البريكست يعزل الرئيس الفرنسي عن الساحة الأوروبية
أثناء الاجتماع الذي عقد الأربعاء في بروكسل، حدد أعضاء الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرين موعدا لخروج المملكة المتحدة. وفشل إيمانويل ماكرون في فرض مهلة قصيرة على بريطانيا الأمر الذي يمثل نكسة للرئيس الفرنسي حيث رجحت الكفة إلى الموقف الأكثر مرونة مع لندن.
لم يمثل إيجاد تسوية بين أعضاء الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرين ليلة الأربعاء في بروكسل أمرا سهلا. فعلى مدار أسابيع، كان إيمانويل ماكرون صاحب أقوى موقف تجاه خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قد طلب تأجيله إلى 30 يونيو. وفي الوقت نفسه، دافعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن فكرة تمديد فترة أطول قد تصل حتى نهاية العام، أو لسنة واحدة كما اقترح رئيس قمة الاتحاد الأوروبي، دونالد تاسك.
وتبدو ميركل أكثر “اعتدالا” من ماكرون، متمنّية تقديم أكبر قدر من المرونة للندن. وقد أعلنت أنها تُفضّل إرجاء بريكست إلى ما بعد 30 يونيو القادم، مبدية خشيتها من أن يفرض إرجاء قصير جدا على الاتحاد الأوروبي الاهتمام “بالمسألة نفسها كل أسبوعين”.
وبعد نقاش طويل، اختار القادة الأوروبيون حلا وسطا. لن يكون التمديد طويلا ولن يكون قصيرا أيضا. وقال دونالد تاسك، رئيس المجلس الأوروبي، إن زعماء دول الاتحاد السبع والعشرين وافقوا على تأجيل خروج بريطانيا في 31 أكتوبر.
في الجلسة المغلقة للمجلس، واصل إيمانويل ماكرون التماس تمديد قصير لا يتجاوز 30 يونيو القادم، قائلا إن هذا هو السبيل الوحيد لإبقاء الضغط وحماية عمل المؤسسات الأوروبية
واعتبرت الكاتبة الفرنسية في صحيفة لوفيغارو آن روفان أن هذا القرار يمثل فشلا لماكرون الذي “يعزل نفسه على الساحة الأوروبية”، مضيفة أن ليلة الأربعاء مثّلت نكسة خطيرة لماكرون الذي رأى نفسه عضوا متميزا في الاتحاد الأوروبي منذ وصوله إلى السلطة، لكنه وجد نفسه في اجتماع بروكسيل الأخير يغرد خارج سرب الأغلبية التي مالت لصالح التمديد الطويل، بما في ذلك الشريك الألماني.
ولا يمكن لإيمانويل ماكرون أن يتجاهل ميل رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود جونكر نحو هذا الخيار أيضا. طغى التوتر على المحادثات بين الدول الأعضاء. وكان الحوار “صعبا”، على حد تعبير جان كلود جونكر. في الجلسة المغلقة للمجلس، واصل إيمانويل ماكرون التماس تمديد قصير لا يتجاوز 30 يونيو القادم، قائلا إن هذا هو السبيل الوحيد لإبقاء الضغط وحماية عمل المؤسسات الأوروبية.
وتقول روفان “على نحو غير عادي، أشار دونالد تاسك إلى ذلك القرار بصوت عال، كما لو أنه أراد إظهار عزلة فرنسا”. وتنقل عن مصدر أوروبي أن المستشارين الرئاسيين يشعرون بتراجع الاهتمام بما يصدر عن الإليزيه. ويكفي القول إن إحاطة الإليزيه قد أخطأت في المرحلة الحادية عشرة. لقد ساهمت استراتيجية الضغط الأقصى في عزل الرئيس الفرنسي تماما.
ويقول مسؤول في الاتحاد الأوروبي “أراد ماكرون استخدام معضلة خروج بريطانيا لإحداث الكثير من الضجيج”. ويقول مصدر أوروبي آخر “لم يربح ماكرون الكثير من الأصدقاء. لا يجب أن يخلط بين النهضة الأوروبية وبريكست. فخروج بريطانيا يضعف الاتحاد الأوروبي على أي حال”.
وتؤكد آن روفان أنه رغم بعض الإجراءات المتشددة التي فرضت على بريطانيا والتي تحفظ ماء وجه ماكرون، إلا أن القمة ستترك آثارا في المستقبل على “الديغولي” الشاب.