العرب ينقذون أحزابا إسرائيلية في انتخابات الكنيست
لعب الناخبون من عرب إسرائيل دورا حاسما في إنقاذ أحزاب إسرائيلية على غرار حزب ميرتس اليساري، وتمكينها من تجاوز عتبة الحسم لدخول الكنيست، في مقابل ذلك عاقبوا الأحزاب العربية بسبب أدائها الهزيل خلال الأربع سنوات الماضية.
ويعكس تصويت ما يقرب عن 123 ألف شخص من عرب إسرائيل لصالح “ميرتس” وأيضا تحالف “أبيض أزرق” بقيادة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق بيني غانتس تغيرا صادما في الذهنية العربية داخل إسرائيل.
ويربط كثيرون الأمر الذي وصفه أحد المحللين بـ“الزلزال” بحالة الإحباط من الأحزاب العربية، والرغبة في خلق حالة من التوازن بين القوى الإسرائيلية المحسوبة على اليسار والوسط وبين اليمين الإسرائيلي الذي يتعاطى بمنطق عنصري مع الأقلية العربية.
وانخفض تمثيل الأحزاب العربية في انتخابات الكنيست الواحد والعشرين بثلاثة نواب عما كان عليه في الكنيست المنتهية ولايته، ما قد ينعكس على تمثيلهم في الوزارات الإسرائيلية وفي محافل أخرى وصلوا إليها بصفتهم ممثلين عن الأقلية العربية.
ويرى مراقبون أن أحد الأسباب الرئيسية لهذا التراجع هو عجز تلك الأحزاب عن تشكيل قائمة مشتركة، بسبب الانقسامات في ما بينها. حيث خاضت الاستحقاق في قائمتين تضمان أربعة أطر سياسية.
وبحسب النتائج التي نشرتها لجنة الانتخابات المركزية، حصلت الأحزاب العربية على عشرة مقاعد من أصل 120. وكانت خاضت الانتخابات السابقة بقائمة مشتركة ونجحت في إيصال 13 نائبا إلى البرلمان.
وحصلت قائمة “الجبهة والعربية للتغيير” على ستة مقاعد. والقائمة كناية عن تحالف بين الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة التي يشكل الحزب الشيوعي العمود الفقري فيها، وهي أكبر كيان سياسي للعرب في إسرائيل.
وسيدخل الكنيست من هذه القائمة كل من أيمن عودة رئيس القائمة المنتمي إلى الجبهة، وأحمد الطيبي رئيس حزب العربية للتغيير، وعايدة توما (جبهة)، وأسامة السعدي (العربية للتغيير)، وعوفر كاسيف (الجبهة)، ويوسف جبارين (الجبهة).
أما تحالف “الموحدة والتجمع”، فحصل على أربعة مقاعد، وهو كناية عن تحالف بين الحركة الإسلامية الجنوبية مع حزب التجمع الديمقراطي، وهو حزب قومي عربي أسسه عزمي بشارة ويرأسه حاليا جمال زحالقة. وسيدخل الكنيست منها، منصور عباس ومطانس شحادة وعبدالحكيم حاج يحيى ووهبة يزبك.
وبحسب المحلل عاص الأطرش فقد انخفضت نسبة التصويت بين العرب من نحو 64 بالمئة في 2015 إلى 50.4 بالمئة.
وخسر العرب نحو 130 ألف صوت عما حصلوا عليه في 2015، وصبت هذه الأصوات في رصيد الأحزاب الصهيونية، وهي تمثل نسبة 29.7 بالمئة.
وشعرت الأحزاب العربية الوطنية في يوم الانتخابات، مساء الثلاثاء، بخطر عدم اجتياز نسبة الحسم لدخول الكنيست بسبب تدني نسبة التصويت، فصارت تدعو إلى التصويت بشكل عاجل، وتتحدث عن خطورة الوضع، وانطلقت نداءات عبر المساجد ومكبرات الصوت ووسائل التواصل الاجتماعي، ما ساهم في ارتفاع نسبة التصويت.
ورفعت إسرائيل عام 2015 نسبة الحسم (الحد الأدنى من أصوات الناخبين لدخول الكنيست) إلى 3.25 بالمئة، حتى لا تعبر الأحزاب العربية بسهولة إلى الكنيست.
ويقول الأطرش “خسر العرب ما بين أربعة إلى خمسة مقاعد كان من الممكن أن يحصلوا عليها لو كانوا في قائمة مشتركة”.
وأضاف “ذهبت أصوات كثيرة من المشتركة إلى حزب ميرتس”، لأن طروحاته قريبة من الأحزاب العربية من الناحية الاجتماعية، وهو ضد قانون القومية الذي ينص على أن إسرائيل دولة قومية يهودية.
وتابع أن العرب صوتوا أيضا لتحالف “كحول لفان” (أزرق أبيض) بقيادة غانتس، على أمل تغيير بنيامين نتنياهو من رئاسة الحكومة.
ويبلغ عدد الناخبين ستة ملايين و335387، ووصل عدد الذين شاركوا في الاقتراع إلى أربعة ملايين و335320 بينها 30756 صوتا ملغاة. وعلى كل قائمة أن تجتاز أكثر من 139 ألف صوت.
وقالت رئيسة حزب “ميرتس” تامار زاندبرغ التي حصل حزبها على أربعة مقاعد لصحيفة “هآرتس” الخميس إن “الناخبين العرب أنقذوا حزبي، لقد حصلنا على قرابة 40 ألف صوت منهم”.
ويشكل الفلسطينيون العرب الذين بقوا على أرضهم بعد قيام الدولة العبرية عام 1948 حوالي خمس سكان إسرائيل، ويحق لهم الاقتراع والترشح.
وأبقت نتائج انتخابات الثلاثاء نتنياهو الذي حصل على 36 مقعدا في موقع قوي لتسلم ولاية خامسة، إذ يمكنه الحصول على 65 مقعدا بتحالف مع الأحزاب الصغيرة اليمينية المتطرفة والدينية، ومنها حزب يعدّ على نطاق واسع عنصريا لأنه من أتباع الراحل مئير كاهانا.
وأقرّ بيني غانتس الذي حصل تحالفه على 35 مقعدا الأربعاء بهزيمته.
ونجحت أول امرأة درزية بدخول الكنيست، وكانت مرشحة على قائمة غانتس، وهي الإعلامية غدير كمال مريح (34 عاما).
واختار غانتس امرأة درزية في محاولة لاسترضاء الدروز، خصوصا بعد أن أثار حزب الليكود غضبهم بإقراره قانون القومية. والدروز هم الوحيدون بين عرب إسرائيل الذين يؤدون الخدمة العسكرية الإلزامية، ويبدون أكثر تأقلما بشكل عام في المجتمع الإسرائيلي من أفراد الديانات الأخرى غير اليهودية.
وقال المحلل الصحافي حسين سويطي “سيتأثر العرب في مواجهة الائتلاف الحكومي كقائمتين منفصلتين، وسيخسرون في الحصول على حقوق في الوزارات وفي تحصيل ميزانيات للمجالس المحلية والبلدية العربية”.
وأضاف “نحن أمام حكومة قادمة ستكون أكثر تطرفا وعنصرية وفاشية من الحكومة السابقة”.
ووصف عضو الكنيست السابق إبراهيم صرصور نتائج الانتخابات بـ“الزلزال” واقترح على القائمتين العودة إلى الجماهير وإعادة الثقة بينهما ومعالجة الأضرار وبناء ما انهدم من جديد.
وقال “خسرنا ‘المشتركة’ التي أدخلتنا إلى المجتمع الدولي من أوسع الأبواب، كمجموعة قومية”، مشيرا “إلى أن إسرائيل مقبلة على مرحلة سوداء ستتغير فيها الجغرافيا والديموغرافيا داخليا وفلسطينيا”. وتساءل “هل سيسامحنا مجتمعنا بعد؟”.