تفشي عدوى بريكست في أوروبا يخدم روسيا والصين
بات خطر تفكك الاتحاد الأوروبي حقيقة مع تأجيل التنفيذ بعد وصول الشعبويين إلى سدة الحكم في إيطاليا أحد أبرز أركان الاتحاد. وتراقب كل من روسيا والصين التحولات الجيوسياسية في القارة العجوز للدفع باتجاه تغذية نعرات الانفصال، حيث يمثل حزام طريق الحرير الجديد للعملاق الصيني والذي انضمت إليه روما منفردة إحدى الأدوات الناعمة لشق وحدة الصف الأوروبي وتفكيكه.
حذّر وزير المالية الهولندي فوبكه هوكسترا الثلاثاء من خطر انهيار الاتحاد الأوروبي مؤكدا أن دولا عدة تسعى للابتعاد عن التكتل الذي دعاه إلى إعادة التفكير في أولوياته، فيما تفشت عدوى بريكست في كل من إيطاليا وهولندا ما يقوض وحدة الصف الأوروبي، الذي بات مهددا أكثر من ذي قبل بوصول الحركات الشعبوية إلى السلطة.
وقال هوكسترا خلال خطاب ألقاه بجامعة في برلين “الاتحاد الأوروبي لديه مشكلة؛ خطر الانهيار يتنامى، الحقيقة المرة هي أن لدينا اتحادا فيه جزء من السكان، بشكل أساسي في شمال غرب أوروبا، يريدون الخروج منه”.
ورأى أن “إذا كان اتحادنا غير قادر على إلهام أفضل الدول وأكثرها ازدهارا للانضمام إلى صفوفه أو اعتماد اليورو، وإذا كان اتحادنا يوشك على أن يفقد بشكل نهائي قوة مثل المملكة المتحدة، فاتحادنا إذن لديه مشكلة جوهرية”.
واعتبر أن بريكست “ليس انتصارا للندن، ولا لبرلين ولا لباريس، ولا حتى للاهاي. إنه انتصار لموسكو وبكين”.
وعدد الوزير الهولندي من بين الدول الديمقراطية والمزدهرة المعنية، النرويج وسويسرا وهما غير مهتمتين بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أو حتى الدنمارك والسويد اللتين ترفضان اليورو.
وبهدف جعل أوروبا جذابة أكثر، اقترح “تغيير المسار” لبناء أوروبا “جديدة وأفضل”.
ومن بين السبل المقترحة، أعرب هوكسترا عن دعمه مشروع الدفاع الأوروبي الذي يسمح بـ”تقليص نفقات” كل دولة، وأيضا ضرورة تقديم “جبهة موحدة” على الساحة الجيوسياسية.
وتابع “أوروبا يجب أن تتخلى عن سذاجتها الحالية. سواء عبر فرض عقوبات أو حماية أسواقنا أو إدارة النزاعات في عالم اليوم، أوروبا يجب أن تتمكن من إسماع صوتها”.
وفي ما يخصّ هذه النقاط، قال الوزير المحافظ إنه “موافق على الكثير من الأفكار الفرنسية بشأن الاتحاد الأوروبي” وطلب من ألمانيا اتباع هذا المسار نفسه “لصالح أوروبا”، حيث تتحفظ برلين على بعض المقترحات الفرنسية لوقاية الاتحاد. وختم بالقول “سيكون محل تقدير لدي أن أرى ألمانيا أقل تحفظا. كجارة وحليفة وصديقة مقرّبة، هولندا ستكون إلى جانبكم”.
وعلى الرغم من الفوضى التي دخلت فيها بريطانيا بسبب بريكست، تجد دعوات السير على نهجها حاضنة وإن كانت بسيطة في العديد من الدول الأوروبية على غرار إيطاليا، إذ يهدد وصول الشعبويين إلى السلطة وحدة أوروبا وصلابة مؤسساتها، فيما يشير مراقبون أن العديد من الدول الأوروبية ليست بمعزل عن عدوى بريكست إلا أن ذلك يحتاج إلى الوقت لا أكثر حتى تختمر الفكرة جيدا وتجد أرضية مناسبة للانطلاق في بلورتها.
وفي وقت سابق، حذر رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي الهولنديين من محاولة تقليد “الفوضى والانقسام” اللذين تعاني منهما بريطانيا بسبب قرارها الخروج من الاتحاد الأوروبي، ما يعكس توجسا هولنديا من انتقال عدوى بريكست إلى بلاده.
وطرحت الحكومة الشعبوية في إيطاليا خلال مشاورات تشكيلها الانفصال عن الاتحاد الأوروبي أسوة ببريطانيا، منتقدة المؤسسات الأوروبية وسياساتها الاقتصادية التي تساهم في تفاقم الأوضاع الاقتصادية في روما.
وأثارت مسودة عقد حكومي في إيطاليا بين الرابطة اليمينية المتطرفة وحركة خمس نجوم الشعبوية، قلقا بعد أن ورد فيها الخروج من منطقة اليورو وإعادة التفاوض حول المعاهدات الأوروبية وإلغاء 250 مليار يورو من الديون.
ومن بين الإجراءات العديدة التي ورد ذكرها في الوثيقة التي أتت في 39 صفحة، إدخال تدابير “تقنية ذات طابع اقتصادي وقانوني تسمح للدول الأعضاء بالخروج من الوحدة النقدية وبالتالي استعادة السيادة النقدية”.
وإزاء ردود الفعل الغاضبة، تراجع الشعبويون عن مقترحهم، فيما يشير خبراء أن المقترح قابل للعودة على الطاولة في أيّ لحظة مع تمكنهم رويدا رويدا من كسب الأنصار