الملك عبدالله الثاني لكوشنر: لا سلام دون دولة فلسطينية
زيارة عراب خطة السلام الأميركية جاريد كوشنر إلى الأردن في إطار جولة بالمنطقة تشمل كذلك المغرب وإسرائيل تهدف بالأساس إلى التسويق لخطة السلام في بعدها الاقتصادي، وسط إشارات إلى أن عمان ستكون حاضرة في مؤتمر البحرين، ولكن يبقى الأمر غير الواضح هو حول طبيعة المشاركة.
حرص العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني خلال استقباله مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب جاريد كوشنر على التذكير بموقف بلاده من حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي القاضي بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، في ظل تسريبات تتحدث عن أن الخطة الأميركية لن تشير إلى هذا الخيار، الذي يدعمه المجتمع الدولي.
ويشرف كوشنر على صياغة وإعداد الخطة الموعودة. وقد أعلن قبل أسابيع أنه سيتم كشف اللثام عنها بعد شهر رمضان، وإن كان كثيرون يتشككون في الأمر في ظل معارضة فلسطينية قوية، وتحفظات عربية، وعدم تحمس دولي، تضاف إلى ذلك الأزمة التي تعيش على وقعها إسرائيل بعد فشل رئيس الوزراء المكلف بنيامين نتنياهو في تشكيل حكومته، وتوجه لاجراء انتخابات جديدة.
وكان كوشنر قد اختار على ما يبدو موعد إعلان الخطة بعد انتهاء نتنياهو من تحدي تشكيل حكومة جديدة، ولكنه قد يعيد النظر فعلا في ذلك إذا ما حسمت مسألة إعادة الانتخابات الإسرائيلية خلال الساعات القليلة القادمة.
ويقول محللون إن كوشنر قد يقتصر في الفترة المقبلة على بحث الشق الاقتصادي من الصفقة في المؤتمر المعلن عنه في 25 و26 يونيو المقبل، بالبحرين، فيما يؤجل الجانب السياسي منها. ويشير المحللون إلى أن مؤتمر البحرين هو أحد الأسباب الرئيسية التي قادت كوشنر إلى المنطقة، للترويج لأهمية هذا المؤتمر وإحداث خرق في مواقف الدول التي لديها هواجس من انعقاده.
بروز أصوات وازنة في المشهد الإعلامي والسياسي في الأردن تحذر من مغبة مقاطعة مؤتمر البحرين
ووصل كوشنر إلى عمان في وقت سابق الأربعاء قادما من المغرب، وسط معارضة الشارع الأردني وقلق المؤسسة الرسمية، التي لا تنفك تؤكد تمسكها بالقرارات الدولية بشأن حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني خشية أن تتضمن خطة السلام المنتظرة بنودا تهدد ليس فقط بتقويض وصاية المملكة على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وإنما تمس أيضا بسيادة البلد عبر طرحه كوطن بديل.
وسبق وأن نفى الذراع اليمنى لكوشنر والذي يرافقه في جولته الحالية جيسون غرينبلات، أن تكون “خطة السلام تمس الأردن”، مشددا على أنها إشاعات. وأشار غرينبلات الذي يتولى منصب مبعوث خاص للرئيس الأميركي للشرق الأوسط إلى أن “الإشاعات التي تقول إن خطة السلام تتضمن كونفدرالية بين الأردن وإسرائيل والسلطة الفلسطينية أو أن يصبح الأردن وطنا بديلا للفلسطينيين غير صحيحة”.
ولا تلقى تطمينات الجانب الأميركي ارتياحا لدى الجانب الأردني، خاصة وأن واشنطن ترفض إطلاع عمان على التفاصيل السياسية للخطة، وسبق وأن تحدثت تسريبات عن غضب العاهل الأردني من طريقة تعاطي الإدارة الأميركية معه.
وقال بيان الديوان الملكي عقب لقاء الملك عبدالله بكوشنر ومرافقيه إن “الملك عبدالله استقبل في قصر الحسينية الأربعاء، كبير مستشاري الرئيس الأميركي، الذي يزور الأردن ضمن جولة له في المنطقة حيث جرى بحث المستجدات الإقليمية، خصوصا الجهود المبذولة لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”.
وأكد الملك “ضرورة تكثيف جميع الجهود لتحقيق السلام الشامل والدائم على أساس حل الدولتين الذي يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، وفق قرارات الشرعية الدولية”.
ويكاد يجزم متابعون أن لقاء الملك عبدالله الثاني بكوشنر قد ركز بالدرجة الأساس على بحث مؤتمر البحرين، والمزايا التي من الممكن أن تحصل عليها عمان باعتبارها تحتضن أكثر من مليوني لاجئ فلسطيني.
ويلفت المحللون إلى أن زيارة عراب خطة السلام كان الهدف الأساس منها إقناع الأردن بصوابية المشاركة في المؤتمر. وتتحاشى الحكومة الأردنية الحديث عن المشاركة من عدمها، وسبق وأن أعلنت أنها لم تحسم قرارها بعد، في ظل قلق من رد فعل شعبي خاصة مع بروز حراك احتجاجي متصاعد ضد خطة السلام ينتظر أن يشهد زخما أكبر في الأيام القادمة.
ورغم الضجيج الدائر يرجح الكثير من المحللين أن تحضر عمان في المؤتمر، وهناك عدة مؤشرات توحي بذلك من بينها بروز أصوات وازنة في المشهد الإعلامي والسياسي في الأردن تحذر من مغبة المقاطعة، لافتة إلى أنه بالإمكان تحويل “الهاجس إلى فرصة” لإنعاش خزينة الدولة المنهكة. ويعاني الأردن من أزمة اقتصادية خانقة جراء عوامل هيكلية ودوافع خارجية في علاقة بالصراعات التي تشهدها بعض دول الجوار، والتي جعلت المملكة موطنا جديدا للآلاف من اللاجئين، فضلا عن تعثر عملية التبادل التجاري.
يقول المحللون إنه يبقى نوع المشاركة في مؤتمر البحرين هو غير الواضح فهل ستوفد المملكة مسؤولين من الصف الأول أو أنها ستقتصر على حضور رمزي، مع التأكيد على ثوابتها في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
ومنذ تولّيه منصبه يبدي الرئيس الأميركي دونالد ترامب رغبة في التوصل إلى “اتّفاق نهائي” بين الإسرائيليين والفلسطينيين على أمل أن ينجح حيث فشل كل أسلافه من الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء.
لكنّ المعادلة تبدو حساسة جدا لأن الفلسطينيين يقاطعون الإدارة الأميركية منذ أن اعترفت واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل في ديسمبر 2017، وقد أعلنوا رفضهم لأي طروحات تقف خلفها واشنطن ومن بينها مؤتمر البحرين.
ويأمل كوشنر في الحصول على تأييد قسم من الفلسطينيين عبر وعده بتنمية اقتصادية فعلية، وهو مدرك أنه بحاجة إلى دعم دول عربية حليفة للولايات المتحدة لتحقيق ذلك.