تمور رمضان تنعش تجارة دول المغرب العربي

كشفت بيانات مغربية عن زيادة موسمية كبيرة في التبادل التجاري للمحاصيل الزراعية بين دول المغرب العربي، وخاصة استيراد التمور من قبل المغرب، في وقت تسعى فيه الرباط لتعزيز خطط برنامج المخطط الأخضر لزيادة إنتاج التمور بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي.

عززت دول شمال أفريقيا العربية حجم تجارتها الموسمية مع المغرب، وخاصة في مجال التمور، التي ارتفعت وارداتها إلى مستويات قياسية في شهر رمضان الحالي لتغطية الطلب المحلي المتزايد.

ورغم حجم المحصول الذي أنتجته واحات المغرب هذا العام إلا أنه لم يسد حاجة السوق على ما يبدو، خاصة وأن شهر الصيام يشكل مرحلة الذروة بالنسبة لتجار التجزئة والجملة.

ومنذ بداية 2019، كثف المغرب وارداته من التمور الأجنبية التي وصلت إلى 32.6 ألف طن في نهاية مارس الماضي، مقابل 25 ألف طن بمقارنة سنوية، غير أن مهنيين توقعوا ارتفاع الواردات إلى 40 ألف طن في هذه الفترة من العام.

وارتفعت حركة تجارة التمور بمختلف أسواق البلاد، حيث يكثر الإقبال في شهر رمضان على هذا المنتج الذي يتميز بالجودة العالية خصوصا تلك التمور القادمة من جنوب البلاد وبأسعار مناسبة تنافس نظيرتها القادمة من بلدان شمال أفريقيا.

وأوضح تجار أن المنتجات التونسية والمصرية والجزائرية والليبية تشهد إقبالا ملحوظا من المغاربة، الشيء الذي يشجع على استيرادها سنويا من أجل الاستجابة للطلب ولضمان هامش ربح مهم لهم.

وتأتي التمور التونسية في صدارة المنتجات المصدرة إلى المغرب بين دول المنطقة حيث ارتفع إجمالي واردات البلاد إلى ما يناهز 750 مليون درهم (77 مليون دولار) خلال العام الماضي قياسا بحوالي 55 مليون دولار قبل عام، وفق بيانات إحصائية صادرة عن المصالح التابعة لوزارة المالية.

تونس تأتي في صدارة مصدري التمور إلى المغرب بنحو 77 مليون دولار سنويا تليها مصر والجزائر وليبيا

وتزاحم تونس أبرز الدول المنتجة للتمور في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لكنها تتصدر قائمة المصدرين من حيث القيمة المالية كما تعتبر المزود الرئيسي للأسواق الأوروبية.

وتضاعفت واردات المغرب من التمور المصرية العام الماضي لتبلغ 24 مليون دولار بمقارنة سنوية، بينما بلغت وارداته من الجزائر 9 ملايين دولار فقط قياسا بزيادة تقدر بنحو 30 بالمئة عن العام السابق.

ولم تتأثر واردات المغرب من التمور الليبية بحالة التوتر الأمني، الذي يعيشه البلد المغاربي، إذ تظهر البيانات أن الرباط استوردت ما قيمته 4 ملايين دولار العام الماضي قياسا بنحو 56 ألف دولار في 2017.

وأجمع تجار التقسيط بأسواق فاس خلال حوارات متفرقة مع “العرب” على أن التمور متواجدة بشكل وفير والأسعار في متناول فئات واسعة من المواطنين.

وتتراوح الأسعار بين 10 و110 دراهم (دولار و11 دولارا)، حسب الأنواع التي يرغب الزبون في اقتنائها.

ويقول عبدالرزاق، وهو أستاذ تعليم، إنه يحبذ التمور القادمة من الواحات المغربية لجودتها ولتشجيع المنتوج المحلي. وأكد في تصريح لـ”العرب” أن هناك بعض الأنواع التي تضاهي في جودتها تلك القادمة من دول أخرى، حتى على مستوى طريقة التعبئة والتغليف التي عرفت تطورا كبيرا مقارنة بالسنوات الماضية.

وتختلف الأسعار حسب نوع التمر وجودته، فبالنسبة للتمر المستورد يتراوح سعر الكيلوغرام ما بين 3 و6 دولارات. أما الأنواع المحلية فيصل سعر الكيلوغرام من “التكلة” إلى ثلاثة دولارات، بينما يصل ثمن نوع “الجهل” إلى 4.5 دولار.

ويتراوح سعر الكيلوغرام من نوع “دكلة” و”الزهدي” ما بين 1.2 و1.5 دولار، وفي المقابل يتراوح سعر الكيلوغرام من تمر “المجهول” ما بين 6 و15 دولارا.

المغرب يسعى إلى بلوغ إنتاج 170 ألف طن من التمور بحلول العام المقبل ولهذا الغرض تستمر بالواحات المغربية عملية غرس الأشجار ليبلغ عددها 2.3 مليون نخلة

ويؤكد أهل القطاع أن هناك مساعي حكومية لجعل المغرب يحقق الاكتفاء الذاتي من إنتاج التمور وينجح في مواجهة التقلبات المناخية التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة.

وقال عزيز أخنوش وزير الزراعة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، إن المعدل السنوي لإنتاج التمور بلغ بين 2015 و2018 نحو 117 ألف طن، أي ضعف الإنتاج الذي كان يصل إلى 60 ألف طن سنويا قبل اعتماد برامج مخطط المغرب الأخضر.

وكشف الوزير أن إنتاج التمور عرف خلال السنة الجارية تراجعا بنحو 9 بالمئة بسبب الأمطار الغزيرة في الواحات.

ويسعى المغرب إلى بلوغ إنتاج 170 ألف طن من التمور بحلول العام المقبل ولهذا الغرض تستمر بالواحات المغربية عملية غرس الأشجار ليبلغ عددها 2.3 مليون نخلة.

ولدى وزارة الفلاحة خطط لزرع ثلاثة ملايين نخلة بحلول العام المقبل للاستغناء تدريجيا عن استيراد التمور من الخارج، والعمل بعد ذلك على فتح أسواق لتصدير التمور المحلية.

وأنشأت الجهات المعنية بالقطاع العديد من مصانع التحويل والتبريد بالقرب من الواحات بهدف تخزين الكميات التي يتم إنتاجها سنويا.

وخصص المخطط الأخضر آليات دعم إنتاج التمور، حيث يمول بشكل كامل تكلفة شراء الشتلات الجديدة من أجل تكثيف الواحات، كما يمول مشاريع التوسع خارج الواحات بنسبة 70 بالمئة عبر ضخ 3600 دولار للهكتار الواحد.

واحتل المغرب المركز الثالث عربيا والحادي عشر عالميا في قطاع إنتاج التمور في الموسم الزراعي الماضي بعدد نخيل يبلغ 6.6 مليون نخلة، وهو يوفر 12 ألف فرصة عمل مباشرة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: