الشارع الجزائري يفرض حصارا على حكومة نورالدين بدوي

تواصلت الاحتجاجات الشعبية في الجزائر ضد السلطة الانتقالية، عبر سلسلة من الإضرابات والوقفات في الجامعات والمرافق الحكومية، وبعض المقار الرسمية للتعبير عن تمسك الشارع برفض استمرار رموز السلطة في مؤسسات الدولة، والتأكيد على مطالب الحراك الشعبي الداعية إلى الرحيل الكلي للنظام.

واضطرت الوفود الحكومية التي نزلت إلى الميدان نهاية هذا الأسبوع، إلى قطع أو اختصار زياراتها التفقدية في بعض المحافظات، تحت ضغط محتجين شددوا على القطع مع حكومة نورالدين بدوي، ورفض نزول أي عضو منها إلى مدنهم أو محافظاتهم.

ووجد وزير الطاقة والمناجم نورالدين عرقاب الأحد، نفسه في مواجهة حشود اجتمعت في محيط مطار مدينة تبسة الحدودية، لمنعه من استكمال زيارته للمحافظة، وردد المحتجون شعارات وهتافات مناوئة للحكومة وللسلطة.

ومن أقصى الحدود الشرقية للبلاد، عاشت الحكومة سيناريو مماثل في اليومين الأخيرين بمحافظة بشار في أقصى الحدود الجنوبية الغربية، حيث منع محتجون وزير الداخلية والجماعات المحلية صلاح الدين دحمون، من تنفيذ برنامجه، واكتفى بمحطات محدودة في كل من بشار وبلدة تاغيت، بسبب الاحتجاجات التي اندلعت ضده.

وأكدت الاحتجاجات الرافضة لأعضاء الحكومة، في مختلف مدن ومحافظات الجمهورية، على انتقال الحراك الشعبي إلى آلية جديدة، للتضييق على الحكومة، وإحراجها أمام الرأي العام، بكونها الحكومة الأكثر فشلا ورفضا من طرف الشارع، في تاريخ الحكومات المتعاقبة على البلاد.

وبات العمل الميداني أكبر تحد أمام حكومة نورالدين بدوي، بسبب الرفض الشعبي المتنامي ضدها، حيث منع أعضاؤها في العاصمة وبشار وتبسة، من ممارسة نشاطهم العادي واضطرتهم الاحتجاجات إلى التواري عن الأنظار، وهو ما يضعها في موقف حرج قد يعصف بها قريبا تحت ضغط الحراك الشعبي.

ونفذ طلبة الجامعات الأحد، إضرابات ووقفات احتجاجية داخل أسوار عدد من الجامعات والكليات، كما هو الشأن بالنسبة لباب الزوار وبن يوسف بن خدة بالعاصمة، وتبسة والأغواط والبويرة وتيزي وزو.. وغيرها.

كما رفض تلاميذ المعاهد الثانوية في عدد من المدن الالتحاق بمقاعد الدراسة، تعبيرا منهم عن التضامن مع الحراك الشعبي، وعن الانخراط في الهبة الشعبية المطالبة برحيل السلطة، لاسيما بعد تعرض محتجين بالعاصمة إلى ممارسات قمعية، في أعقاب نهاية مسيرة الجمعة الماضي.

وشهدت عدة مؤسسات حكومية في الوظيفة العمومية والنشاط الاقتصادي، إضرابات مستمرة لعدة أيام، بحسب نداءات وجهت على شبكات التواصل الاجتماعي، لـ”شل المؤسسات الحكومية مع الحفاظ على النشاطات الأساسية كالصحة والتموين بشكل عادي”.

وكان إضراب عمال محطة ضخ الغاز بحاسي الرمل في محافظة الأغواط الجنوبية، أكبر الإضرابات اللافتة، حيث عبر العمال والفنيون عن شل المحطة، تضامنا مع مطالب الحراك الشعبي في رحيل السلطة القائمة، ليكون بذلك ثاني إضراب في المؤسسة الناشطة في قطاع النفط.

Thumbnail

وبالموازاة مع ذلك دخل المحامون في إضراب عن العمل لمدة أربعة أيام، بداية من الاثنين، احتجاجا على استمرار عمل السلطة الانتقالية وعدم الاستجابة لمطالب الشارع المنتفض منذ الـ22 من شهر فبراير الماضي.

وفي خطوة تزيد من متاعب وضع حكومة بدوي، شرع رؤساء بلديات في محافظة تيزي وزو، في اتصالات أولية لإعلان مقاطعتهم لتأطير الانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع من شهر يوليو القادم، لينضافوا بذلك إلى قرار القضاة المعلن.

وفي ما توقع الإعلامي والناشط في الحراك الشعبي إيدير دحماني،  صدور عرض سياسي جديد من السلطة خلال هذا الأسبوع، يستمر الغموض السياسي في البلاد، حيث لا زالت السلطة الانتقالية وقيادة المؤسسة العسكرية تلتزمان الصمت، تجاه صمود الشارع، لاسيما في أعقاب الانتقادات التي لحقتها جراء تعنيف قوى أمنية للمتظاهرين في المسيرة المليونية الثامنة.

وحمّل ناشطون في الحراك وقادة سياسيون في أحزاب المعارضة، حكومة نورالدين بدوي، مسؤولية أي انزلاق، جراء الممارسات القمعية العشوائية المسجلة الجمعة الماضي، وكرروا دعواتهم لقائد أركان الجيش الجنرال قايد صالح، إلى الالتزام بالعهود التي قدمها في السابق، لاسيما إرفاق تنفيذ البندين السابع والثامن، مع البند 102 من الدستور.

ووجه رئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس، أصابع الاتهام إلى من أسماهم بـ”القوة غير الدستورية”، بالسعي إلى اختراق الحراك الشعبي وكسره من الداخل.

ووصف بن فليس مؤسسات السلطة الانتقالية بـ”الفاشلة”، ودعا المؤسسة العسكرية إلى تسهيل الانتقال ونقل السلطة للشعب.

ونفذ الآلاف من أفراد الجالية الجزائرية في سويسرا والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وكندا، وقفات احتجاجية في أماكن رمزية تقابل مقار السفارات وساحة الأمم المتحدة، للتعبير عن تضامنهم مع الحراك الشعبي، وانخراط الجالية في الهبة الشعبية ضد السلطة القائمة.

الجزائر تخشى عمليات تهريب للأموال

و قد  أعلنت وزارة المالية الجزائرية استحداث خلية يقظة لتشديد مراقبة ومتابعة تحويل الأموال إلى الخارج، ما يعكس خشية من عمليات مشبوهة تزامنا مع الحراك الشعبي الذي تعيشه البلاد منذ شهرين. وأسندت للخلية مهمة التحقق من عمليات تحويل الأموال بالعملة الصعبة (النقد الأجنبي) من طرف البنوك ومدى مطابقتها لقانون الصرف المعتمد من المركزي الجزائري.

ووفق البيان ذاته ستركز خلية اليقظة على مراقبة 3 أنواع من عمليات تحويل النقد الأجنبي من الجزائر نحو الخارج. وتتعلق الحالة الأولى بعمليات استيراد السلع والخدمات، والثانية بالتحويلات المتعلقة باستثمارات لشركات جزائرية بالخارج. أما الحالة الثالثة فتخص تحويل الأرباح المتأتية من استثمارات مباشرة بالجزائر لشركات أجنبية. ولا يسمح التنظيم الجزائري إلا بإخراج ما يعادل 7500 دولار أميركي نقدا للشخص الواحد عبر المنافذ الحدودية للبلاد.

وقبل أسابيع دعا اتحاد المحامين السلطات إلى تشديد الرقابة وفتح تحقيقات في عمليات تحويل أموال مشبوهة لرجال أعمال ومقربين من الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة. ورد المركزي الجزائري مفندا وجود تزايد عمليات تحويل أموال بالعملة الصعبة إلى الخارج تزامنا والحراك الشعبي الذي تعيشه البلاد منذ 22 فبراير الماضي. وأعلنت السلطات اتخاذ إجراءات احترازية بحق عدد من رجال الأعمال المقربين من الرئيس المستقيل وعائلته. ونهاية مارس الماضي، تم توقيف رجل الأعمال علي حداد، أحد أبرز ممولي حملة بوتفليقة للرئاسيات الملغاة عندما كان يهم بمغادرة البلاد في معبر حدودي مع تونس. كما منعت السلطات سفر رجال أعمال ومقربين من الرئيس السابق.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: