الجزائر: الجنرال نزار يؤكد أن سعيد بوتفليقة استشاره في إقالة قائد الجيش وإعلان الطوارئ ومواجهة المظاهرات
قال الجنرال خالد نزار وزير الدفاع الجزائري الأسبق والرجل القوي في النظام خلال النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي، إن سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس الجزائري السابق كان مستعدا للقيام بأي شيء من أجل البقاء وشقيقه في السلطة، بما في ذلك إعلان الحصار أو حالة الطوارئ، وإخراج الجيش إلى الشارع، وهذا إلى غاية الأيام الأخيرة من شهر مارس الماضي، رغم المظاهرات والاحتجاجات التي كانت تطالب برحيل الرئيس بوتفليقة ومن معه.
ونشر خالد نزار مقالا في موقع «الجيري باتريوتيك» الذي يملكه نجله، قائلا إن شقيق الرئيس الذي كان يتحدث باسمه، تمسك بالسلطة إلى غاية آخر لحظة، وإن المناورات والخطط اليائسة ظلت قائمة حتى آخر لحظة، محاولا البقاء في السلطة ومواصلة الإمساك بالقرار السياسي في البلاد.
استدعاء رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى بعد استجواب اللواء هامل ووزير المالية
وذكر وزير الدفاع الأسبق أنه تحدث مع سعيد بوتفليقة مرتين، الأولى في السابع من مارس والثانية في اليوم الثلاثين من الشهر ذاته، وأن شقيق الرئيس كان مستعدا لحرق البلد من أجل البقاء في السلطة، وأنه عاند إلى آخر لحظة، ولَم يدرك أن كل شيء انتهى عندما خرج الجزائريون إلى الشارع ليقولوا لا للولاية الخامسة لبوتفليقة، معتبرا أن سعيد بوتفليقة رجل فوضوي، لكنه لم يكترث كثيرا لخروج الشعب إلى الشارع من أجل إسقاط الولاية الخامسة.
وذكر خالد نزار أنه نصح سعيد بوتفليقة بالاستجابة إلى مطالب المحتجين، وتمكين الجزائر من المرور إلى جمهورية ثانية، وأنه قدم له مقترحين، الأول تنظيم ندوة وطنية مع تحديد موعدها سلفا، تفضي إلى رحيل الرئيس عن السلطة في أجل يتراوح بين 6 و 9 أشهر، وتعيين حكومة كفاءات لتصريف الشؤون، والاقتراح الثاني هو أن ينسحب الرئيس من الحكم إما بالاستقالة أو بإعلان العجز من طرف المجلس الدستوري، وتشكيل حكومة وفاق وطني تضم كفاءات، وإنشاء لجان مستقلة لتنظيم ومراقبة الانتخابات، مع استقالة رئيس مجلس الشورى، لتفادي تولي عبد القادر بن صالح رئاسة الدولة مؤقتا، وتوفير الأجواء للذهاب إلى جمهورية ثانية.
وأشار خالد نزار إلى أن سعيد بوتفليقة سارع إلى رفض الاقتراح الثاني، الذي وصفه بأنه خطير على الرئيس ومحيطه، وفضل الاقتراح الأول مع إدخال بعض التعديلات، وأن نزار لما سأله عن ردة الفعل في حال ما إذا رفض الجزائريون هذا الاقتراح، فرد عليه سعيد بوتفليقة بأن الحل سيكون إعلان حالة الطوارئ أو الحصار، وإخراج الجيش من الثكنات، مشددا على أنه صدم من درجة اللاوعي التي يتصرف بها شقيق الرئيس والمتحدث باسمه، وأنه دعاه إلى الحذر، لأن المظاهرات سلمية ولا يمكن التصرف بتلك الطريقة، وأنه (نزار) أدرك في تلك اللحظة أن صاحب القرار هو سعيد بوتفليقة، وأن الرئيس تم تغييبه تماما.
وسرد وزير الدفاع الأسبق تفاصيل المحادثة الثانية بينه وبين سعيد بوتفليقة، فكانت يوم 30 مارس الماضي، وأن ذلك كان في حدود الساعة الخامسة مساء، مشددا على أنه وجد سعيد بوتفليقة «مذعورا»، بسبب اجتماع قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح مع قيادات المؤسسة العسكرية، وأن شقيق الرئيس السابق كان يسأل عما إذا كان الوقت مناسبا لإعلان إقالة الفريق قايد صالح، موضحا أنه سعى لثنيه عن خطوة مثل هذه نظرا لخطورتها، مع التأكيد على أنه بالإقدام عليها سيكون مسؤولا عن تفكيك الجيش.
هذا ومثل المدير العام السابق للأمن الوطني الجزائري اللواء عبد الغاني هامل أمام محكمة تيبازة (70 كيلومترا غرب العاصمة) أمام قاضي التحقيق لمدة قاربت الساعتين، في إطار تحقيق قضائي حول شبهات فساد، فيما مثل محمد لوكال وزير المالية أمام قاضي التحقيق في محكمة سيدي أمحمد في العاصمة، بعد توجيه الاستدعاء إليه في إطار تحقيقات في قضية فساد.
ووصل اللواء عبد الغني هامل إلى محكمة تيبازة في حدود العاشرة من صباح الإثنين، بناء على استدعاء من قاضي التحقيق، للاستماع إلى أقواله في إطار التحقيق القضائي المفتوح على مستوى المحكمة الابتدائية لتيبازة، ليغادر بعدها المحكمة دون أن يوجه إليه أي اتهام، على أن تتواصل جلسات الاستماع إليه من طرف قاضي التحقيق خلال الأيام القليلة المقبلة.
وشهد محيط المحكمة حضور المئات من المواطنين، الأمر الذي استدعى حضورا أمنيا كبيرا، ليصل بعدها اللواء هامل في سيارة سوداء، وكان بمفرده، خلافا لما تم تداوله عن توجيه الاستدعاء لنجله أيضا، وذلك في إطار التحقيقات في قضايا فساد تتعلق بنشاطات غير مشروطة، مثل «استغلال النفوذ» و«سوء استخدام الوظيفة» و«نهب العقارات».
وردد المواطنون الذين وقفوا أمام المحكمة عدة شعارات بمجرد وصول سيارة اللواء هامل مثل «كليتو البلاد يا السراقين» (نهبتم البلاد أيها اللصوص) وطالبوا بمحاكمة كل المسؤولين الفاسدين الذين استنزفوا خيرات البلد طوال سنوات، وجرهم إلى القضاء من أجل الرد على الاتهامات بخصوص تورطهم في قضايا فساد.
في المقابل حضر أيضا محمد لوكال وزير المالية إلى محكمة سيدي أمحمد في العاصمة، بعد الاستدعاء الذي وجه إليه في إطار التحقيقات في قضايا فساد، علما أن الاستدعاء كان قد وجه إليه الأسبوع الماضي، لكنه لم يحضر الأمر الذي أثار الكثير من الجدل، قبل أن يخضع الوزير لطلب القضاء، لكنه غادر المحكمة دون أن يوجه له القاضي أي تهمة، في حين من المتوقع أن يحضر أحمد أويحيى رئيس الوزراء الأسبق اليوم الثلاثاء ليمثل أمام المحكمة نفسها، بعد أن كان قد تغيب عن جلسة الأسبوع الماضي، رغم حضور المئات من المواطنين، علما أن أويحيى هو أكثر شخصية يكرهها الشارع الجزائري بسبب تصريحاته ومواقفه وقراراته غير الشعبية، واستفزازاته المتكررة لشعور المواطنين، بدليل أنه بعد إعلان ترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة إلى ولاية خامسة لم يتحرج من القول إن كل الشعب الجزائري سعيد بهذا الترشح، قبل أن يغير موقفه ويسارع إلى دعوة الرئيس الذي كان يمجده ليل نهار، إلى الاستقالة، عندما أدرك أن الأمور حسمت، وأن بوتفليقة انتهى.