صفقة القرن محاصرة برفض فلسطيني وبرود عربي وأزمة في إسرائيل

زاد الإعلان الأميركي عن مؤتمر البحرين، بشأن فتح أبواب الاستثمار لفائدة الأراضي الفلسطينية، من الضغوط بشأن صفقة القرن التي تعتزم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عرضها كـ”حل” للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

وفيما يتسم الموقف الأميركي بالتردد والارتباك بشأن محتوى الصفقة وتوقيتها، فإن المبادرة تتعرض لهجوم فلسطيني واسع وعدم تفاعل عربي خاصة من دول محورية، كما تقابل باستغراق إسرائيلي في قضايا الانتخابات والعجز عن تشكيل الحكومة.

ولتدارك هذا الارتباك بادرت إدارة ترامب بإرسال وفد ثلاثي مكلف بالترويج لصفقة القرن إلى الشرق الأوسط لزيارة كل من المغرب والأردن وإسرائيل، في محاولة لتبديد الغموض بشأن المبادرة وكسب دعم من دول مؤثرة مثل المغرب والأردن، الذي مهد لهذه الصفقة بإبداء تحفظاته عليها.

وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن أي طرح اقتصادي لحل القضية الفلسطينية لن يكون بديلا عن خطة سياسية تتضمن حلّ الدولتين.

أيمن الصفدي: أي طرح اقتصادي لن يكون بديلا عن خطة سياسية
أيمن الصفدي: أي طرح اقتصادي لن يكون بديلا عن خطة سياسية

وبدا كلام الصفدي إشارة واضحة إلى أن الأردن لا يعتقد بأن الطرح الأميركي لصفقة القرن يمكن أن يؤدي إلى أي نتيجة في غياب حل سياسي يؤمن للفلسطينيين حقوقهم.

ويعتبر الأردن أن صفقة القرن تفرض عليه أعباء لا يستطيع تحملها من بينها الدور الأمني الذي سيتوجب عليه الاضطلاع به في ما بقي من مناطق تحت الحكم الذاتي الفلسطيني في الضفة الغربية.

ويزور وفد أميركي مكون من مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب المكلف بخطة السلام الإسرائيلية-الفلسطينية جاريد كوشنر برفقة ذراعه اليمنى جيسون غرينبلات وكذلك الممثل الأميركي الخاص لشؤون إيران في الخارجية الأميركية براين هوك، هذا الأسبوع، المغرب والأردن وإسرائيل، بهدف الحصول على أكبر تغطية عربية لصفقة القرن.

ويترقب أن تكشف الولايات المتحدة في 25 و26 يونيو خلال مؤتمر المنامة عن الشق الاقتصادي من خطتها للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين والتي لم يكشف عن شقها السياسي بعد.

وأعلن بيان بحريني أميركي مشترك، أن المنامة ستستضيف بالشراكة مع واشنطن، ورشة عمل اقتصادية تحت عنوان “السلام من أجل الازدهار” يومي 25 و26 من الشهر المقبل، في مؤتمر يستهدف تسويق “صفقة القرن”.

وفيما أعلنت السلطة الفلسطينية أنها لن تشارك في هذا المؤتمر، لم يعلن الأردن حتى الآن موقفه، وأكد مسؤول حكومي قبل أيام أنه “من المبكر الحديث عن مشاركة الأردن في هذا المؤتمر”.

وترى مصادر دبلوماسية أن تحرك كوشنر وفريقه المشرف على ما يطلق عليه “صفقة القرن” هدفه محاولة التسويق لمسعى الإدارة الأميركية لخلق بيئة حاضنة للصفقة التي وعد بها ترامب قبل وصوله إلى سدة الرئاسة في بلاده.

وأضاف هؤلاء أن جولته في الأردن والمغرب وإسرائيل ستكون جزءا من ضمن جولات متعددة سيقوم بها مبعوثو الإدارة الأميركية قبل الإعلان عن الصفقة.

ويلفت مراقبون إلى أن الأردن أطلق مجموعة من المواقف التي صدرت عن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وعن منابر دبلوماسية في عمان رفضت فيها صفقة القرن.

وفيما لم تحسم لائحة المدعوين إلى مؤتمر المنامة، بدا أن تحرك كوشنر باتجاه الأردن هدفه تهدئة المخاوف الأردنية، خصوصا أن عمان لطالما عبرت عن امتعاضها من غياب أي تشاور أميركي أردني في ما يتعلق بالخطة التي يعمل عليها كوشنر ورفيقه.

وتقول مصادر أردنية مراقبة إن اللهجة العالية التي يستخدمها الأردن، سواء على المستوى الرسمي أو ذلك الذي يظهره الإعلام، هدفها رفع سقف المطالب الأردنية، وتحصين المملكة بمجموعة من المواقف والسياسات في مواجهة قرارات ما زالت مجهولة بالنسبة لعمان.

ويرى دبلوماسيون أن كوشنر سيتشاور مع المسؤولين في المغرب، الذي سبق أن استثناه في جولاته السابقة، في محاولة لضم الرباط إلى جهود واشنطن، خصوصا أن المغرب معني مباشرة بمستقبل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني لاسيما من زاوية ترؤس العاهل المغربي الملك محمد السادس للجنة القدس التي شكلتها منظمة المؤتمر الإسلامي في اجتماعها في جدة عام 1975.

وكانت تجمعات شعبية ونقابية في المغرب قد أدانت صفقة القرن على نحو يضع المغرب داخل السجال حول هذه المسألة.

رفض الصفقة قبل عرضها
رفض الصفقة قبل عرضها

ويرى مراقبون أميركيون أن واشنطن ما زالت غير واثقة من احتضان الدول المعنية لصفقة القرن، وأن كوشنر يحاول استباق أي ردود فعل سلبية من خلال تكثيف مشاوراته في محاولة لأخذ تحفظات وهواجس كافة دول المنطقة بالاعتبار.

ويرجح آخرون أن يسعى كوشنر لدى عواصم المنطقة لممارسة ضغوط على كافة الفرقاء الفلسطينيين لإقناعهم بالتعامل مع الصفقة وعدم اتخاذ أي مواقف عدائية مسبقة قبل الإعلان عنها.

واكتشفت واشنطن خلال تنزيل مقاربتها لصفقة القرن على الأرض، أن الملف معقد خاصة ما تعلق بهوية القدس، وأن سياسة فرض الأمر الواقع لا يمكن أن تنجح، فالقضية أبعد من رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ولديها تفرعات أشمل وأبعد مدى.

ويرى الفلسطينيون أن الهدف من المؤتمر تسويق خطة التسوية المرتقبة المعروفة إعلاميا باسم “صفقة القرن”، التي يتردد أنها تقوم على إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة لصالح إسرائيل.

وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن حل القضية الفلسطينية يجب أن يبدأ بالقضية السياسية وإن صفقة القرن التي وصفها “بصفقة العار” ستذهب إلى “الجحيم”.

وطالب عباس في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) من يريد حل القضية الفلسطينية عليه أن يبدأ بالقضية السياسية، وليس ببيع أوهام المليارات التي لا نعلق عليها آمالا ولا نقبل بها لأن قضيتنا سياسية بامتياز.

وقال رئيس الحكومة الفلسطينية، محمد اشتية إن “مؤتمر المنامة سوف يولد ميتا”. بدوره، طالب صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الدول العربية التي وافقت على حضور ورشة عمل المنامة، إعادة النظر في موقفها.

ويعتقد محللون أن موقف السلطة الفلسطينية محكوم بردة الفعل رغم ما يحوزه من مشروعية، وأنه كان عليها البحث عن صياغة موقف عربي جماعي من الصفقة وعدم التحرك بشأن منفرد، خاصة أن أطرافا فلسطينية أخرى مثل حماس قد تنخرط في هذه الصفقة من بوابة الإغراءات التي تقدمها دول خارجية لها كقطر.

بالمقابل، تبدو إسرائيل وكأنها غير معنية بما يجري، مستغرقة في خلافاتها الداخلية والأزمة الناجمة عن نتائج الانتخابات بعد أن فشل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي حصل حزبه الليكود وحلفاؤه اليمينيون والمتدينون على 65 مقعدا في البرلمان، في تشكيل ائتلاف حكومي بعد انتخابات أبريل الماضي.

وتقترب إسرائيل من إجراء انتخابات جديدة حيث أقر الكنيست، الثلاثاء، في قراءة أولى مشروع قانون حل البرلمان.

وذكر الموقع الإلكتروني للبرلمان الإسرائيلي أن 66 عضوا في الكنيست صوتوا لصالح التوجه إلى صناديق الاقتراع مجددا، وعارضه 44 نائبا.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: