أوروبا تعيش هاجس التضليل الروسي عشية الانتخابات
أكثر ما يثير مخاوف الأوروبيين ليس انتشار التضليل والأخبار الكاذبة على المنصات الاجتماعية فحسب، وإنما أساسا حملات الدعاية المستترة التي لم تكتشف حتى الآن، إذ عبّرت المفوضية الأوروبية بأنها ليست مطمئنة إزاء غياب أي دليل واضح على تلاعب روسي في انتخابات الاتحاد الأوروبي.
حذرت فيرا جوروفا مفوضة العدل بالاتحاد الأوروبي من أن مخاطر تعرض الناخبين لحملات تضليل، قبل انتخابات البرلمان الأوروبي التي تُجرى هذا الأسبوع، كبيرة جدا.
وقالت جوروفا مساء الثلاثاء ”الحقيقة هي أنه في تلك اللحظة، ليس لدينا علم بوجود حملة تضليل كبيرة، لا يعني ذلك أنها غير موجودة. ربما لم يتم اكتشافها”. وأضافت “مازال أمامنا عدة أيام. إنها ليست جنون العظمة/بارانويا/، إنه حذر. ما يهم هو أن نكون مستعدين”.
ويحق لأكثر من 420 مليون شخص الإدلاء بأصواتهم في انتخابات الاتحاد الأوروبي التي تُجرى في الفترة من الخميس إلى الأحد المقبلين، وهو واحد من أكبر التدريبات الديمقراطية في العالم.
وفي أعقاب اتهامات بشأن تدخل روسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016 والتدخل الإلكتروني في استفتاء خروج بريطانيا من التكتل ذلك العام، يخشى مسؤولو الاتحاد الأوروبي من محاولات للتلاعب في الانتخابات الأوروبية، لصالح الأحزاب المتشككة في الاتحاد الأوروبي.
واتخذت المفوضية الأوروبية العديد من الخطوات في الأشهر الأخيرة لمواجهة المعلومات المضللة، حيث أطلقت نظاما للإنذار السريع يساعد على تسجيل أي محاولات ممكنة للتلاعب في الانتخابات. وضاعفت المفوضية الميزانية التي خصصتها عام 2015 لفريق العمل المخصص لمواجهة التأثير الروسي على الانتخابات، وطلبت مساعدة من شركات التواصل الاجتماعي العملاقة مثل فيسبوك وغوغل وتويتر بين أشياء أخرى.
وكان هناك أيضا رد فعل من جانب مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعد تزايد الضغط عليها، حيث أصبح موقع تويتر يوفر بالتزامن مع الانتخابات الأوروبية وظيفة جديدة يستطيع مستخدمو الموقع من خلالها الإبلاغ عن أي معلومات مضللة ذات صلة بالانتخابات، وذلك بعدما وصلت مثل هذه المحاولات إلى الإنترنت بشكل متكرر في الماضي. وتابعت أنها ليست مطمئنة إزاء غياب أي دليل واضح على تلاعب روسي في انتخابات الاتحاد الأوروبي. وأشارت “حقيقة أنه ليست لدينا أي قضية كبيرة معزولة يمكن تقديمها، لا يعني أن القضايا الصغيرة ليس لها أي تأثير”.
من جهتها، أعلنت منظمة أفاز غير الحكومية المدافعة عن قضايا البيئة وحقوق الإنسان عبر الإنترنت الأربعاء أنها أبلغت مع اقتراب موعد الانتخابات الأوروبية، فيسبوك عن أكثر من 500 صفحة ومجموعة يشتبه في نشرها معلومات كاذبة داخل الاتحاد الأوروبي. وأتاحت بلاغات المنظمة إزالة محتوى حظي في المجمل بأكثر من 500 مليون مشاهدة في الأشهر الثلاثة الماضية، وفقًا للمنظمة ومقرها في الولايات المتحدة.
ونشرت المنظمة التي رحبت في الأسابيع الأخيرة بإغلاق فيسبوك للعشرات من الحسابات في العديد من الدول الأوروبية بما في ذلك إيطاليا وبولندا بناء على بلاغاتها، تقريراً عاماً يتضمن تفاصيل حول حجم بعض شبكات اليمين المتطرف أو المعادية للاتحاد الأوروبي التي تمارس التضليل أو تنشر محتوى يبث الكراهية على شبكة التواصل الاجتماعي.
وقالت أفاز أنها أبلغت فيسبوك عن أكثر من 500 صفحة ومجموعة مشبوهة يتبعها في المجموع ما يقرب من 32 مليون مستخدم ولّدت أكثر من 67 مليون تفاعل من تعليقات وإعجابات ومشاركات في الأشهر الثلاثة الماضية. وقالت أفاز إن محتوى هذه الصفحات والمجموعات حظي بنحو 533 مليون مشاهدة، موضحة أنها تهدف إلى إثارة الحقد تجاه المهاجرين والتهجم على المؤسسات الأوروبية.
وسحبت فيسبوك بالفعل 77 صفحة وحسابا منها (في أبريل ومايو) والتي بلغ عدد المشتركين فيها نحو ستة ملايين أي ثلاثة أضعاف المشتركين في مواقع الأحزاب الأوروبية المتطرفة الستة الرئيسية اليمينية المتطرفة أو المناهضة للاتحاد الأوروبي، وهي الرابطة الإيطالية، وحزب الحرية الألماني، وفوكس الإسباني، وحزب بريكست البريطاني، والتجمع الوطني الفرنسي، وحزب القانون والعدالة البولندي.
ورحبت أفاز بإغلاق هذه الحسابات ولكنها دعت شركة فيسبوك إلى زيادة جهودها. وقالت “لقد سمحت فيسبوك بالكثير من الأنشطة المشبوهة وبنشر محتوى ضار وعليها تنظيف الشبكة والتحقق على نطاق الاتحاد الأوروبي على الفور للكشف عن الأنشطة المشبوهة الأخرى على منصتها”، مثل الحسابات المكررة التي تساعد على تضخيم الرسالة، أو الصفحات التي تغير اسمها بشكر متكرر لطمس الأثر.
وأطلقت المنظمة غير الحكومية حملة “تصحيح السجل” التي تهدف إلى إجبار شركة فيسبوك على أن ترسل إلى كل من شاهد محتوى تبين أنه كاذب، المحتوى الذي ينفيه ويصححه. واعتبر مراقبون أن هذه الحملة تساهم في التخفيف من أضرار ما تسببت به الأخبار المضللة ومحتوى الكراهية.