باريس تُطلق أول شهادة عالمية في إتقان اللغة العربية الفصحى الحديثة

تمّ في العاصمة الفرنسية باريس، الاثنين، إطلاق شهادة “سمة” الدولية الأولى من نوعها في إتقان اللغة العربية الفصحى والتمكّن من استخدامها، وذلك على غرار الشهادات العالمية المُعترف بها في اللغة الفرنسية والإنكليزية وغيرها من اللغات، على أن تكون الشهادة متاحة للأفراد والمؤسسات ابتداء من يونيو 2019 وفق المعايير الدولية المعتمدة.

جاء ذلك خلال حفل خاص لإطلاق الشهادة نظمه معهد العالم العربي في باريس بالتعاون مع المركز العالمي للدراسات البيداغوجية في فرنسا، وبحضور خبراء وموجهين تربويين في اللغة العربية وممثلي عدد من المؤسسات الأكاديمية والجامعية المعنية ومنظمة اليونسكو.

وفي كلمته الافتتاحية للحفل أعرب جاك لانغ رئيس معهد العالم العربي، وزير الثقافة الفرنسي الأسبق، عن سعادته البالغة بإطلاق الشهادة بعد جهود طويلة، مشيراً إلى أهمية اللغة العربية وغناها الحضاري التاريخي خاصة وأنها تتبوأ المركز الخامس على صعيد أكثر اللغات انتشارا في العالم.

وعرّف المعهد “سمة” بأنها أوّل شهادة معترف بها للغة العربية الحديثة في فرنسا وأوروبا والعالم العربي، وتعني CIMA بالفرنسية شهادة عالمية في إتقان اللغة العربية.

تقييم الكفاءات اللغوية الأربع الضرورية للتواصل، وهي الفهم الشفهي، الفهم الكتابي، التعبير الكتابي، التعبير الشفوي

تُقيّم “سمة” اللغة العربية الفصحى الحديثة المشتركة بين كل البلدان العربية والأكثر انتشارا في العالم، وذلك على الرغم من أنّ مركز اللغة والحضارة التابع لمعهد العالم العربي، يتيح لطلابه في دوراته الأخرى اختيار تعلم اللغة العربية الرسمية الفصحى، أو اللهجة العربية المصرية، أو اللهجة المغاربية، أو السورية واللبنانية.

الشهادة التي تمّ إنجازها بالتعاون مع خبراء المركز العالمي للدراسات البيداغوجية، وهو أحد فروع وزارة التربية والتعليم الفرنسية المختص في تقييم اللغات الأجنبية وتحديد مستوى الطلبة، تُقيّم اللغة العربية الحديثة حسب المستويات الستة للإطار المرجعي الأوروبي المشترك للغات (CECRL) وهي: A1, A2, B1, B2, C1, C2.

وهي أوّل اختبار خاضع لدراسات علمية دقيقة يسمح بالحصول على شهادة تقيّم قدرة الشخص على التواصل باللغة العربية، وبتحسين وتطوير تعليم اللغة العربية كلغة أجنبية في جميع أنحاء العالم.

وتتوجه الشهادة لكل من يود الحصول عليها ابتداء من سن الخامسة عشرة، ولكل الراغبين، لأسباب مهنية أو شخصية، في تحديد مستواهم من خلال اختبار علمي وجدّي، وتقييم كفاءاتهم في الفهم والتعبير اللغويين، فضلا عن تصديق مؤهلاتهم في اللغة العربية.

وهي معتمدة في المدارس والمراكز والمعاهد الفرنسية في الخارج، وفي الجامعات والمدارس العليا التي تحتاج إلى تحديد مستوى طلابها أو الراغبين في الالتحاق بصفوفها، وكذلك في الشركات التي تودّ معرفة مستوى اللغة العربية لتشغيل موظفيها الجدد أو تصديق دوراتهم التأهيلية داخل الشركات نفسها.

وكما هو معمول به في سائر اللغات العالمية، فإنّه يتم تقييم الكفاءات اللغوية الأربع الضرورية للتواصل، وهي الفهم الشفهي، الفهم الكتابي، التعبير الكتابي، التعبير الشفوي.

ويتلقى جميع الممتحنين نتائج الاختبار، فيما يحصل الذين يحوزون على مستوى A1 فما فوق، على شهادة رسمية تثبت مستواهم، مع العلم أنّ مدة صلاحية الشهادة هي 3 سنوات.

ويتم إجراء امتحان “سمة” في معهد العالم العربي في باريس أو في أحد مراكزه المعتمدة في أوروبا والعالم العربي.

الترويج للغة العربية يتجسد في جميع أنشطة المعهدِ، خاصة في مركز اللغات والحضارة والذي يضم سنويا ما يزيد عن 1500 طالب من جميع الأعمار والجنسيات

ويعتبر تعزيز اللغة العربية من المهام الرئيسة في النظام الأساسي لمعهد العالم العربي، والترويج لهذه اللغة يتجسد في جميع أنشطة المعهدِ، خاصة في مركز اللغات والحضارة التابع للمعهد، والذي يضم سنويا ما يزيد عن 1500 طالب من جميع الأعمار والجنسيات للدراسة والتحدث والكتابة بالعربية.

ويأتي إطلاق أول شهادة للغة العربية معترف بها من قبل المؤسسات الأكاديمية الدولية، ثمرة لجهود المعهد المتواصلة منذ نحو العامين، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم الفرنسية.

وستكون هذه الشهادة، التي تهم بالدرجة الأولى غير الناطقين بالعربية، وأبناء الجاليات العربية في المهجر، معتمدة كذلك لتحديد المستوى اللغوي لمن يختار من طلبة المدارس الفرنسية دراسة اللغة العربية لغة أجنبية ثانية، إذا لم يتوفر مدرسون لتدريس اللغة العربية في بعض المدارس، حيث بإمكان اعتماد هذه الشهادة معيارا لنجاح الطلبة في لغة أجنبية ثانية.

وأكد الدكتور معجب الزهراني، مدير معهد العالم العربي، في تصريحات لـِ”العرب” أنّ “مركز اللغة والحضارة في المعهد عمل على إعداد مناهج لغوية عربية خاصة تخضع للمعايير الأوروبية الموحدة في تعليم اللغات”، مؤكدا أهمية منح شهادة تقييم المستوى في اللغة العربية لتكون معتمدة لدى كافة المؤسسات وجميع الدول، إذ لم تكن توجد إلى اليوم جهة مرجعية معتمدة لإسناد مثل هذه الشهادات، على غرار شهادات تعليم اللغتين الإنكليزية والفرنسية، وحتى الأزهر والجامعات ومؤسسات التعليم في العالم العربي لا تصدر مثل هذه الشهادة.

يُذكر أن وزارة التربية والتعليم في فرنسا باشرت في الموسم الدراسي 2018 – 2019 بإدراج اللغة العربية بشكل رسمي في المناهج الدراسية الفرنسية، وأصبح متاحا لطلبة المدارس الرسمية اختيار اللغة العربية، لغة أجنبية ثانية، بنفس درجة وأهمية اللغتين الإسبانية والإيطالية، فيما تدرس الفرنسية بشكل إجباري، مع اختيار إما الإنكليزية وإما الألمانية، لغة أجنبية أولى.

ولا يقدم معهد العالم العربي للراغبين في تعلم لغة الضاد، دورات اعتيادية لمعرفة أساسيات اللغة، بل بإمكانه منح شهادة دبلوم الاختصاص الوطني باللغة العربية لمن يصل إلى مستويات متقدّمة وفق الإطار الأوروبي المرجعي العام للغات CEFR الخاص بالتحقق من القدرة والكفاءة اللغوية.

ويعترف بشهادات اللغة العربية التي يمنحها المعهد، في المدارس والجامعات الفرنسية، حيث أن شهادة الدبلوم في العربية DCL مسجلة في اللجنة الوطنية للشهادات المهنية الفرنسية منذ 2015، وفي القائمة الوطنية المشتركة للتوظيف والتدريب.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: