ارتداء الهياكل الروبوتية يقلب مستقبل الأعمال اليدوية في العالم

يقول الخبراء إن الهياكل الروبوتية التي يمكن ارتداؤها، يمكن أن تُحدث ثورة كبيرة في مستقبل الأعمال اليدوية من خلال مضاعفة قدرات العمال وتوفير الجد والطاقة، حيث تتسابق شركات لتطوير نماذج للشركات والأعمال الفردية والمنزلية.

لا يزيد وزن وحجم الجهاز، الذي يرتديه سونكه روسينغ على ظهره عن وزن حقيبة الظهر وحجمها، ولا يبدو ملفتا للنظر إلى حد كبير.

لكن روسينغ، الذي يعمل مطوّرا في شركة أوتوبوك الألمانية للأطراف الصناعية، يؤكد أن هذه التقنية التي تعتمد على القضبان والكابلات، يمكنها إحداث ثورة في الأعمال اليدوية وأداء الإصلاحات المنزلية المختلفة.

وسواء تعلّق الأمر بطلاء جدران أو تشذيب نباتات حديقة المنزل أو إصلاح خلل في مكان مرتفع، فإن الهياكل الروبوتية التي يمكن ارتداؤها ستجعل المهمة أكثر سهولة.

سونكه روسينغ: نسعى إلى طرح هيكل روبوتي للأعمال المنزلية بحلول ديسمبر المقبل
سونكه روسينغ: نسعى إلى طرح هيكل روبوتي للأعمال المنزلية بحلول ديسمبر المقبل

وحتى الآن لا تزال الهياكل الروبوتية المساعدة مرتبطة بقطاع التكنولوجيا الدقيقة المستخدمة في إعادة تأهيل المعاقين، لكنها أصبحت تثير اهتمام أصحاب الأعمال بشكل متزايد، كما أن بعض أنواعها أصبحت قابلة للاستخدام في الحياة اليومية.

وتتيح هذه التقنية إمكانيات كثيرة، لكن الاختبارات لا تزال مستمرة لمعرفة قدرتها على تقليل احتمالات الإصابة والحد من الإجهاد أثناء أداء الأعمال اليدوية.

وقد أمضى روسينغ وشركة أوتوبوك 6 أعوام في تطوير النموذج “باكسو” قبل طرحه في الأسواق قبل عدة أشهر.

وفي العام 2012، لجأ عملاق صناعة السيارات الألمانية، شركة فولكسفاغن، إلى أوتوبوك للبحث عن وسيلة لمساعدة عمالها في أداء مهام على ارتفاع أعلى من مستوى الرأس.

وبعد إجراء اختبارات على نماذج لهياكل روبوتية ثقيلة تعمل بشكل هيدروليكي، قامت أوتوبوك بتطوير منظومة أصغر حجما وأخف وزنا.

وتتكوّن المنظومة من مفاصل دوارة يتم تثبيتها في حزام حول منطقة الفخذ، ويخرج منها قضيبان معدنيان متصلان بمفاصل علوية يمكنها القيام بدور الأكتاف ويتم تثبيتها على الجزء العلوي من الذراعين.

وبمساعدة مجموعة من الكابلات، يتم تحويل الأحمال من الذراعين بشكل مباشر إلى منطقة الأرداف دون أي عبء على الظهر أو الكتفين.

وتوجد حاليا شركات أخرى إلى جانب أوتوبوك تجري اختبارات على الهياكل الروبوتية. ففي ألمانيا مثلا، هناك شركة جيرمان بايونيك سيستمز، التي تعمل على تطوير نموذج يخفّف الضغط بشكل فعلي عن الجزء السفلي من الظهر.

ولا يكاد أحد يجزم بأن باستطاعة هذه الهياكل الخارجية أن تقدم بالفعل العلاج السحري لإصابات الكتفين والظهر والركبتين، وهو ما أثار الكثير من التساؤلات.

ويقول ساشا فيشنيفسكي من المعهد الاتحادي الألماني للسلامة المهنية والصحة “في الوقت الحالي، هناك مناقشات محتدمة حول هذه المسالة في المجتمع العلمي” لمعرفة ما إذا كانت هذه الأنظمة تدعم الجسم فعليا أم أنها تعيد توزيع الضغوط فحسب”.

ويرى بنجامين شتاينهيلبر من المستشفى الجامعي في مدينة توبينجن الألمانية أنه “عادة ما يتم إعادة توجيه الأحمال إلى أماكن أخرى في الجسم. من الصعب تقييم ما إذا كانت زيادة المجهود البدني قد تؤدي إلى حدوث إصابة في مكان آخر بالجسم”.

وأصعب ما يحول دون إجراء التقييم هو أن هذه التقنية حديثة للغاية، ومن الصعب تحديد تأثيرها على المدى البعيد.

بنجامين شتاينهيلبر: هناك مجال لتطوير الهياكل الروبوتية وأماكن ملامستها لجسم الإنسان
بنجامين شتاينهيلبر: هناك مجال لتطوير الهياكل الروبوتية وأماكن ملامستها لجسم الإنسان

ويقول فيشنيفسكي إن الشركات تعمل في الأساس من أجل توفير أماكن عمل لا تحتاج إلى هذه النوعية من الهياكل الخارجية للعاملين لديها.

وأوضح قائلا إن “الهيكل الخارجي لا يجب أن يكون أول ما نفكر فيه عند تأسيس مكان عمل ما، حيث أنه لا بد أن يستخدم فقط عندما لا تكون هناك بدائل أفضل من ناحية تقنيات الهندسة الطبية”.

ويتفق شتاينهيلبر من هذا الرأي، وينصح الشركات بعدم التخطيط للاعتماد على الهياكل الخارجية كوسيلة للمساعدة في كافة الأنشطة التي تقوم بها. ويؤكد وجود مجال واسع للتطوير في ما يتعلق بوزن الهياكل الروبوتية، وكذلك الأماكن التي تلامس فيها جسم الإنسان.

وأضاف “على المدى القصير، لا أعتقد أن الهياكل الروبوتية سوف تتحسن لدرجة تسمح بارتدائها لمدة 8 ساعات في مكان العمل”. لكن شركة أوتوبك ترى أن هذا هو الحال بالفعل.

وتقول الشركة إن في أماكن العمل التي تجري فيها معظم المهام على ارتفاع الرأس أو حتى الكتفين، سيتم ارتداء تلك الهياكل الخارجية لفترات تصل إلى 8 ساعات.

وأكدت أنها كشفت النقاب بالفعل قبل فترة وجيزة عن نموذج تم تسليمه إلى 30 زبونا، وأن زبائن آخرين استعلموا بالفعل هذا النموذج.

وبالنسبة إلى جميع زبائن أوتوبوك، فإن الشيء المهم هو التأكد من أن قوة العمل لديها التي يزداد ارتفاع متوسط أعمارها، تحتفظ بصحتها بمساعدة هذه الأنظمة التقنية الحديثة.

ويتمثّل الحلم الكبير بالنسبة إلى روسينغ في ابتكار هيكل خارجي لرجل البيت الذي يبحث عن بعض الدعم أثناء أداء الإصلاحات داخل المنزل، بحلول ديسمبر المقبل.

ولم يتضح بعد ما إذا كان هذا الحلم سيتحقق بحلول نهاية 2019، لكن تلك الهياكل الروبوتية ستبقى بعيدة عن متناول غالبية الأشخاص العاديين لأن أسعارها تصل إلى 5 آلاف يورو.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: