابله المحتجون في المسيرة الشعبية للجمعة الخامسة عشرة من الحراك الشعبي بالتأكيد على رفض أي حوار مع بن صالح أو بدوي.
إلا أن بيان المجلس الدستوري، الصادر الأحد، ذهب عكس ذلك حيث جاء فيه “بناء على ديباجة الدستور التي نصت على أن الدستور فوق الجميع، وهو القانون الأساسي الذي يضمن الحقوق والحريّات الفردية والجماعية، ويحمي مبدأ حرية اختيار الشعب، ويضفي المشروعية على ممارسة السلطات”.
الدستور ينص أنه على رئيس الدولة استدعاء الهيئة الانتخابية من جديد واستكمال المسار الانتخابي حتى انتخاب رئيس جديد
وأوضح البيان أنه “بما أن الدستور أقر أن المهمة الأساسية لمن يتولى وظيفة رئيس الدولة هي تنظيم انتخاب رئيس الجمهورية، فإنه يتعين تهيئة الظروف الملائمة لتنظيمها وإحاطتها بالشفافية والحياد لأجل الحفاظ على المؤسسات الدستورية التي تمكن من تحقيق تطلعات الشعب كما يعود لرئيس الدولة استدعاء الهيئة الانتخابية من جديد واستكمال المسار الانتخابي حتى انتخاب رئيس الجمهورية وأدائه اليمين الدستورية”.
ولم تتأخر ردود الفعل حول ما وصف بـ”عدم دستورية فتوى المجلس الدستوري وعدم صواب القراءة التي قدمها لديباجة الدستور وللبعض من بنوده”، حيث شدد أستاذ القانون الدستوري عمار أرخيلة على أنه كان “يتعين على رئيس الدولة المؤقت عبدالقادر بن صالح إصدار مرسوم يلغي قراره السابق باستدعاء الهيئة الناخبة، وبعدها عليه (بن صالح) التوجه إلى المجلس الدستوري لإخطاره بـأن عهدته المحددة بـ90 يوما، ستنتهي يوم التاسع من يوليو المقبل”.
وأضاف في تصريح صحافي “بعدها المجلس الدستوري يصدر فتوى دستورية بخصوص مستقبل عبدالقادر بن صالح، وإن ما كان سيستدعي الهيئة الناخبة لمرة ثانية، مع ضرورة ذكر المواد القانونية التي استند عليها في الفتوى الدستورية، لأننا مقبلون على ما يبدو على مرحلة التمديد لعهدة عبدالقادر بن صالح كرئيس للدولة لمدة ثلاثة أشهر أخرى”. وتابع “إن المجلس الدستوري تجاوز صلاحياته بحديثه في البيان الصادر الأحد عن استكمال بن صالح للمسار الانتخابي حتى انتخاب رئيس الجمهورية وأدائه اليمين الدستورية، وكان على المجلس الدستوري أن يحترم نفسه، وأن ينتظر طلبا من رئيس الدولة المؤقت الذي تنقضي عهدته الرئاسية بعد شهر وسبعة أيام”.
وتأتي التطورات الأخيرة في ظل استمرار القبضة الحديدية بين الحراك الشعبي والسلطة وغياب أي مؤشر للتهدئة بينهما. وفيما يدعو قائد أركان الجيش الجنرال أحمد قايد صالح إلى الحوار السياسي ويغامر المجلس الدستوري بالتمديد في الفترة الرئاسية المؤقتة لبن صالح، تستمر ممارسات القمع ضد الناشطين في الحراك الشعبي رغم وعود قائد الجيش بحماية الحراك من الاستفزازات والاختراقات.