الناخب الأوروبي ينشد تغييرا في عمل الاتحاد
إذا اعتبرنا نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي التي انتهت الأحد، مؤشرا على حالة الاتحاد الأوروبي، يمكن القول إن الناخبين الأوروبيين يريدون تغييرا في عمل الاتحاد، لكنهم لا يريدون إعادة بناء الاتحاد بشكل جذري.
وفي حين وجّهت الانتخابات ضربة قوية لأحزاب الوسط، سواء يمين الوسط أو يسار الوسط، والتي ظلت تسيطر على السلطة التشريعية للاتحاد الأوروبي طوال تاريخها الممتد لـ40 عاما، فإن هذه الانتخابات لم تسفر عن “الزلزال” الذي تنبأ به ستيف بانون والذي كان يدعم الأحزاب الشعبوية المناوئة للاتحاد الأوروبي طوال فترة معركة انتخابات البرلمان الأوروبي، مع ذلك يؤذن تبعثر الأصوات بمفاوضات صعبة بين الكتل الأوروبية المختلفة، فلا يمكن لأيّ كتلة من الأربع الأولى تشكيل غالبية مطلقة دون الكتل الثلاث الأخرى.
لا يمكن لأي من الكتل الكبرى المؤيدة للمشروع الأوروبي أن تعلن انتصارها في الانتخابات الأوروبية، وفق النتائج غير النهائية. وخسرت أقوى كتلتين في البرلمان الأوروبي غالبيتهما، فكتلة حزب الشعب الأوروبي ممثل يمين الوسط حصلت على نحو 178 مقعدا، أما الاشتراكيون والديمقراطيون فنالوا 152.
وتخرج القوى الشعبوية والمشككة في المشروع الأوروبي أقوى من هذا الاستحقاق الأوروبي. مع ذلك، لم تصل نتائجها إلى أعلى التوقعات، خصوصا في إيطاليا وفنلندا. وتهدد انقسامات هذه القوى العميقة قدرتها على تشكيل ائتلاف متجانس في البرلمان الجديد، كما يرى محللون.
ضاعف الخضر في ألمانيا نتيجتهم بحصولهم على نحو 20.5 إلى 22 بالمئة (مقابل 10.7 بالمئة في 2014)
في فرنسا، حلّ حزب التجمع الوطني (الجبهة الوطنية سابقا) في الطليعة مع 23.31 بالمئة. وفي ألمانيا، حقق حزب “البديل لألمانيا” هدفه مع 10.5 بالمئة. وحلّ فيديز، حزب رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان في الطليعة في بلاده، محققا فوزا ساحقا بنسبة 56 بالمئة من الأصوات. وفي إيطاليا تجاوزت نسبة حزب “الرابطة” لماتيو سالفيني، 34 بالمئة.
وفي دول شمال أوروبا، حقق حزب الفنلنديون الحقيقيون تقدّما، لكن أيضا دون ما توقعته استطلاعات الرأي. أما في السويد، يبدو أن حزب ديموقراطيو السويد قد حقق صعودا ملحوظا مع 16،9 بالمئة مقابل 9.67 بالمئة في 2014.
رغم صعودهم، يشكك مسؤولون في بروكسل أن تتمكن كتل الشعبويين والمشككين من نيل 200 مقعد من أصل 751 مقعدا في البرلمان الأوروبي، بحسب فرانسوا هيزبورغ، الذي يقدّر أن عدد مقاعدهم قد يتراوح “بين 78 إلى 110 مقاعد، أو 115 مقعدا”. ويضيف أنهم يختلفون أيضا “حول قضايا ذات أهمية حيوية، مثل العلاقة مع روسيا”.
صعود الخضر
ضاعف الخضر في ألمانيا نتيجتهم بحصولهم على نحو 20.5 إلى 22 بالمئة (مقابل 10.7 بالمئة في 2014). ويرى مدير مكتب باريس لـ”المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية” مانويل لافون رابنوي أن “الخضر الذين يؤلفون تقليديا مجموعة متجانسة في البرلمان الأوروبي، سيحافظون على تماسكهم”، مع 67 مقعدا، ودون استبعاد انضمام بعض من صفوف الاشتراكيين الديمقراطيين إليهم.