الجزائر.. إقالات تلقي بظلال من الشك على الحرب ضد الفساد

من المثير للشكوك أن تتزامن إقالة الرئيس الجزائري الانتقالي عبدالقادر بن صالح مدير جهاز مكافحة الفساد ومدعيين اثنين في العاصمة الجزائرية على علاقة بسير تحقيقات تستهدف شخصيات سياسية ورجال أعمال على علاقة وطيدة بنظام الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة.

ويأتي ذلك فيما تتواصل المظاهرات في الشوارع الجزائرية المطالبة برحيل جميع رموز النظام السباق دون استثناء، مقابل مساع من السلطات الانتقالية والمؤسسة العسكرية لاحتواء هذه التحركات بإطلاق حملة اعتقالات واسعة لمسؤولين ورجال أعمال بتهم فساد.

وأفاد بيان للرئاسة الجزائرية بأن عبد القادر بن صالح الذي تولّى منصب الرئاسة في المرحلة الانتقالية بعد استقالة الرئيس بوتلفيقة في الثاني من أبريل “ينهي مهام بن كثير بن عيسى بصفته نائباً عاماً لدى مجلس قضاء الجزائر العاصمة ويعيّن زغماطي بلقاسم” خلفاً له.

كما أنهى بن صالح أيضاً بحسب البيان “مهام الباي خالد بصفته وكيلا للجمهورية لدى محكمة سيدي أمحمد” وعيّن مكانه بن دعاس فيصل، كما أقال مختار رحماني مدير عام الديوان المركزي لقمع الفساد المكلّف بالتحقيقات في قضايا الفساد، “وعيّن مختار لخضاري خلفا له”.

ولم يتمّ تحديد أسباب هذه الإقالات التي تستهدف مسؤولين تم تعيينهم في عهد بوتفليقة.

وقال مراقبون إن الغموض الذي اكتنف هذه الإقالات في سلك القضاء وبالتحديد فيما يخص قضايا الفساد يثير تساؤلات كثيرة عن سبب هذه الخطوة في هذا التوقيت بالذات، وأضافت المصادر ذاتها أن الخطوة محاولة للالتفاف على الحرب ضد الفساد التي فشلت في تهدئة الشارع.

وأطلق القضاء الجزائري مؤخراً تحقيقات عدة في قضايا فساد تستهدف شخصيات مرتبطة بالرئيس بوتفليقة الذي بقي على رأس البلاد عشرين عاماً. ووُضع في الحبس الاحتياطي، عدد كبير من رجال الأعمال الأثرياء وأكثريتهم يُشتبه بأنهم أبرموا عقوداً مع الحكومة بفضل علاقاتهم بمحيط بوتفليقة.

في المقابل، ينظر الشارع الجزائري بعين الريبة لسلسلة الاعتقالات التي يقوم بها الجيش ضد مناوئيه، معتبرين أنها تأتي في إطار تصفية الخصوم التي ستشرع الأبواب لتفرده بالمشهد السياسي.

وأثار إيداع الأمينة العامة لحزب العمال اليساري لويزة حنون، السجن المؤقت من طرف القاضي العسكري في محكمة البليدة، ردود فعل ومخاوف لدى الطبقة السياسية، من وقوع البلاد في قبضة العسكر.

Thumbnail

ولم تشفع خطابات نائب وزير الدفاع الجنرال قايد صالح، حول حل الأزمة في إطار المبادئ الدستورية، والانفراد بالرد الأسبوعي على مطالب المسيرات المليونية، البراءة من الضلوع في الشأن السياسي، والتخطيط لإنتاج نظام سياسي جديد لا يختلف كثيرا عن نظام بوتفليقة، تكون فيه النواة المركزية هي المؤسسة العسكرية والقيادة الحالية تحديدا.

وينصّ مشروع قانون بشأن مكافحة الفساد قُدم في يناير، على حلّ الديوان المركزي لقمع الفساد لصالح تشكيل هيئة جنائي مالي تكون تحت سلطة القضاء. ولم يتمّ تبني المشروع بسبب حركة الاحتجاج غير المسبوقة التي بدأت في 22 فبراير وأرغمت بوتفليقة على الاستقالة.

ومثل عبد المالك سلال الذي كان رئيساً للوزراء بين عامي 2014 و2017، وأحمد أويحيى الذي تولّى المنصب نفسه ثلاث مرات، كانت المرة الأخيرة حتى مارس 2019، ومسؤولون عدة أمس الخميس أمام محكمة سيدي أمحمد، ولم يحدّد ما إذا تمّ استدعاؤهم كشهود أو كمشتبه بهم.

وتم الاستماع أيضاً إلى كريم جودي الذي كان وزيراً للمال بين عامي 2007 و2014 وعمارة بن يونس الذي تولى حقائب وزارية عدة خصوصاً وزارة الصناعة والتجارة بين عامي 2012 و2015، ووالي العاصمة السابق عبد القادر زوخ. وحضر أيضاً إلى المحكمة عدد من المسؤولين ورجال الأعمال.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: