انتخابات البرلمان الأوروبي.. تاريخ من الإقبال المتواضع
يحق للملايين من الأوروبيين الإدلاء بأصواتهم في انتخابات البرلمان الأوروبي المقرّرة في أنحاء القارة في الفترة من 23 وحتى 26 مايو الجاري. ولم يمارس حوالي نصف هؤلاء حق الاقتراع في الانتخابات التي جرت في سنوات سابقة.
وقبل خمس سنوات، بلغت نسبة الإقبال في الدول الأعضاء التي وصلت إلى 28 دولة، 43 في المئة. ولم يكن الحال أفضل كثيرا في الانتخابات السابقة التي جرت في عام 2009.
وأحد التفسيرات وراء هذا الاتجاه المنخفض في نسب الإقبال هو أن الناخبين لديهم قليل من المعرفة عن البرلمان الأوروبي، المجلس التشريعي متعدد البلدان، وهو ما يعني اهتماما أقل به مقارنة بالانتخابات التي تجرى في كل بلد أو بالقضايا الوطنية. على سبيل المثال لا تكون أسماء المرشحين لخوض الانتخابات الأوروبية مألوفة دائما بالنسبة للناخبين.
وكشفت دراسة في ألمانيا مؤخرا أنه قبل شهر من الانتخابات الأوروبية، تمكّن واحد من بين كل مواطنين اثنين من تذكر اسم مرشح لحزب رئيسي.
ومن الأسباب الأخرى التي يعزى إليها أسباب عزوف الناخبين عن المشاركة في انتخابات البرلمان الأوروبي، بدء حملات الدعاية الانتخابية في وقت متأخر قبل الانتخابات، وأيضا اتساع رقعة الاتحاد الأوروبي.
وتقول ليندا بيرغ، مديرة المركز الأوروبي للأبحاث في جامعة “غوتنبرغ” السويدية “باختصار، يرجع الإقبال المنخفض إلى ضم المزيد من الدول التي تعاني بصفة عامة من المشكلة في الانتخابات الوطنية والأوروبية”.
وتنوعت نسب الإقبال في الدول الـ28 في الانتخابات الأوروبية التي جرت في عام 2014. وصلت نسبة الإقبال إلى 90 في المئة في بلجيكا، و85 في المئة في لوكسمبورغ المجاورة. ولا تعكس النسبتان رغبة أو حماسة للمشاركة في الانتخابات الأوروبية، ولكن الإدلاء بالأصوات إجباري في الدولتين.
وعلى النقيض من ذلك، كانت نسبة الإقبال 29 في المئة في المجر، و24 في المئة في بولندا، و18 في جمهورية التشيك، و13 في المئة في سلوفاكيا.
وشهدت السويد زيادة في نسبة الإقبال على التصويت في آخر ثلاثة انتخابات للبرلمان الأوروبي، عكس الاتجاه مع الدول الأخرى. وقبل شهر من انطلاق الانتخابات، قال معظم الناخبين في شارع “دروتنينغاتن” (شارع الملكات) للمشاة بالعاصمة السويدية ستوكهولم إنهم لا يفكرون لمن سيعطون أصواتهم، بل في التصويت من عدمه.
وقال طالب يدعى ميكال هيدنبرغ يبلغ من العمر 21 عاما ويدرس العلوم السياسية “فكرتُ في الإدلاء بصوتي ولكني لم أستقر بعد… ليست انتخابات الاتحاد الأوروبي بأهمية الانتخابات الوطنية”.
واتفق مع هيدنبرغ في الرأي صديقه إيريك لارنمارك، الذي يعمل في برمجة الكمبيوتر، ولكنه شدّد على أن “هناك معلومات كثيرة متاحة” عن انتخابات الاتحاد الأوروبي. فيما أكد آخرون أهمية ممارسة حقوقهم الديمقراطية.
وقالت سيفدا ساماناكين وهي من أصل تركي وتعمل بأحد مستشفيات العاصمة ستوكهولم إنها شبه متأكدة من أنها ستشارك في التصويت، وكمواطنة سويدية، فإنها تريد أن تدعم حرية التنقل داخل منطقة شنغن التي تضم 22 من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وأربع دول أخرى هي النرويج وسويسرا وآيسلندا وليختنشتاين.
وتعتقد بيرغ أن الإقبال المنخفض يمثّل إلى حد ما نوعا من التناقض في ظل تزايد صلاحيات البرلمان الأوروبي عبر سنوات.
وفي مسعى إلى زيادة الإقبال على التصويت، نظم البرلمان الأوروبي حملة لتشجيع الناخبين على ممارسة حقهم في الاقتراع. وبالإضافة إلى المعلومات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر، يتم تنظيم لقاءات في مواقع شتى بأنحاء القارة.
وفي استطلاع أجراه مؤخرا المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية وشركة “يوجوف” الرائدة في مجالات أبحاث السوق، قال 43 في المئة من الذين تم استطلاع آراؤهم على نحو قاطع إنهم سيشاركون في الانتخابات. وأشارت ناتالي براك، الأستاذ الزائر في “كلية أوروبا” “إنها قضية كبيرة لأنها تتعلق بشرعية البرلمان الأوروبي”.
وأضافت أن معدل إقبال أقل من 40 في المئة من شأنه أن يبعث بـ“إشارة مهمة” مفادها أن الجهود التي تهدف إلى زيادة الاهتمام بالانتخابات قد مُنيت بالفشل.
ووفقا لبراك وباحثين آخرين، ربما يسهم صعود الأحزاب الشعبوية في تعزيز الاهتمام بالانتخابات الأوروبية. وتابعت براك ” إنها (الأحزاب الشعبوية) تحشد الناس وتجبر الأحزاب الأخرى على الحديث عن أوروبا في إطار الانتخابات، بدلا من القضايا الوطنية.”
وفي فنلندا، ذكرت النائبة الأوروبية جوسي هالا-اهو، زعيمة “حزب الفنلنديين” المتشكك في جدوى أوروبا والذي حل في المركز الثاني في الانتخابات التي جرت بالبلاد الشهر الماضي، مؤخرا “عدم التصويت في انتخابات الاتحاد الأوروبي هو بنفس القدر من سخافة التصويت لصالح أحزاب تدفع باتجاه اتحاد (أوروبي) أكثر تماسكا”.