بن كيران يغازل قواعد العدالة والتنمية قبل الانتخابات

جدد الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية المغربي عبدالإله بن كيران حديثه عن عودته للحياة السياسية، بعد حوالي سنتين من إعفائه من رئاسة الحكومة، عام 2017. وأدلى بتصريحات جديدة مثيرة للجدل دافع فيها عن خيارات حزبه وسياساته المتهمة بالفشل، في خطوة اعتبرها مراقبون محاولة من بن كيران لاستعادة منصبه والظفر بولاية ثالثة.

 أثارت تصريحات جديدة لعبدالإله بن كيران الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، والتي أعرب من خلالها عن استعداده للعودة إلى تقلد مناصب وتحمل المسؤولية من جديد، الجدل وفتحت نقاشا سياسيا ساخنا بالمغرب.

وذكر بن كيران في كلمة أمام أعضاء شبيبة وحزب العدالة والتنمية، وتم بثها عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” مساء الجمعة، أنه إذا عرضت عليه مسؤولية فسيقبلها ولن يتهرب منها، وذلك للحد من الفساد.

واعتبر بن كيران رئيس الحكومة السابق أنه أنقد المغرب “من المصائب”، مشيراً إلى أن الحكومة الحالية بقيادة سعدالدين العثماني مازالت بدورها تقاوم ما أسماه “البلوكاج”.

و”البلوكاج” مصطلح عرف في التداول السياسي المغربي ويعني فترة “عرقلة” تشكيل الحكومة بقيادة بن كيران والتي استمرت لما يزيد عن 6 أشهر، وانتهت بتعيين العثماني خلفا له. وضمت حكومة العثماني أحزابا كان بن كيران يرفض دخولها حكومته، ويعتبرها السبب في إفشال تشكيل الحكومة بقيادته.

ويعتقد مراقبون أن بن كيران يلمح لعودته إلى قيادة الحزب خصوصا بعد أن أقفلت في وجهه أبواب المسؤولية الحكومية فيما اكتفت الدولة بصرف معاش استثنائي ومريح له، وأعتبر هؤلاء أن الأمين العام السابق للعدالة والتنمية يحاول مغازلة حزبه بتبرئته وتنزيهه من السياسات الفاشلة التي قادت إلى تأزيم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بالمملكة.

ويرى المراقبون أن تصريحات الأمين العام السابق تأتي في إطار حملة انتخابية سابقة لأوانها هدفها طمـأنة القواعد الحزبية ولاستعادة ثقة أعضاء وكوادر الحزب.

ولم يستبعد لحسن الداودي الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، في تصريحات صحافية إمكانية العودة السياسية لعبدالإله بن كيران، معتبرا أنه “من حقه إذا أراد ذلك”، وأبرز أن الحزب “مر من مرحلة صعبة بعد إعفاء بن كيران، وحدث شرخ نسبي بعد ذلك، لكن الآن يمكن القول إن 90 بالمئة من الأمور قد تحسنت، بفضل الحوار الوطني والجهوي الذي قمنا به”.

وتأتي تصريحات بن كيران بعد تعرض حكومة العثماني لانتقادات واسعة منذ أن أصدر مرسوما يقضي بصرف تعويضات لفائدة أعضاء مجلس المنافسة (مجلس الحكامة)، وهي تعويضات تعادل الأجرة الشهرية للوزراء. ولاقى المرسوم استهجانا كبيرا من قبل النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي الذين اعتبروا أن المبالغ المطروحة ضخمة ومبالغ فيها. وحاول بن كيران توظيف الموقف لصالحه لتهدئة مخاوف الشارع المغربي وبصفة خاصة قواعده الحزبية بالقول، “هذه المرحلة عصيبة تدفعُ أعضاء الحزب إلى أن يثبتوا للناس بأنّهم الأصلحْ لقيادة مصالحهم وتمثيلِ مواقفهم”.

ويفسر رشيد لزرق، الباحث الدستوري المتخصص في الشؤون البرلمانية والحزبية، في تصريح لـه ، أبعاد تصريحات بن كيران الأخيرة. ويرى أن الأخير يريد طمأنة قواعد الحزب المستاءة من تنازلات رئيس الحكومة لفائدة باقي مكونات الأغلبية ولو على حساب مصلحة حزب العدالة والتنمية، وهو الأمر الذي يأتي في إطار تقاسم الأدوار بينه وبين العثماني على حسب تعبيره.

وأوضح لزرق أن قواعد العدالة والتنمية وخاصة الفئة الشبابية تميل بطبيعة تكوينها إلى حركة التوحيد والإصلاح وهي الذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية، وهم غير قادرين على الالتزام والقبول ببعض المواقف السياسية التي يلتزم بها الحزب، لذا يحاول بن كيران تنفيس أزمة الحزب من خلال سعيه المحافظة على وحدته؛ وإلا سيخسر عددا من كتلته الناخبة بعد أن وقع العثماني في فخ البراغماتية السياسية.

ومنذ تشكيل حكومة سعدالدين العثماني في أبريل 2017، يعاني حزب العدالة والتنمية خلافات حادة بين قيادته، لاسيما مع رفض المجلس الوطني للحزب (برلمان الحزب) في 26 نوفمبر العام الماضي، مقترحا لتعديل نظامه الداخلي بما يسمح بترشح عبدالإله بن كيران لولاية ثالثة على رأس الحزب.

وتصريحات بن كيران ليست بمنأى عن السباق التشريعي المرتقب في ظل ظرف سياسي وحزبي مرتبك تمر به الساحة السياسية المغربية أمام تواصل صراعات داخلية لبعض أحزاب المعارضة كالأصالة والمعاصرة. وأكد بن كيران أن الحزب سيكون حاضرا بقوة وعينه على المراتب الأولى، في خطوة تكشف رغبته قيادة العدالة والتنمية في المعركة الانتخابية.

وعوض الانشغال بالحسابات الانتخابية يرى رشيد لزرق أنه يتعين على العدالة والتنمية الحزب الذي يقود الحكومة التحلي بالوضوح السياسي، وروح الوطنية الصادقة، بعيدا عن الهوس الانتخابي، الذي ينهج معه سياسة براغماتية تخدم مصالحه أولا، دون القدرة على إرساء خيارات واستراتيجية جديدة تقدم بدائل وحلول ناجعة للناخب المغربي.

ويعتقد مراقبون أن تصريحات بن كيران مدروسة وتحظى بتوافق ضمني من بعض كوادر حزبه لتمرير بعض الرسائل السياسية للحلفاء أو الخصوم بهدف تحريك اللعبة السياسية التي تبدو رتيبة أحيانا.

وبعدما نصحَ بن كيران أعضاء حزبه بعدم الهروب من المسؤولية، أبرز أن حزبه لن يشاركَ في الفساد و”سنظلُّ مصلحين، وإذا ثبت أن واحدا فاسدا سيكون مصيره الطّرد من الحزب”.

لكن استخدام المعركة ضد الفساد كورقة انتخابية حيلة لم تعد تغري المواطن المغربي، كما لم تعد لها مصداقية خصوصا بعد فشل بن كيران في ولايته الحكومية بين 2012 و2016 في تقليص هذه الظاهرة والاكتفاء برفع الشعارات والخطابات الشعبوية.

وقد وقع انتخاب بن كيران أمينا عاما لـ”العدالة والتنمية”، عام 2008، وأعيد انتخابه في 2012.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: