رئيس المفوضية المنصب الأهم في أوروبا

بدأت المداولات حول تولي المناصب الأساسية في الاتحاد الأوروبي والتي تبدو حامية بعد الانتخابات الأوروبية التي أسفرت عن برلمان مفكك بعد تقدم أحزاب مشككة بأوروبا، ولو بشكل محدود خلافا للتوقعات، وتقدّم دعاة حماية البيئة والليبراليين.

ورغم أن تشكيلة البرلمان المقبل لا تزال غير واضحة، إلا أن المناورات بدأت حيث سيجمع عشاء، مساء الثلاثاء، قادة الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لتبادل الآراء حول التعيينات المقبلة.

ماهي الخطوة التالية

إعادة تشكل المشهد السياسي داخل البرلمان الأوروبي ستكون حاسمة للسباق إلى المناصب الأساسية في المؤسسات الأوروبية وخصوصا رئاسة المفوضية خلفا ليونكر من الحزب الشعبي الأوروبي. أول صراع قوة سيكون بين البرلمان الأوروبي والمجلس الذي يضم قادة الدول والحكومات. الأول يعتبر، وهو متسلح بنسبة مشاركة عالية، أن الرئيس المقبل للمفوضية الأوروبية يجب أن يكون أحد المرشحين الذين يتصدرون اللوائح.

واستنادا إلى ذلك طالب قادة الحزب الشعبي الأوروبي بالمنصب لرئيسهم الألماني مانفريد فيبر المحافظ الذي يثير انقساما. وقال سيباستيان مايار “اللعبة فتحت”.

المرشحون
المرشحون للمناصب الأساسية في الاتحاد الأوروبي 

وأضاف “ليست هناك أي كتلة سياسية قوية بما فيه الكفاية لكي تفرض مرشحا. أعتقد أنه سيكون مانفريد فيبر بالنسبة للمسيحيين الديمقراطيين أو فرانس تيمرمانس للاشتراكيين الديمقراطيين”.

والمعادلة تبدو أكثر تعقيدا مع المطالب التي يفرضها الاتحاد الأوروبي بوجود توازن سياسي وجغرافي وديموغرافي ومساواة بين الرجل والمرأة في كل المناصب رفيعة المستوى. وإلى جانب المفوضية، يجب أيضا تعيين رئيس جديد للمجلس والبنك المركزي الأوروبي ووزير الخارجية.

ويرى المستشار في مركز الدراسات الإستراتيجية في لندن فرنسوا هيزبورغ أن عملية اختيار رئيس المفوضية الأوروبية ورؤساء الهيئات الأوروبية الرئيسية الأخرى ستكون أمرا عويصا، دون أن يُفسح المجال لتحالف الليبراليين والوسطيين (108 مقاعد) بتولّي القيادة، ولا للخضر (68 مقعدا) بأن يلعبوا دورا مؤثرا. ويقول مدير مركز جاك دولور سيباستيان ميار إن “كل القوى يمكنها أن تطالب بجزء من الغنيمة”.

لماذا الأمر مهم لأعضاء الاتحاد

تعتبر المفوضية الأوروبية واحدة من أهم المؤسسات في الاتحاد الأوروبي لأنها تقترح تشريعات، وتنفذ سياسات الاتحاد الأوروبي، وتمثل الكتلة خارج القارة. وعلى الرغم من أن هذه اللجنة قد تأسست لتمثل الاتحاد الأوروبي ككل، تحمل الحكومات الوطنية مصالح خاصة في تعيين رؤساء تتماشى سياساتهم مع أولوياتها.

أي نظام لتحديد الرئيس

تريد بعض الدول أن يكون رئيس المفوضية القادم قائدا للمجموعة السياسية التي تسيطر على معظم المقاعد في البرلمان الأوروبي، وهي عملية اختيار تعرف باسم نظام “سبيتزين كانددات” أو “المرشح الرئيسي”.

وتعتبر ألمانيا الداعم الرئيسي لهذه الآلية لانتماء الاتحاد المسيحي الديمقراطي المحافظ إلى حزب الشعب الأوروبي، المتوقع أن يفوز بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات البرلمانية. علاوة على ذلك، فإن المرشح الرئيسي لحزب الشعب الأوروبي هو مواطن ألماني. في المقابل، تعتبر فرنسا أكبر خصم لهذا النظام. ويجري حزب “الجمهورية إلى الأمام”، الذي يتزعمه الرئيس إيمانويل ماكرون، مفاوضات لتشكيل كتلة وسطية صغيرة في البرلمان الأوروبي، مما يعني أنه لن يمتلك فرصة في نيل الرئاسة في حالة استخدام النظام.

وتدعو فرنسا إلى اتباع ما تنصّ عليه معاهدة لشبونة، وذلك عبر تعيين رئيس المفوضية من خلال تنظيم نقاشات بين الحكومات الوطنية. ويعزز احتمال تسبب الانتخابات في تكوين برلمان أوروبي مجزأ لا يسيطر فيه أي حزب على الأغلبية المطلقة من المقاعد موقف فرنسا.

وكان قادة لوكسمبورغ وليتوانيا قد انتقدوا كذلك آلية سبيتزين كانددات خلال قمة رومانيا، بينما دافع عنها المستشار النمساوي سيباستيان كورز. وستؤثر الطريقة التي تختارها المفوضية الأوروبية لتحديد زعيمها على سياسات الكتلة في السنوات الخمس القادمة.

إذ سيركز الرئيس المحافظ في الاتحاد الأوروبي على قضايا مثل التفاوض حول اتفاقيات التجارة الحرة في جميع أنحاء العالم وزيادة أساليب الحدّ من الهجرة غير النظامية، في حين سيعطي الرئيس التقدمي الأولوية للتحويلات المالية عبر الكتلة وسيعمل على اتخاذ تدابير لتعميق التكامل الاقتصادي في منطقة اليورو.

مع ذلك، ستحاول حكومات الاتحاد الأوروبي الموازنة بين توزيع السلطة، ومن المحتمل أن يحصل الخاسرون في رئاسة المفوضية على مناصب مثل رئيس البنك المركزي الأوروبي والممثل السامي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد.

ما الذي سيحدث بعد التعيين

سنة 2014، استغرق الاتحاد الأوروبي ثلاثة أشهر لتعيين رئيس المفوضية. تريد الكتلة جعل العملية أسرع هذه المرة، لكن ذلك لن يكون سهلا. سيجتمع القادة مرة أخرى في 28 مايو لمناقشة نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي، ثم سيعقدون قمة في الفترة الممتدة من 20 إلى 21 يونيو، للقيام بمحاولة أولى لتعيين رئيس للمفوضية. وسيتعين على البرلمان الأوروبي التصديق على رئيس المفوضية الجديدة، ومن المتوقع أن يتولى منصبه في أكتوبر القادم.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: