حمدي ولد الرشيد الرجل القوي الواقف ضد “أبناء العم” في البوليساريو

يعتبر مولاي حمدي ولد الرشيد عيناً من أعيان الصحراء المغربية، وهو القيادي بحزب الاستقلال أقدم حزب في المغرب له حضور وازن في الأقاليم الجنوبية وعلى مستوى العيون كبرى حواضر الأقاليم الجنوبية. يصفه البعض بالرجل القوي لاعتبارات سياسية ومالية وقبلية، فيما يرى فيه البعض الآخر رقما ضمن مجموعة أرقام رابحة في هذه اللحظة الزمنية كما كان أخوه خليهن ولد الرشيد وآخرون غيره من قبل.

ولد الرشيد ينتمي إلى الركيبات النهالات، كبرى قبائل الصحراء، ويتحدر من عائلة سياسية مؤثرة داخل المشهد الوطني والمحلي. ارتبط اسمه بملف الصحراء ومقارعته للبوليساريو، وهو الذي تحول من سائق لإحدى الشركات في عهد الاحتلال الإسباني للأقاليم الجنوبية إلى رجل أعمال استطاع أن يفرض نفسه داخل المربعات السياسية والاقتصادية المؤثرة.

لعب حذر بالأوراق

الصحراوي ولد الرشيد لاعب كبير داخل حزب الاستقلال الذي وصل من خلاله إلى البرلمان ويرأس بلدية العيون وهو عم سيدي حمدي ولد الرشيد عضو الوفد المفاوض في المائدة المستديرة التي دعت إليها الأمم المتحدة بين البوليساريو والجزائر وموريتانيا والمغرب بجنيف، بعد أن بات يعد من بين أبرز شيوخ القبائل الذين ساهموا في عملية تحديد هوية الهيئة الناخبة التي أشرفت عليها الأمم المتحدة، والمدافعين عن وحدة التراب المغربي.

بدراعيته الصحراوية وقسمات وجهه الصارمة يلعب أوراقه بحذر سواء داخل حزبه أو بين شيوخ الصحراء الأقوياء، وقد استطاع في مستهل أبريل الماضي أن يحشد حضورا جماهيريا كبيرا بالعيون قدّر بـ57 ألف شخص، ليؤكد من خلاله لخصوم الوحدة الترابية للمملكة أنه جدير بتمثيل أهل الصحراء سياسيا واجتماعيا وتنمويا واقتصاديا.

بالطبع لم يستسغ قادة البوليساريو هذا المسلك لما يمثله من تهديد لأطروحتهم الانفصالية التي يؤسسونها على مشروعية مجتمعية ومظلومية سياسية وجغرافية متوهمة. وباعتبار قادة وقواعد البوليساريو ينحدرون من الأقاليم الصحراوية فلا بأس أن يصفهم ولد الرشيد بالعائلة وأبناء العم الذين لا يتفقون سياسيا وأيديولوجيا، فهم يريدون اقتطاع الأرض فيما نحن نتمسك بالحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.

عندما استقبل ولد الرشيد المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، هورست كوهلر، في يونيو 2018، دعاه باعتباره رئيس جماعة العيون، أي أنه يمثل بشكل شرعي سكان الأقاليم الجنوبية، إلى بحث السبل الممكنة والحلول الأنجع لحل النزاع المفتعل حول الصحراء، هذا الجزء من المغرب الذي يعرف حركية متسارعة لتنزيل النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية. ولتوضيح الصورة بشكل لا لبس فيه، اعتبر ولد الرشيد أن سكان مخيمات تندوف على التراب الجزائري ممن التقاهم قبل أيام، هم إخوة وأبناء عمومة وقد فرقتهم التدخلات الإقليمية من دول الجوار، الهادفة إلى تأبيد النزاع وإطالة أمده على حساب الصحراويين. وهذا يدل على أن الرجل متمسك بالحل السياسي ولا يحبذ الدخول في حرب لا فائدة منها مع أبناء العمومة رغم اختلاف التقدير كون هؤلاء مغررا بهم.

الاعتبارات السياسية والمالية والقبلية تجعل من حمدي ولد الرشيد رجلاً قوياً في نظر كثيرين. وقد يكون هذا السياسي الطموح مجرد رقم ضمن مجموعة أرقام رابحة في هذه اللحظة السياسية، كما كان أخوه خليهن ولد الرشيد من قبل
الاعتبارات السياسية والمالية والقبلية تجعل من حمدي ولد الرشيد رجلاً قوياً في نظر كثيرين

وكعارف ببواطن الأمور، يرى ولد الرشيد أن جبهة البوليساريو، وكما أوضح لممثل الأمين العام، لم تكن لها في أي مرحلة من مراحل النزاع أي شرعية لتمثيل السكان، فقبل حزب الاستقلال وقبل البوليساريو كان هناك فقط حزب الوحدة الوطنية الصحراوية “البونس”، برئاسة أخيه الطموح جدا خليهن ولد الرشيد الرئيس الحالي للمجلس الملكي للشؤون الصحراوية، والجمعية الصحراوية كممثل للصحراويين والمتحدث باسمهم إبان الاحتلال الإسباني. والمعنى أن عائلة ولد الرشيد كانت تمثل السكان الصحراويين سياسيا واجتماعيا تحت لواء البيعة التي قدموها للعاهل المغربي، وكنتيجة لذلك يؤكد ولد الرشيد أن الممثل الشرعي والتاريخي لسكان الولايات الجنوبية هو المنتخبون الذين وشحتهم بثقتها في انتخابات شفافة وديمقراطية نوهت دول العالم برمتها بشرعيتها، وهم مجمعون على أن لا حل للنزاع إلا من خلال المبادرة الملكية المتقدمة والرائدة الهادفة إلى تمتيع السكان بحكم ذاتي موسع يدبرون من خلاله شأنهم العام ويسهمون في تنمية المنطقة والنهوض بها على مختلف المستويات تحت السيادة المغربية.

ولم يكن هذا الموقف الأول أمام أحد ممثلي الأمين العام للأمم المتحدة فقد رفض ولد الرشيد إنزال علم المغرب بمحيط مقر بعثة المينورسو في عهد كريستوفر روس، مستندا على أن ذلك مجال تدخل المجلس البلدي والعَلَم من المقدسات ولن يُنزع علم واحد من الأعلام، وأصر أمام روس على أنه ممثل الصحراويين بفضل شرعية الانتماء القبلي والمشروعية الانتخابية كنائب برلماني ورئيس بلدية العيون.

وبقدر ما أثنى عليه البعض وثمّنوا مواقفه وتجربة تدبيره للشأن المحلي منتخبا، فقد انتقده البعض الآخر معتبرا إياه ذا شخصية مهيمنة ويريد احتكار كل شيء، لكن هذا لم يلو عزيمة ولد الرشيد ولا قناعته كصحراوي في أنه حتى لو استمر الوضع على ما هو عليه اليوم بالصحراء لـ200 سنة، فإننا لن نصل إلى أي حل آخر من غير الحكم الذاتي.

ولد الرشيد هو المنسق الجهوي لحزب الاستقلال بالجهات الثلاث للصحراء، جهة العيون بوجدور الساقية الحمراء، وجهة كلميم السمارة، وجهة وادي الذهب الكويرة. وتلك مسؤولية كبرى وتحديات أكبر خصوصا وأنه رئيس المجلس البلدي لمدينة العيون، وينسق مع رئيس جهة العيون الساقية الحمراء، التي تزخر بمؤهلات سياحية واقتصادية ومالية يسيل لها لعاب الكل في الداخل والخارج.

يجده البعض ابن الميدان حاضرا في كافة الأوراش التنموية وعلى مستوى البنية التحتية التي تعرفها المدينة، فيما يقول آخرون إن الرجل مهيمن ويحتكر المجال دون إتاحة الفرصة لمن يريد أن يلعب دوره في الإقليم.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: