بريكست يعمق لا شعبية تيريزا ماي في الانتخابات المحلية
شهدت بريطانيا الخميس انتخابات الحكومات المحلية، التي استغلها خصوم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي وهو “حزب العمال المعارض” لمعاقبة حزب المحافظين الحاكم تحت زعامة ماي، بسبب إخفاقها في تطبيق عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي المعروفة باسم بريكست، ما يضع المستقبل السياسي لرئيسة الوزراء على المحك.
ووقع التنافس على أكثر من ثمانية آلاف مقعد في المجالس الإنكليزية وهي هيئات إدارية مسؤولة عن القرارات اليومية المتعلقة بالسياسات المحلية التي تتراوح من التعليم إلى إدارة النفايات، وهي أول انتخابات منذ أن تخلفت بريطانيا عن موعد الخروج من الاتحاد الأوروبي في التاسع والعشرين من مارس. فيما تتخوف الحكومة البريطانية المحافظة بعد تأجيل بريكست من هزيمة كبيرة في الانتخابات بما في ذلك في معقل رئيسة الوزراء تيريزا ماي قرب لندن.
وبسبب عدم التوصل إلى اتفاق في البرلمان البريطاني اضطرت تيريزا ماي إلى أن تطلب مرتين تأجيل بريكست الذي بات مقررا في 31 أكتوبر على أبعد تقدير. وهذه النتيجة الكارثية لصورة ماي قد تكلفها غاليا في صناديق الاقتراع. وكتبت صحيفة “ذي إندبندنت” “يجب توقع معاقبة الناخبين لحزب تيريزا ماي المحافظ لعجزها عن تطبيق بريكست ضمن المهل المحددة”.
وقال الناخب مايك تشامبرلاين (72 عاما) لفرانس برس وهو مهندس متقاعد في دائرة ماي “صوتت دائما للمحافظين لكن هذا الأمر انتهى”. وأضاف “لقد تعرضنا جميعا للخيانة في بريكست. صوتنا للخروج من الاتحاد الأوروبي ويفعلون كل شيء باستثناء ذلك”.
وقالت مجلة “ذي سباكتايتور” المحافظة إن المحافظين أطلقوا حملتهم في الأيام الأخيرة بحماسة ضئيلة، معتبرة أن حزب ماي يعطي هنا “دروسا في فن خسارة انتخابات محلية”.
ويأتي الاقتراع غداة إقالة وزير الدفاع غافن ويليامسون بسبب تورطه في تسريبات تتعلق بالقرار البريطاني السماح لشركة هواوي الصينية بالمشاركة في تطوير شبكات الجيل الخامس (5 جي) للاتصالات في البلاد، ما أعطى مجددا انطباعا عن وجود حكومة مشتتة.
وسترسم النتائج صورة وإن لم تكن كاملة عن مدى تأثير ذلك على حجم التأييد لحزب المحافظين المنتمي ليمين الوسط بزعامة ماي وحزب العمال المعارض اليساري.
ومن المتوقع أن يحقق حزب العمال، الذي يعارض رؤية ماي للخروج من الاتحاد الأوروبي وإن كان يدعم عملية الخروج ذاتها، مكاسب في الانتخابات وكذلك الديمقراطيون الأحرار المعارضون للخروج من التكتل الأوروبي.
وسيزيد ذلك من الضغط على ماي للاستقالة مما يدل على أن الاستياء الشديد تجاه تعاملها مع ملف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يتجاوز أعضاء الحزب ويصل إلى المواطنين حيث أغضب الذين يرغبون في خروج بلادهم من الاتحاد والذين يرغبون في البقاء على حد السواء.
وسوء إدارة ماي لملف بريكست عرضها لانتقادات شعبية وجعل شعبيتها هي الأسوأ في تاريخ بريطانيا، وأسهم فشلها السياسي في صفقة بريكست في تقسيم البريطانيين. وخلصت دراسة نُشرت الأربعاء إلى أن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي تعد رئيسة الوزراء المحافظة الأكثر مراوغة في التاريخ الحديث لدى ردها على أسئلة سياسية، وذلك مقارنة بثلاثة من أسلافها.
وقال الباحثون في جامعة يورك إن ماي هي “الأكثر مراوغة لدى الإجابة على الأسئلة، مقارنة برؤساء الوزراء المحافظين السابقين ديفيد كاميرون وجو ميجور ومارغريت تاتشر”. وأشارت الدراسة إلى أن ماي أجابت على 27 بالمئة فقط من الأسئلة في أربع من المقابلات الصحافية قبل إجراء الانتخابات العامة عام 2017 وفي مقابلتين صحافيتين مماثلتين عام 2016.
وقد أجاب كاميرون على 34 بالمئة من الأسئلة في مقابلات صحافية خلال حملة الانتخابات العامة عام 2015، في حين أجاب كل من ميجور وتاتشر على 39 بالمئة من الأسئلة قبل الانتخابات في عامي 1992 و1987.
وأوضحت الدراسة أن ماي كانت ”أكثر مراوغة” لدى إجابتها على الأسئلة الأسبوعية للنواب في البرلمان. وذكر الباحثون أن المراوغة يمكن أن تكون مباشرة من خلال الرفض على الإجابة على السؤال ببساطة وكذلك “بطريقة مستترة” بحيث لا يمكن إدراك مراوغتها.
وقال بيتر بول أستاذ الطب النفسي المشارك في وضع الدراسة “أساليب مراوغة تيريزا ماي مستترة”. وأضاف ”هي تجيب عن نسخها المعدلة من الأسئلة، وليس النسخة التي تم طرحها في الأساس: 26 بالمئة من إجابتها المراوغة من هذا النوع″.
وأوضح أن مراوغة ماي يبدو أنها ساهمت في ”تراجع مصداقيتها السياسية وسلطتها، الأمر الذي، حسبما يزعم، لعب دورا مستمرا ومهمّا في أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الحالية”.