السلطة الجزائرية تستعد لإعلان فشلها في تنظيم الانتخابات
وتوجهت أنظار الجزائريين إلى غاية منتصف ليل السبت، إلى مبنى المجلس الدستوري، لمعرفة الأنفاس الأخيرة من موت مشروع الانتخابات الرئاسية التي أقرتها السلطة الانتقالية في 4 من يوليو القادم، وذلك بعدما زهد المترشحون في خوض غمارها، تحت ضغط المظاهرات الشعبية والافتقاد للشروط الأساسية لإجراء أي موعد انتخابي.
وانتهت عند منتصف ليل السبت إلى الأحد، المهلة الزمنية التي تضعها النصوص التشريعية لإجراء الانتخابات الرئاسية، في الحالة التي عرفتها الجزائر بعد تطبيق البند 102 من الدستور، وتمتد المهلة الزمنية القانونية لـ45 يوما من دعوة الهيئة الناخبة من طرف الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح.
وبغض النظر عن المضمون الذي سيتلوه بيان المجلس الدستوري على الجزائريين، فإن قرار إلغاء الانتخابات الرئاسية المقررة، بسبب غياب المترشحين، سيبقى سابقة أولى في تاريخ البلاد، وسيمهد الطريق ليضعها عند نهاية المهلة القانونية أيضا للرئاسة الانتقالية (التاسع من يوليو) في وضعية دستورية وسياسية لا نظير لها.
وستكون الجزائر وفق التوقعات المنتظرة بعد التاسع من يوليو، دون حكومة تصريف أعمال، ودون رئاسة انتقالية، ودون صلاحية للدستور القائم، ولا يبقى أمامها آنذاك إلا الاستنجاد بالمؤسسة العسكرية لإدارة الشأن العام، كأمر واقع يتوجب الامتثال له بدل الوقوع في الفوضى وانهيار الدولة.
عدة جهات ألمحت إلى إمكانية الدفع برئيس الوزراء السابق عبدالمجيد تبون، لخوض غمار الانتخابات الرئاسية والاستمرار في نفس الأجندة
وكانت وزارة الداخلية والجماعات المحلية، قد أعلنت في وقت سابق، عن تقدم 74 شخصية، ثلاثة منهم
رؤساء أحزاب سياسية والبقية شخصيات مستقلة، لإيداع رسائل النية في الترشح للانتخابات الرئاسية، إلا أنه ولغاية زوال أمس السبت، لم يتقدم أي مرشح بملف إيداع الترشح لدى هيئة المجلس الدستوري، مما يؤكد فرضية زهد هؤلاء في استكمال فصول المغامرة السياسية.
وأكد مصدر مطلع أنه “باستثناء عدد قليل جدا ممن يملكون طموحات سياسية بغض النظر عن شرعيتها، فإن العشرات الآخرين يهمهم الاستعراض أمام الكاميرات والأضواء الإعلامية، وغير قادرين على جمع العدد الضروري من استمارات الاكتتاب، فبعض رؤساء أحزاب سياسية فشلوا حتى في جمع استمارات اكتتاب فكيف يكون الشأن بالاستمارات الخاصة في ظل الظروف والأوضاع السياسية التي تعرفها البلاد منذ بداية الحراك الشعبي في الـ22 فبراير الماضي”.
وتوالت الانسحابات في الساعات الأخيرة التي سبقت نهاية المهلة القانونية لإيداع الملفات لدى هيئة المجلس الدستوري، وكان على رأس هؤلاء المرشح المثير للجدل، الذي رجحت دوائر متابعة أن يكون مرشح الجيش في الاستحقاق الرئاسي، وهو الجنرال المتقاعد علي غديري، وتبعه كل من بلعيد عبدالعزيز رئيس جبهة المستقبل، وبلقاسم ساحلي، رئيس التحالف الوطني الجمهوري.
ومع ذلك تبقى مفاجآت الساعات الأخيرة واردة جدا، وهي الفترة الممتدة بين النهاية القانونية للمهلة وبين موعد تسليم صفحات الجريدة للطبع، ولا يستبعد أن يتقدم المرشح الذي تراهن السلطة الحالية وعلى رأسها المؤسسة العسكرية، لإيداع ملفه، ليكون بذلك الحصان الأسود في السباق.
وألمحت عدة جهات إلى إمكانية الدفع برئيس الوزراء السابق عبدالمجيد تبون، لخوض غمار الانتخابات الرئاسية والاستمرار في نفس الأجندة، رغم ما يعتريها من غضب ورفض شعبيين ومعارضة سياسية، ويعتبر الرجل من المقربين لقائد أركان الجيش أحمد قايد صالح، ويوصف بأنه الواجهة المدنية اللائقة بالمؤسسة العسكرية في الظرف الراهن.
وترى خبيرة القانون الدستوري فتيحة بن عبو، بأن “قرار تأجيل الانتخابات الرئاسية سيتخذ بشكل تلقائي من قبل المجلس الدستوري، في حال لم يقم أي مترشح بإيداع ملف ترشحه على مستوى المجلس الدستوري، والدستور الحالي لم يتضمن نصوصا قانونية تعالج إشكالية عدم وجود متسابقين على كرسي الرئاسة، إذا حدث ذلك فعلا سنكون أمام حالة استثنائية دون مخارج قانونية، وستتأجل الانتخابات الرئاسية بشكل تلقائي مع التأكيد على أنه ليس من صلاحيات رئيس الدولة أو المجلس الدستوري لأنه ليس من صلاحيتهما التصريح بأن الانتخابات مؤجلة”.
وذكر مصدر سياسي بأن “عدم إجراء الانتخابات الرئاسية في التاسع من يوليو، هو أحد أوجه التسوية للأزمة السياسية التي تتخبط فيها البلاد، وأن السيناريو بات مرجحا منذ عدة أسابيع، حيث تزامن مع تصاعد لهجة الشارع الرافضة للانتخابات في الموعد المذكور، مع تراجع حدة تأكيدات الحاكم الفعلي في الظرف الراهن للبلاد، قائد أركان الجيش الجنرال قايد صالح”.
وتابع بقوله “هناك سيناريو مطروح في دوائر رسمية وسياسية، يتحدث عن إرجاء الموعد الانتخابي القادم إلى الأشهر القادمة، على أن لا يتعدى نهاية السنة الجارية، يتم خلالها تنحي المؤسسات الانتقالية (الرئاسة المؤقتة وحكومة تصريف الأعمال) بعد التاسع من يوليو، على أن يتولى أحمد طالب الإبراهيمي، إدارة مرحلة انتقالية قصيرة، تتكفل بتنظيم انتخابات رئاسية مقبولة شعبيا وسياسيا”.