اعتقال “توفيق” وسعيد بوتفليقة لاسترضاء الشارع الجزائري
تحرك الجيش الجزائري وقطع مع محرمات سابقة ليسترضي الشارع وأقدم على اعتقال واحد من أهم الشخصيات العسكرية والاستخبارية، وهو الجنرال محمد مدين المعروف بـ”توفيق”.
وجاء اعتقال الجنرال محمد مدين “توفيق” الذي اعتبر مركزا للسلطة الحقيقية على مدى سنوات من حكم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، فيما كان سعيد بوتفليقة واجهة مكروهة للفساد السياسي والحكومي والاقتصادي في الجزائر.
ونقلت مصادر محسوبة على المؤسسة العسكرية، أنباء عن توقيف سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس المتخلي عبدالعزيز بوتفليقة، ومدير جهاز الاستخبارات المنحل محمد مدين “توفيق”، وكذلك منسق مصالح الاستعلامات السابق الجنرال بشير طرطاق، للتحقيق معهم في ملفات لم يتم الكشف عنها بعد، في خطوة اعتبرها مراقبون ضربة قاصمة لنظام بوتفليقة، كونهم يمثلون الرموز القوية التي تتهم بقيادة الثورة المضادة.
لكن أوساطا محلية لم تستبعد أن تكون للاعتقال علاقة بما سبق أن أسماه قائد أركان الجيش قايد صالح، بـ”اجتماع مشبوه للعصابة الحاكمة” وهو الاجتماع الذي جمع سعيد بوتفليقة، وبشير طرطاق، والجنرال “توفيق”، فضلا عن قادة ما كان يعرف بأحزاب التحالف الرئاسي، وهم منسق جبهة التحرير الوطني سابقا معاذ بوشارب، ورؤساء كل من الحركة الشعبية عمارة بن يونس، وتجمع أمل الجزائر عمار غول، فضلا عن عناصر استخباراتية فرنسية.
وكان الجنرال بشير طرطاق، قد أقيل خلال الأسابيع الماضية من منصبه، واستعادت قيادة الأركان جهاز الاستعلامات تحت وصايتها، بعد سنوات من تبعيته لمؤسسة الرئاسة، كما استخلف بالجنرال محمد قايدي، المحسوب على قايد صالح.
وباتت المجموعة المذكورة، توصف بـ”القوة غير الدستورية”، في المفردات السياسية الجزائرية، وذلك بشهادة العديد من الرموز المحسوبة على نظام بوتفليقة، كما هو الشأن بالنسبة للرجل الثاني في حزب التجمع الوطني الديمقراطي صديق شهاب، الذي كان من المبادرين الأوائل بتوجيه أصابع الاتهام لسعيد بوتفليقة باختطاف السلطة، ووصف نظام بوتفليقة بـ”الورم السرطاني”.
كما صرح الأمين العام الجديد لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم محمد جميعي، خلال مغازلاته للشعب من أجل الصفح عن حزبه، بأن “جبهة التحرير الوطني كانت تحت الضغط وتشتغل بالترغيب والترهيب”، وألمح إلى نفس الجهة التي كانت تملي قراراتها على الأذرع السياسية الموالية لها.
ويعتبر الثلاثي المذكور أبرز المطلوبين للحراك الشعبي، حيث حضرت صورهم وأسماؤهم في الشعارات واللافتات التي رفعت منذ بداية الانتفاضة الشعبية في الثاني والعشرين من شهر فبراير الماضي، ويعتبرون من بين الأوراق التي هزت ثقة الشارع في قيادة المؤسسة العسكرية، لاسيما وأن التهم التي وجهها الجنرال قايد صالح إلى هؤلاء، تفضي إلى جناية الخيانة العظمى.
ولا يستبعد تزامن أنباء توقيف ثلاثي القوة غير الدستورية، ومنهم سعيد بوتفليقة، مع شيوع مغادرة عائلة الرئيس السابق للتراب الوطني، للتأكيد على استثنائه من صفقة عدم ملاحقة أفراد العائلة في ملفات الفساد والتسيير العبثي لمقدرات الدولة في المرحلة الماضية، خاصة وأن كل الأصابع توجه إليه باعتباره الآمر والناهي خلال السنوات الأخيرة.